ذكرت صحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "لبنان يبدو أنّه يُقاد إلى خراب امام أعين الجميع؛ الناس، كل الناس تتعرض للقهر والإذلال، وسقف الدولار بَدا نهاراً مفتوحاً على غاربه، وبدأ يطرق باب الثلاثين الف ليرة وغرف السوق السوداء في ذروة فلتانها، ومع الدولار عالياً تحلّق الاسعار، وتختفي الاساسيات وتُحتكر، والمواطن، بكل فئاته وطبقاته، صار وقوداً للنار".

المربع الأخير

وأشار أحد الخبراء الاقتصاديين لـ"الجمهورية"، إلى أنّ "لبنان دخل المربع الأخير من مؤامرة إسقاطه نهائياً في النار الاجتماعية والمعيشية، ولن يطول الامر مع ذلك ليتعالى الصراخ من الجوع والإفقار".

أجندة خبيثة

من جهتها، أعربت مصادر سياسية مسؤولة، عبر "الجمهورية"، عن تخوّفها مما وصفته بـ"مستقبل مُعتم"، مبيّنةً أن "ما يجري في لبنان، منذ صدور نتائج الانتخابات النيابية، والانهيار المتسارِع على كلّ الصّعد، أخشى أن يكون مندرجا ضمن سياق منظّم لإخضاع البلد لأجندة خبيثة محرّكة من مكان ما، لإيصال لبنان إلى لحظة تنعدم فيها سبل الانقاذ".

وتساءلت "إلامَ يرمي تفخيخ لبنان بهذا التوتير الاجتماعي والمعيشي؟"، مشيرةً إلى أن "من حق اللبنانيين أن يوجّهوا أصابع الاتهام في كل اتجاه، وان يسألوا أي يد خفيّة محلية كانت او خارجية تقود هذا الانهيار؟ ولكن ما يبعث على الاسف والحزن والريبة في آن معاً، هو ان الانهيار يتحرّك والبلد يغرق بوتيرة شديدة الخطورة، ومكونات ال​سياسة​ والنيابة غارقة في عالمها الانقسامي".

قلق دولي

أفادت معلومات "الجمهورية" بأنّ "مسؤولين كبار في دولة أوروبية قالوا لمرجع مسؤول خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، ما حرفيته: "علّقنا الأمل على ان تشكل الانتخابات النيابية في لبنان محطة انتقالية الى واقع افضل، يتشارَك جميع اللبنانيين في الوصول اليه، ولكن التقارير التي تردنا حول التطورات في لبنان زرعت لدينا قلقا بالغا على بلدكم ومن واقع صعب ومؤلم جداً لا حدود فيه لمعاناة الشّعب اللبناني، وهو أمر يوجِب أن يتلاقى القادة والمسؤولون في لبنان، سواء في مجلس النواب او على مستوى الحكومة التي نرى ضرورة ان يتم تشكيلها سريعاً، على نقاط مشتركة يتمكّنون من خلالها إنقاذ ​الشعب اللبناني​ من المعاناة الكبرى التي تتهدده".

مخاوف دبلوماسية

كشفت معلومات "الجمهورية" أنّ "حركة مشاورات جرت في الايام الأخيرة بين بعض البعثات الديبلوماسية الغربية في بيروت، وبحسب مصادر دبلوماسية مُشاركة فيها فإنّ هذه المشاورات عكست حالاً من عدم الإطمئنان، وتم التوافق على توجيه تحذيرات بهذا المعنى الى المسؤولين الرسميين والسياسيين في لبنان قبل فوات الاوان".

وركّزت مصادر دبلوماسية غربيّة للصحيفة، على أنّه "قد سبق للمجتمع الدولي ان اكد وقوفه إلى جانب الشعب اللبناني، والتزم بتوفير الدعم له. اما في الواقع الراهن الذي يمر به لبنان، فإنّ ما يهمّ الاسرة الدولية بالدرجة الاولى هو إبقاء حال الاستقرار قائمة في لبنان، ومُسارعة السلطات فيه الى اتخاذ مبادرات تصب في ذات الهدف، خصوصاً ان الوضع الحالي يبعث على القلق".

