قبل أيام قليلة من إقفال أبواب تسجيل اللوائح الإنتخابية بشكل رسمي، برز حضور كل من "​حزب الله​" و​السعودية​ في عمليّات هندسة اللوائح في العديد من الدوائر البارزة، بعد أن كانت المعركة قد تحولت إلى سياسية بالدرجة الأولى، لا سيما مع ذهاب الحزب، إلى جانب "​حزب القوات اللبنانية​"، لرفع مستوى الخطاب السياسي إلى الحدود القصوى.

في هذا السياق، كادت الخلافات بين بعض أفرقاء قوى الثامن من آذار و"​التيار الوطني الحر​" أن تقضي على الجهود التي كان "حزب الله" قد بذلها لمعالجة خلافات التيار مع "حركة أمل"، نظراً إلى أن وجود التيار على لوائح مشتركة مع الحركة كان قد حسم منذ فترة طويلة، الأمر الذي دفع الحزب إلى التحرك سريعاً لمعالجة الوضع.

البداية كانت من اللائحة التحالفية في دائرة الشوف-عاليه، حيث نجحت المفاوضات في تثبيت تحالف كل من "الحزب الديمقراطي اللبناني" و"حزب التوحيد العربي" و"التيار الوطني الحر"، بعد أن كان الخلاف، حول مطالبة "الديمقراطي" و"التوحيد العربي" بإنضمام الوزير السابق ​ناجي البستاني​ إلى اللائحة، من الممكن أن يقود إلى تشكيل لائحتين، الأمر الذي يحرم التحالف الأوسع من فرصة الفوز بمقعد نيابي إضافي.

وتشير مصادر متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن "حزب الله" لعب دوراً أساسياً في الوصول إلى هذه النتيجة، خصوصاً أن الخلاف كان من المحتمل أن يضعه أمام مشكلة توزيع أصواته في هذه الدائرة، مع العلم أن المشكلة كانت قد برزت منذ لحظة حسم الحزب عدم منح أصوات تفضيلية إلى أي مرشح حليف في دائرة بيروت الثانية، الأمر الذي يصب في صالح التيار الذي يراهن على إعادة الفوز بالمقعد الإنجيلي.

بالتزامن، لعب الحزب دوراً بارزاً في معالجة الخلافات التي كانت قد ظهرت بين التيار وجناح "الحزب السوري القومي الإجتماعي" الذي يرأسه ربيع بنات، نظراً إلى تحالف "القومي" مع حزب "الطاشناق" والمرشح ميشال الياس المر كان من الممكن أن يهدد التحالف بينهما في دائرتي عكار والشمال الثالثة (الكورة-البترون-زغرتا-بشري)، لا سيما بعد أن ردّ "القومي"، على قرار التيار بعدم ضمّ مرشحيه في الدائرتين، بالإشارة إلى أنه لن يمنح أصواته إلى لوائح تضم "الوطني الحر" في الدوائر التي ليس لديه مرشحين فيها، خصوصاً في دائرة الشوف-عاليه.

في الضفة المقابلة، كان حزب "القوات اللبنانية" يعاني مجموعة من الأزمات، تبدأ من عدم القدرة على حسم التحالف مع "الحزب التقدمي الإشتراكي" في بعض الدوائر، ولا تنتهي عند الحاجة إلى شركاء له من المرشّحين السنّة في دوائر أخرى، لضمان الوصول إلى الحاصل الإنتخابي، وبالتالي الفوز في مقاعد نيابية.

بناء على ذلك، بحسب المصادر المتابعة، جاء التدخل السعودي لكي ينقذ "القوات"، عبر المساهمة في معالجة الخلاف مع "الإشتراكي"، الأمر الذي يضمن التحالف في الشوف-عاليه وبعبدا، بينما يتم "الطلاق" بينهما في دائرة البقاع الغربي وراشيا، بسبب عدم موافقة النائب محمد القرعاوي على أن يكون ضمن لائحة واحدة مع "القوات".

في الإطار نفسه، يمكن وضع الجهود التي بذلها رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، الذي كان قد تلقى إتصالاً هاتفياً من السفير السعودي في لبنان ​وليد البخاري​ قبل أيام، نظراً إلى أنها نجحت في تأمين حلفاء أقوياء لمرشحي "القوات" في بعض الدوائر، كصيدا-جزين وزحلة وعكار، بينما يتحالف الحزب مع الوزير السابق أشرف ريفي في دائرة طرابلس-المنية-الضنية.

في المحصّلة، ما حصل، في الأيام القليلة التي سبقت الإنتهاء من تشكيل اللوائح بشكل رسمي، يؤكّد على العنوان العريض للمعركة الإنتخابيّة، لناحية تحديد الجهات الفاعلة في المحاور المتقابلة، لا سيما على مستوى معالجة الخلافات التي تصب في إتّجاه تحقيق الأهداف الكبرى.