فرضت نتائج الانتخابات البرلمانية على حزبي "​القوات اللبنانية​" و"الكتائب" تخطّي خلافات المرحلة السابقة، وقبيل الدعوة لاستشارات نيابية ملزمة لتكليف رئيس للحكومة العتيدة والبدء بمخاض تشكيلها، تبادل الحزبان رسائل وديّة تؤسس لتعاون نيابي وسياسي مشترك، حيث شدد عضو كتلة "الجمهورية القوية" النائب غياث يزبك على ضرورة "تجاوز المماحكات والانتقادات التي فرضتها أحداث الماضي، والتأسيس لمرحلة مختلفة".

وأكد لـ"الشرق الأوسط" أن لبنان "يمر بمرحلة مفصلية وخطيرة للغاية، تهدد كلّ إنجازات ثورة الشعب اللبناني، وكلّ التضحيات التي قدمها حزبا "القوات" و"الكتائب" خلال تاريخهما النضالي".

ولفت الى ان "يدنا ممدودة لزملائنا نواب "الكتائب"، وكنا نراهن قبل الانتخابات على تشكيل جبهة سيادية ينبثق عنها تحالف انتخابي يصب في مصلحة الطرفين، أما وأن الانتخابات باتت وراءنا، فإن قلوبنا مفتوحة وأيدينا ممدودة للعمل على بناء جبهة سيادية تقارب المواضيع السياسية والإنمائية والأمنية ضمن مشروع مشترك ينقذ البلد".

واعترف النائب غياث يزبك بحصول "تواصل وتناغم مع نواب الكتائب خلال جلسة انتخاب رئيس المجلس النيابي ونائبه، وأمل أن يؤسس ذلك لتعاون في استحقاقات سريعة وخطيرة، وأهمها انتخاب اللجان النيابية وتشكيل الحكومة العتيدة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، ومواجهة المشروع الفارسي".

وأضاف: "علينا أن نتصدّى لمحاولات إيران بالإطباق على لبنان، وأن نكون أهلاً للثقة التي منحنا إياها الشعب، وأن نتوحدّ ضمن فريق سيادي، لا أن نتحول إلى معارضات متعارضة، وأن يبقى مشروعنا وطنياً، ونثبت أننا أكثرية قادرة على التغيير ضمن عمل وطني متعالٍ عن الصغائر، وقادرة على مواجهة مشروع حزب الله"، معتبراً أن "أي عمل بخلاف هذه المبادئ هو انقلاب فاضح على التفويض الشعبي الذي راهن على مشروعنا السيادي الهادف إلى استرجاع السيادة الوطنية".

بدوره، أبدى عضو كتلة "الكتائب" النائب سليم الصايغ أسفه لأنه "في الوقت الذي ينشئ فيه "حزب الله" تكتلات الحدّ الأقصى، ننجز كقوى معارضة تحالفات الحدّ الأدنى، وما بين هذين الحدين هوامش كبيرة".

ورأى في تصريح لـ"الشرق الأوسط" أن "حزب الكتائب اتخذ قراراً سياسياً واضحاً، وهو البناء على نتائج الانتخابات والسعي لجمع أكبر عدد من القوى الحيّة في مجلس النواب للحفاظ على هوية لبنان ومنع السيطرة على مقدراته".

ولفت النائب سليم الصايغ إلى "أهمية التعاون في المرحلة المقبلة، وأن تكون النظرة واحدة في التعاطي مع مسألة تشكيل الحكومة والانتخابات الرئاسية". ورأى أنه "لم يعد جائزاً بعثرة القوى التي تربطها قضايا جوهرية تتعلّق بمصير لبنان ومستقبل أبنائه"، مشيراً إلى ناحية مهمّة للغاية، وهي أن "الأغلبية في المجلس النيابي باتت متحركة، ما يجعل البرلمان الحالي متوازناً ويمنع أحادية واستقواء "حزب الله" ومحاولات وضع يده على البلد".