ولفتت الانتباه إلى أنّ "المجتمع الدولي على التزامه تجاه لبنان، ولكنه في الوقت نفسه يرغب في ان يرى التزاما مماثلا من داخل لبنان، نحن نشعر بقلق وخوف من ان تأخّر المبادرات الجادة والمسؤولة من قبل قادة هذا البلد، سيقرب من دخول لبنان في تعقيدات اكبر، ومجهول لا يمكن لأحد ان يقدر ما ينتظره فيه".

تطمين

ذكرت الصحيفة أن "في موازاة ما لفتت اليه المصادر حول تقارير عن "مخاوف اللبنانيين من بلوغ حال من الفوضى، في ظل الارتفاع المتزايد لمعدلات الجريمة والسرقات، والاعمال المسلحة في اكثر من منطقة"، سألت "الجمهورية" مرجعاً أمنياً حقيقة الأمر فأكّد ذلك، مشيراً الى انّ القوى الامنية، ورغم امكاناتها المتواضعة جراء الازمة، تقوم بواجباتها في هذا المجال، وتردع المرتكبين".

وطمأنَ المرجع إلى أن "الاجهزة العسكرية والامنية في أعلى درجات جهوزيتها لحماية الاستقرار وضمان امن اللبنانيين، ولن تسمح بالمسّ بذلك. كما انّها ستواجه بكل قوة وردع أي محاولة لإحلال الفوضى وسيادة شريعة الغاب، ما نؤكد عليه الآن هو انّ الأمن مُصان وليس ما يدعو الى القلق من سيناريوهات غير واقعية".

الاستحقاق المجلسي

علمت "الجمهورية" أنّ "انتخاب نائب رئيس مجلس النواب كان محور سلسلة اتصالات جرت في الساعات الماضية، من قبل كتل نيابية كبرى ببعض الجهات النيابية، طلباً لدعم مرشحها لهذا المنصب، كذلك نشط أحد المرشحين في إجراء اتصالات بالكثير من النواب طالِباً دعمهم".

ولم تستبعد مصادر نيابية "حصول مفاجأة في انتخاب نائب رئيس المجلس، بحيث انّ الاحتمال الاكثر ترجيحاً امام انسداد طريق الكتل الكبرى الى منصب نائب الرئيس، هو انتخاب احد النواب الارثوذكس المستقلين من خارج دائرة الاحزاب".

"القوات" والدولار: "هَيك بينزل"

أوضحت مصادر حزب "​القوات اللبنانية​"، لصحيفة "الجمهورية"، تعليقًا على تصريح رئيس الحزب ​سمير جعجع​، في كانون الثّاني 2022، بأنّ "فوزنا في الانتخابات النيابية سيؤدي حتماً الى تحسُّن فوري في سعر الصرف"، أنّ "الحكيم تحدث عن معادلة متكاملة تؤدّي بالتأكيد الى تراجع سعر الدولار، فالدولار يتعلّق بالثقة، الثقة في لبنان واقتصاده وماليته وطريقة إدارته وحكمه. وبالتالي، إنّ ربح الانتخابات يجب أن يقود تلقائياً الى أنّ من يفوز يتولّى إدارة البلد، وعندما تتولّى إدارة البلد فئة تمتاز بأمرين أساسيين: أولوياتها قيام الدولة، وإدارة هذه الدولة بشفافية، عندها بالتأكيد تعود الثقة".

وبيّنت أنّه "عندما تكون هناك إدارة حريصة على علاقات لبنان العربية والغربية، لا تساوم وأولويتها وَقف كلّ ما يُسمّى بمحصاصات وتهريب وحدود مفتوحة ووضع حدّ لهذا النزف المتواصل في القطاعات، وفي طليعتها قطاع الكهرباء، وتبدأ بإصلاح ما يجب إصلاحه، بالتأكيد ستعود الثقة ويعود الاستثمار وتتدفّق الأموال مجدداً".

