منذ أيام قليلة كانت الجلسة الحكومية مجرّد تمنيات بالنسبة الى الكثيرين من اللبنانيين. اليوم، وبعد الدعوة اليها الإثنين المقبل، أصبحت واقعاً يجب التعاطي معه من زاوية الأولويات والأمور الحياتية الملحة فقط، وبعيداً كل البعد عن منطق المناكفات السياسية وتسجيل النقاط لهذا الفريق السياسي على ذاك أو بالعكس.

صحيح أن جدول الأعمال الذي وزّع على الوزراء والمؤلف من 56 بنداً، يتضمن أموراً ملحّة وعلى رأسها الموازنة العامة وخطّة التعافي الإقتصاديّة، وصحيح أيضاً أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، أضاف الى هذين البندين الأساسيين، قضايا لم تعد تحتمل المزيد من التأخير لإقرارها كونها تشلّ سير العمل داخل المؤسسات والإدارات العامة، لكن ما لم يتضمّنه جدول أعمال جلسة الإثنين وهو من الأمور الأكثر إلحاحاً، هو البند المتعلق بمصير نفايات كسروان والمتن الشمالي وجزء من بيروت، عندما يصل مطمر الجديدة الى قدرته الإستيعابية القصوى في منتصف أو آواخر شباط كحد أقصى.

المعلومات من داخل السراي الحكومي تفيد بأن ميقاتي يضع هذا البند الملحّ على جدول أعماله، وهو يعقد إجتماعات كثيرة لمحاولة إيجاد حلّ لمشكلة النفايات المرتقبة، أكان مع المسؤولين في مجلس الإنماء والإعمار أو مع وزيري البيئة ناصر ياسين والمال يوسف خليل أو مع نواب المتن الشمالي كون القضية تخصهم أكثر من غيرهم، على إعتبار أن المطمر الحالي يقع ضمن نطاق قضائهم الجغرافي لا في كسروان ولا في بيروت، ولأن أيّ حلّ سريع للمشكلة لا يمكن أن يبدأ إلا من خلال توسعة جديدة لمطمر الجديدة الحالي كل ذلك لأنّ إنشاء مطمر جديد والإتّفاق بين الأفرقاء على الموقع بعد إيجاد هذا الموقع طبعاً وعدم تطييف ومذهبة القضيّة على قاعدة "كل واحد يكبّ زبالتو بمنطقتو"، هي من الأمور شبه المستحيلة في هذا الظرف الدقيق.

مصادر متابعة للملف تعتبر أن ميقاتي يدرك خطورة الوضع، وهو يعرف أن المشكلة تُحلّ بقرار من مجلس الوزراء حتى ولو كانت على طريقة الترقيعات السابقة ولسنة ونصف السنة فقط، كما أنّه قد تبلغ تقنياً وبحسب تقارير المتعهد أي شركة خوري للمقاولات، بأن إمتلاء الخليّة الأخيرة في مطمر الجديدة لا يعني إلا عودة النفايات الى الشوارع خلال أقلّ من شهرين، غير أنّ ما دفعه الى عدم إدراج بند النفايات على جدول أعمال جلسة الإثنين المقبل، هو تقديره بأنّ هذا البند خلافي بإمتياز ويمكن أن يخضع طرحه الحكومة لإمتحان هي بغنى عنه في الجلسة الأولى التي تعقدها بعد شلل دام لأكثر من شهرين، لذلك فضّل تأجيل الملفّ الى جلسة لاحقة، وهنا يعلق مصدر متابع للملف عبر "النشرة"، بالقول، "على رئيس الحكومة أن يتنبه الى عامل الوقت والى أنه لا يملك ترف التأجيل كثيراً، لأنّ المتعهّد الحالي أو أيّ متعهد آخر، سيكون بحاجة الى حوالي شهرين من الأعمال على الأرض (من دون إحتساب المناقصات ومُهلها وفضّ العروض والتلزيم إذا قرر مجلس الوزراء إجراء مناقصة جديدة لا تكليف المتعهد الحالي بالأعمال) كي يتمكن من تجهيز أول خليّة جديد لإستقبال النفايات الجديدة.

إذاً، كارثة النفايات آتية، فهل يستدرك مجلس الوزراء الأمر ويمنع تكرار سيناريو العام 2015؟.