اشار البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى انه "بقوة العودة إلى الكنيسة "بيت الله"، تمكن الآباء والأجداد من بناء هذا وطننا اللبناني الحضاري المميز، وقاومنا نحن وهم بوجه الساعين إلى هدمه، لكي نبنيه شاهدا على القيم والحرية والشراكة والمحبة، ونجعله صاحب نهضة في هذا الشرق. إن كلام الله ونعمته الخلاصية لا يأتلفان مع المصالح والمنافع الشخصية والفئوية، التي تعطل النضال الوطني الحقيقي الضامن لوجودنا المميز في ربوعنا. إننا نحمل مسؤولية الإنهيار المرعب والمريب لجميع المسؤولين أكانوا حاكمين أم معارضين ولقوى الأمر الواقع. فالحكام أخطأوا في الخيارات والتحالفات، واقترفوا الـمعصيات، وتواطأوا وانحرفوا. وقوى الأمر الواقع انقلبت على هوية لبنان ودستوره وميثاقه ورهنت الأرض والشعب والدولة لدول خارجية تحمل مشاريع غريبة عن بيئة لبنان ورسالته. أما قوى المعارضة فاسترسلت في خلافاتها اليومية والانتخابية على حساب القضايا المصيرية، ولم تبادر بعد إلى الاتفاق. وكان ينقصنا أن تربط دول أجنبية مصير صراعاتها مع محاور الـمنطقة على حساب لبنان، وهي تدرك جيدا وسلفا أن لبنان لا يحتمل نتائج هذا الصراع، وأن أجنداتها تختلف عن أجندة لبنان".

ولفت الراعي خلال ترؤسه مساء اليوم قداس تكريس كاتدرائية سيدة العطايا ومذبحها التابعة لكرسي نيابة جونية البطريركية في ادما، الى ان "جميع اللبنانيين يعيشون نتائج هذا الإنهيار على كل صعيد، ولا حاجة لتعدادها، بل ينبغي إيجاد حل لها والنهوض منها. فلا بد من أن نبدأ من رفع الصوت، ومن انتفاضة شعبية مصححة، ومن التغيير الوطني، ومن خطة تعاف لمصلحة اللبنانيين أولا، ومن انبثاق سلطة شرعية جديدة ووحيدة، ومن التوجه إلى الأمم المتحدة لضمان وجود لبنان حر حيادي وقوي ولتنفيذ القرارات الدولية. من دون ضغط شعبي وأممي قد تتعرض الاستحقاقات الآتية: من تأليف حكومة وإجراء الإصلاحات وانتخاب رئيس جديد للجمهورية في الموعد الدستوري، إلى خطر التعطيل. فالأجواء توحي بكل اسف بأن أطرافا تدأب على تعطيل هذه الاستحقاقات وسرقة الإرادة الشعبية ومنع إنقاذ لبنان".

واعتبر بانه "من المؤسف حقا أن ممارسة القضاء في لبنان لا تطاق تماما مثلما لا يطاق الوضع المعيشي، ذلك أن بعض القضاة جعلوا من نفوسهم أدوات في أيدي النافذين السياسيين والطائفيين. وبات معلوما أنهم يجمدون ملفات صحيحة، ويركبون ملفات وهمية، ويوقفون أبرياء ويتغاضون عن مذنبين، ويتخطون مهلة التوقيف الاحتياطي، ولا يميزون بين الجنحة والجناية. لا يحق بأي حال أن يترك هؤلاء القضاة يخالفون أصول المحاكمات وقواعد الإستدعاء والتوقيف ويصدرون قرارات مفعمة بالكيدية والبغضاء والعقد والأحقاد الحزبية والشخصية، ويسيئون إلى حرية الانسان، وكرامته وإلى هيبة القضاء. كيف يمكن القبول بهؤلاء القضاة الذين لا يزالون يعتقلون شبابا لأنهم كتبوا شعارات على ملصقات، ويتركون طلقين أشخاصا ارتكبوا الجرائم والـمعصيات. وكان ينقص القضاء أن يمتنع وزير المالية، من دون وجه حق وخلافا لصلاحياته، عن توقيع مرسوم تشكيل هيئة التمييز ليبقى التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت معلقا، فيظل المتهمون والموقوفون من دون محاكمة، لا يعرفون ماذا ينتظرهم ومنهم أبرياء قيد التوقيف منذ الرابع من آب 2020. فإن كان لا بد من إصلاح فعلى صعيد القضاء لأن الكيل طفح".