لم تأت استقالة عضو المكتب السياسي السابق في حزب الكتائب اللبنانية، والرئيس السابق لاقليم كسروان-الفتوح شاكر سلامه الذي سبق أن ترشح عن الحزب في دورتي العام 2000 والعام 2018، الا لتؤكد المنحى الانحداري الذي تعاني منه الكتائب في غير منطقة من لبنان.

لا أحد يستطيع الإجابة حتى الساعة عن السبب الذي دفع مثلا أن يقرر الرئي السابق امين الجميل ونجله الشهيد بيار ترشيح رجل الاعمال اسكندر رزق في العام 2005، وهو غير كتائبي، ما أدّى إلى بلبلة وتململ في صفوف الكتائبيين الذين رفضوا هذا الإسقاط غير المبرر، ما دفع بقسم منهم إلى عدم المشاركة في الانتخابات او الاقتراع لمصلحة مرشح القوات او للعماد ميشال عون الذي عاد لتوه من باريس بعد نفي قسري إليها بعد عملية ١٣ تشرين 1990.

ويعتبر الكتائبيون اليوم ان المسألة نفسها تتكرر مع سليم الصايغ الذي يتردد انه نقل نفوسه من بيروت إلى بلدة حيّاطه التي تضم عائلة كبيرة تحمل هذا الاسم، كما نقل رفاة والديه إليها بعدما ابتاع مقبرة. وهو يعرف ان المهمة شاقة ولا يعرف القاعدة الكتائبية، فهو ينشط كثيرا ويتحرك في كل اتجاه. لكن القاعدة لم تهضم ذلك على الرغم من أن رئيس حزب الكتائب سامي الجميل وفق في إيجاد مكان له على لائحة المرشح القويّ نعمت افرام، الذي تسبب له هذا القرار باحراجات أمام العديد من مفاتيحه واصدقائه والعديد من الكتائبيين المنكفئين الذين صوتوا إلى جانبه في الدورة السابقة .

في اي حال ان كتائب كسروان-الفتوح التي كانت عصبا نابضا للحزب وفرض وجودها مع لويس ابو شرف على المشهد النيابي منذ العام 1960 وحتى استشهاده بشظية قذيفة في منتصف الثمانينيات، تعاني حالا من التراجع ، فمن أصل 41 قسما كتائبيا هناك مابين 12 و15 قسما يعملون بانتظام وشيء من الفاعلية، وباقي الأقسام تعمل بالحد الادنى، ومنها من يفتقد إلى لجان تنفيذية لعجز رؤسائها المعينين عن تشكيل لجان، ومنها ما دمج بقسم آخر ومنها ما اقفل. وذلك بعدما كانت تنبض بالنشاط وتفرض نفسها على الحياة العامة في هذه المنطقة.

يتحرك الصايغ في منطقة لا يعرفها تماما من دون مؤازرة فاعليات كتائبية ابتعدت عن الحزب واستقالت او انكفأت و"حردت". يذكر أن هناك كتائبيين لم تعد لهم أيّ علاقة نظاميّة او سيّاسية بالحزب أمثال سجعان قزي الذي كان نائبا لرئيس الحزب، فرئيسا لاقليم كسروان-الفتوح، وكمرشح للنيابة في دورة 2009، ووزيرا عن الكتائب في حكومة تمام سلام، وجورج كسّاب الذي كان رئيسا للاقليم، وعضوا في المكتب السياسي، فنائبا معينا بعدما تقرر في الطائف رفع عدد النواب، وجوزف لويس توتونجي عضو المكتب السياسي ورئيس الاقليم سابقا ومرشح الحزب إلى الندوة البرلمانية في العام 1996، وجوزف القصيفي عضو المكتب السياسي سابقا ورئيس المجلس الاعلامي السابق في الحزب، وهو استقال وانقطع كليا عن أي نشاط سياسي منصرفا إلى العمل النقابي وهو انتخب لمرتين على رأس نقابة المحررين. إلى ذلك هناك حالة عائلة ابو شرف: جوزف ومارون ولكل منهما حيثية داخل القاعدة الكتائبية في كسروان-الفتوح، وسبق أن ترشحا إلى النيابة وحصل كل منهما على نسبة محترمة من الأصوات. اما شقيقهما شرف فلم يكترث بالعمل الحزبي ولا يزال يحمل في قلبه غصّة فصل والده لويس من الحزب في عهد امين الجميل، وانصرف الى العمل النقابي في نقابة الاطباء التي انتخب على رأس هرمها. وهناك العديد من الناشطين الذين غابوا عن المشهد الحزبي في كسروان-الفتوح أمثال المحامي غبريال توتونجي، وأبناء نائب رئيس الحزب، وعضو المكتب السياسي، ومدير عام "اذاعة صوت لبنان" الراحل الشيخ سيمون الخازن. واذا أردنا الاسترسال في التعداد تطول السلسلة. لكن استقالة سلامه هي الأكثر وقعا لانه لم ينقطع عن العمل الحزبي يوما، ويعرف كتائبيي المنطقة فردا فردا. وفي ايام رئاسته للاقليم كان عدد بطاقات المنتسبين للكتائب بكسروان-الفتوح 1600 بطاقة، اما اليوم فبالكاد يلامس عدد البطاقات الـ700، ومعدل اعمار هؤلاء مرتفع. ولا توجد احصائية دقيقة عن العدد الذي يستطيع شاكر سلامه أن يستقطبه من كتائبيي كسروان-الفتوح الذين ما فتئوا تحت مظلة قيادة الصيفي، بعدما قرّر أن يترشّح مبدئيًّا مدعوما من يمنى بشير الجميل وبعض المحازبين الحاليين والسابقين.

في اي حال، يستعد كتائبيون سابقون ومنهم فاعليات اجتماعية وبلدية ومهنية اثارة موضوع ضم الصايغ إلى لائحة افرام في لقاءات سيعقدونها مع الاخير. وأن بعضهم ممن تشده إليهم صداقة واحتراما، وسبق أن ناصروه، سيعتذرون منه عن عدم تأييدهم له.

في اي حال ليست الكتائب بكسروان-الفتوح بخير، وملاعبها التي طالما اتسعت لجمهور الحزب، اوصدت دونه في الوقت الذي بدأ يتحول إلى ما يشبه "الكتلة الوطنية" بنسخة كارلوس المنقحة "عيسويا".