لم يكن ينقص الشعب اللبناني، في ظلّ الأزمة الراهنة التي تمرّ بها البلاد، إلا أن ترتفع أسعار الخضار والفاكهة بشكل جنوني. في الماضي، كانت ربّة المنزل تشتري جميع الأصناف... لكنّ الوضع الراهن الذي تمرّ به البلاد غيّر الكثير من العادات وقلّص من حجم المشتريات والاستهلاك أيضاً، وربما وصل إلى حدّ أن العائلة لم تعد تستطيع شراء الا ما هو أقلّ من الضروري...

"النشرة" قامت بجولة على بعض المحال التجارية تستطلع أسعار الخضار، فوجدت أنها متفاوتة بين مكان وآخر مع أمر وحيد يجمعها "الأسعار الجنونيّة" التي تفوق الوصف مع هستيريا الجشع الّتي تملّكت التجّار الّذين لم يكن في قاموسهم أي شيء اسمه ضمير، لأنّه غير موجود لديهم، وهذا التصاعد غير المبرّر حتماً يفوق القدرة الشرائية للمواطن، فمثلاً سعر كيلو الخيار يبلغ حوالي 37 الف ليرة وما فوق، البندورة بحوالي 32 الف ليرة أيضاً، ربطة الفجل، النعنع أو أي نوع من الحشائش 10 الاف ليرة وما فوق، الخسة 18 الف ليرة، باذنجان 40 الف ليرة للكيلو... والسؤال الأساسي هنا "لماذا"؟، لماذا ترتفع الأسعار دفعة واحدة بينما سعر صرف الدولار لا يزال مستقراً منذ أكثر من شهرين ويتراوح ما بين 20 و24 الف ليرة؟!.

لا شكّ أن الأسعار ليست طبيعية ولا بأي شكل من الأشكال. وفي هذا الاطار أشار رئيس تجمّع مزارعي البقاع ابراهيم ترشيشي إلى أن "كل الخضار والفواكه التي ترتفع أسعارها تُزرع على الساحل ضمن البيوت البلاستيكية، وهي بالأيام التي تأتي فيها عواصف وثلوج لا تعطي انتاجاً جيّداً"، مختصراً القول "إذا كان هناك شمس، فالمزروعات تعطي إنتاجاً، بينما إذا غابت بسبب الطقس الممطر لا يمكن أن نتوقّع انتاجًا جيدا، وهذا الأمر يؤدي حكماً الى إرتفاع أسعارها وبشكل كبير".

ويلفت ترشيشي إلى أننا "نحتاج الى حوالي 150 طن من الخيار مثلاً، بينما المحصول كلّه لا يصل إلى 10 أطنان"، مشيراً إلى أنه "في الفترة السابقة كنا نستورد من الاردن، لكن حالياً، وبسبب تراجع العملة العملة الوطنيّة وارتفاع سعر النقل بسبب الضريبة التي يضعها السوريون على البضاعة التي تأتي "ترانزيت"، وأصبح هذا الأمر صعباً جداً، كذلك عندما يكون لدينا نقص في البضاعة نأتي بها من الساحل السوري، الذي بدوره تعرضت فيه المزروعات لاضرار كبيرة نتيجة تردي أحوال الطقس فإرتفعت الأسعار وانعكس الأمر إرتفاعاً في لبنان"، مضيفاً: "حالياً نستورد أكثر من 100 طن خضار من سوريا، في حين أنّ الأيام العادية كان الاستيراد بحوالي 200 إلى 300 طن من المصدر عينه".

في المحصّلة ورُغم كلّ الأوضاع الصعبة لا مبرّر لهذا الارتفاع الجنوني للخضار والفاكهة الذي بات يفوق الوصف، وإذا استمرّت الحال على ما هي عليه بسباق النصب والاحتيال على الناس وسرقتهم من دون حسيب ورقيب قد يتّجه اللبنانيّون للشراء بالحبّة وحسب الحاجة الماسة، إذ لن يعود بمقدور العائلة شراء الحاجيات بالكيلو... فهل تختفي العادات والتقاليد اللبنانية مع كلّ ما يحدث؟!.