ورأت المصادر أنّ "هذه المسألة كلّ مترابط، وعندما تحدث جعجع عن ربح الانتخابات، قصدَ أنّ من يربح الانتخابات يجب أن يحكم، فالدولار مرتبط بالحكم، وليس فقط أن نربح الانتخابات ولا نزال في المعارضة، بل هذا الأمر متعلّق بإدارة الدولة". وشدّدت على أنّه "نعم سلّموا إدارة الدولة لفريقٍ سياسي، سيادي شفاف، واضح، وضد الصفقات والمقايضات وضدّ تغطية مشروع الدويلة، ومع إقفال المعابر غير الشرعية وضبط تلك غير الشرعية، ومع إصلاح كلّ قطاعات الاستنزاف التي تبدأ بالاتصالات ولا تنتهي بالكهرباء، وسترون أنّ الدولار سيتراجع. فالدولار عامل ثقة، وعندما يرى العالم أنّ هناك إدارة أولويتها الدولة والشفافية والمحاسبة والمساءلة، ينخفض سعر الدولار، لكن حين يكون هناك تخبُّط والفريق نفسه يريد التعطيل، فلن يتحسّن سعر الصرف".

أمّا بالنسبة الى انتخاب رئيس مجلس النواب، واعتبار البعض أن على "القوات" مقاطعة جلسة انتخاب رئيس وهيئة مكتب المجلس، شرحت أنّ "الأساس هو التعبير عن الموقف، وموقف "القوات" مُنسجم مع عدم التصويت لرئيس المجلس النيابي نبيه بري، انطلاقاً من أنّه يشكّل جزءاً لا يتجزأ من حالة ​حزب الله​ والسلاح. ووجدت أنّ "أحداً لا يمكن أن يزايد على "القوات"، فهي لا تتحالف مع بري في الانتخابات ثمّ لا تُصوّت له، كذلك لا يجمعها أحد مع بري ثمّ تقول عنه كلاماً سيئاً. بل إنّ موقفها ثابت ومستمرّ ولم تبدّله في أي يوم من الأيام".

وعن طرح البعض ترشيح نائب شيعي غير بري لترؤس المجلس، قالت المصادر بسخرية: "فكرة مهضومة"، مشيرةً الى أنّ "الثنائي الشيعي» لديه المقاعد الشيعية الـ27 كلّها، وبالتالي ما الفارق بين بري وأيّ نائب شيعي آخر طالما أنّه من التوجه والمدرسة والخلفية نفسها". وأكدت "أنّنا دخلنا في مرحلة جديدة بعد 15 أيار، ولا سبب لنقاطع، بل سندخل الى البرلمان ونعبّر عن رأينا ونترجمه. وهذا العمل المؤسساتي الحقيقي والفعلي، وخلاف ذلك يكون عملاً بلطجياً وتشبيحاً".

وأعلنت "رفض "القوات" المشاركة في أي حوار تدعو إليه أي جهة إذا كان لا يتضمّن سلاح حزب الله"، لافتة إلى أنّ "الأزمة مزدوجة، فالأولى متعلّقة بالسلاح الذي يعطّل الدولة ويغيّبها وأدّى الى ما أدّى إليه من كوارث. وإذا كان هناك فريق منطلق أساساً من أنّه ليس في وارد تسليم سلامه، فلماذا الحوار؟ وبالتالي، لماذا إعطاء شرعية لـ"حزب الله" طالما أنّه لا يريد تسليم سلاحه؟". وأفادت بأنّه "وفق التجربة، إنّ ما يريده الحزب من الحوار هو صورة ليقول للمجتمعين العربي والغربي إن لا مشكلة في لبنان وهو جزء من النسيج اللبناني وانّ التباينات السياسية في لبنان يجري حلّها على طاولة حوار".

كما شدّدت المصادر على أنّ "المطلوب للإنقاذ هو كَف يد هذا الفريق عن السلطة، وخارج هذا الإطار لا حلول". إنطلاقاً من ذلك ترفض دعوة "حزب الله" الى تأليف حكومة وفاق وطني، بـ"حجّة لجم الانهيار". وأوضحت أنّ "وفق التجربة، لم تؤدِّ حكومات الوحدة الوطنية وحكومة اللون الواحد التي حكم فيها "حزب الله" الى وقف الانهيار بل سارَعت فيه، وطالما أنّ هذه الحكومات قد جُرّبت وفشلت، فيجب الذهاب الى لون آخر، هو المناقض للحزب، وإلّا سيبقى البلد في الأزمة ويتحمّل «حزب الله» مسؤولية عدم الاعتراف بنتائج الانتخابات والإصرار على أخذ لبنان الى الفوضى".