قبل أشهر قليلة من موعد ​الانتخابات النيابية​، قد يكون من المفيد العودة إلى بعض الأرقام التي أفرزتها دورة العام 2018، نظراً إلى أهمية الأمر في فهم واقع أساسي على مستوى القانون، كان من الممكن أن يقود إلى نتائج مختلفة فيما لو تم التنبه إليه حينها.

في هذا التقرير سوف نركز على عاملين أساسيين: الأول يتعلق بتوعية الناخبين على كيفية الإقتراع، لا سيما أن عدد الأوراق الباطلة في الدورة الماضية كان كبيراً، أما الثاني فهو عدد الأصوات التي لم تحتسب عند توزيع المقاعد النيابية، بسبب عدم وصول بعض اللوائح إلى عتبة الحاصل الإنتخابي.

بالنسبة إلى الأوراق الباطلة، التي تتحمل مسؤولية إرتفاع عددها الماكينات الإنتخابية، مع العلم أن العدد كان متوقعاً على إعتبار أنها كانت المرة الأولى التي يطبق فيها القانون الجديد، وبالتالي من المفترض أن تتراجع في الدورة المقبلة، فهي بلغت 38909.

وتوزعت على الشكل التالي: ​بيروت​ الأولى: 1048، بيروت الثانية: 3972، زحلة 2414، ​البقاع الغربي​ وراشيا: 1745، زحلة: 2414، ​بعلبك​ الهرمل: 3199، عكار: 3535، ​طرابلس​ والمنية والضنية: 5340، الكورة و​البترون​ و​بشري​ وزغرنا: 2015، صيدا وجزين: 1608، صور الزهراني: 2960، النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا: 2775، جبيل وكسروان: 1984، المتن: 2044، بعبدا: 1585، ​الشوف​ وعاليه: 2683.

بالعودة إلى الحاصل الإنتخابي الأعلى، الذي كان في دائرة النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا (20526)، وإلى الحاصل الإنتخابي الأدنى، الذي كان في دائرة بيروت الأولى (5458)، يكون الحاصل الانتخابي الوسطي الافتراضي 12992، وبالتالي فإن الأوراق الباطلة تمثل 2.99، أي أنها قادرة على إيصال 3 نواب.

من وجهة نظر الباحث في الدولية للمعلومات ​محمد شمس الدين​، هذا الرقم من المرجح أن يتراجع في الدورة المقبلة، نظراً إلى أن المواطنين باتوا يدركون أكثر طبيعة ​القانون الانتخابي​، من دون تجاهل تراجع نسبة الإقتراع في بعض الدوائر في الوقت نفسه، لكنه يؤكد أن هناك مسؤولية كبيرة على الماكينات الإنتخابية في التوعية.

أما بالنسبة إلى عدد الأصوات التي لم تحتسب عند توزيع المقاعد النيابية، بسبب عدم وصول بعض اللوائح إلى عتبة الحاصل الإنتخابي، فقد جاءت على الشكل التالي: بيروت الأولى: 1366 (الحاصل: 5458)، بيروت الثانية: 16922 (الحاصل: 13075)، زحلة: 12484 (الحاصل: 13095)، البقاع الغربي وراشيا: 1546 (الحاصل: 11080)، بعلبك الهرمل: 10014 (الحاصل: 18706)، عكار: 21692 (الحاصل: 19058)، طرابلس والمنية والضنية: 21090 (الحاصل الانتخابي: 13310)، البترون والكورة وزغرتا وبشري: 3160 (الحاصل: 11579)، صيدا وجزين: 6238 (الحاصل الانتخابي: 13147)، صور والزهراني: 11481 (الحاصل الانتخابي: 21043)، النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا: 30584 (الحاصل الانتخابي: 20526)، كسروان وجبيل: 15077 (الحاصل الانتخابي: 14452)، المتن: 5027 (الحاصل الانتخابي: 11300)، بعبدا: 10760 (الحاصل الانتخابي: 13077)، الشوف وعاليه: 31145 (الحاصل الانتخابي: 13125).

بالمقارنة مع الحواصل، فإن عدد الدوائر التي فاق فيها عدد الأصوات التي لم تحتسب عند توزيع المقاعد بلغ الحاصل 6: بيروت الثانية، عكار، طرابلس والمنية والضنية، النبطية وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا، كسروان جبيل، الشوف وعاليه، في حين أن مجموع الأصوات التي لم تحتسب على مستوى كل الدوائر هو 198854.

في هذا السياق، يتبين أن الدوائر التي فاق فيها عدد الأصوات الملغاة الحاصل، كان فيها أكثر من لائحة تنافس من دون قدرة أي منها على تأمين الحاصل، الأمر الذي قد يتبدل فيما لو كانت موحدة أو متحالفة مع بعضها البعض، وهو ما يجب أن تتنبه إليه جيداً القوى التي تعلن أنها تمثل "الثورة"، نظراً إلى أن وجود أكثر من لائحة في كل دائرة قد يعني في الكثير من الأحيان الخسارة.

بالنسبة إلى شمس الدين، المشكلة في هذا المجال تكمن بأن القانون الانتخابي يعتمد معيار الحاصل الانتخابي (المتوسط بين 10 و12%)، الذي يستبعد الأحزاب أو القوى الصغيرة، بينما في معظم الدول يتم إعتماد ما يعرف بالعتبة الإنتخابية التي تتراوح بين 2 و5%، الأمر الذي من المفترض أن يفرض نفسه في ظل الظروف الراهنة على مستوى التحالفات.