وتابع الصايغ: "نحن لا نفرض مشروعنا على أحد، لكن الشعب اللبناني ينتظر منّا ومن "القوات اللبنانية" والكتلة التغييرية، مشروعاً إنقاذياً يرضيه ويرضي أشقاء لبنان وأصدقاءه".

وختم بالقول: "لن نقبل بأخذ البلد مجدداً إلى اللعبة التقليدية، بل يجب تغليب مصلحة الشعب والوطن على كل المصالح الفئوية والحزبية".

طرابلس

بدورها، لا تزال طرابلس تحت إفرازات الانتخابات النيابية، والتي لا تزال نتائجها ماثلة في المدينة التي دفعت فواتير مسبقة ولاحقة، وستبقى تدفع، على حد وصف نائب طرابلسي سابق لـ"الديار"، فاتورة خروج رئيس تيار المستقبل سعد الحريري السياسي والنيابي والحكومي، وكذلك غياب "الرأس السني" او المرجعية السنية القادرة ان تجمع المدينة.

وكذلك سيدفع اهل عاصمة الشمال، خصوصاً الذين صوّتوا في الساعات الاخيرة، يوم الاحد 15 ايار 2022، لـ"المال السياسي" على حساب التمثيل السني الحقيقي لنواب واهل المدينة.

واكد النائب السابق المذكور، ان اولى افرازات والنتائج السلبية هي عدم تمكن نواب طرابلس من التوحد ولمّ شملهم في كتلة موحدة، ولا يبدو وفق معلومات النائب السابق المشار اليه، ان النائب واللواء اشرف ريفي سيتمكن من جمع النواب الطرابلسيين السنّة في كتلة موحدة، رغم حصوله على كتلة من 3 مقاعد، وعلى عدد كبير من الاصوات التفضيلية السنية.

واشار الى ان الشارع الطرابلسي ، خصوصاً "تيار المستقبل" وبعض الجو الاسلامي والسلفي وحتى المعتدل، لا يرى في ريفي و"القوات"، ولا في اي شخصية طرابلسية، ممثلاً جامعاً لكل اطياف المدينة، رغم ان الممثل السياسي للمدينة اليوم هو رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، والمرشح مجدداً لأن يتولى تأليف الحكومة الجديدة.

وراى النائب السابق المذكور، ان من يتحمل هزالة التمثيل النيابي ليس فقط من صوّت لنواب مشتتين ولا يمثلون اهل المدينة وسنّة طرابلس، بل سعد الحريري و"تيار المستقبل" ، الذي بخروجه من اللعبة السياسية والنيابية، ترك الباب مفتوحاً لمزيد من الضعضعة السنية وللتلاعب فيها ، خصوصاً للساحة الشمالية من عكار الى طرابلس وما فاقمها اضعاف السعودية للحريري وللقوى السنية الاخرى.

جنبلاط والسفيرة الاميركية

على صعيد مختلف، ذكرت مصادر مواكبة للقاء رئيس الحزب الاشتراكي ​وليد جنبلاط​ مع السفيرة الأميركية دوروثي شيا إن جنبلاط أجرى "جولة أفق مع شيا في الملفات المختلفة، وشملت ملفات الطاقة وترسيم الحدود البحرية". وأشارت المصادر في تصريحات لـ"الشرق الأوسط" إلى أن جنبلاط أكد خلال طرحه ملف الحدود البحرية "حق لبنان بثروته وضرورة عدم خسارتها بسبب المزاودات"، في إشارة إلى النقاش اللبناني حول حقوق لبنان البحرية والجدال القائم حول الخط الحدودي 23 أو الخط 29.

وطرح جنبلاط خلال لقائه مع شيا، ملف استجرار الطاقة من الأردن والغاز من مصر لتوليد محطات إنتاج الكهرباء في لبنان، حسب ما قالت المصادر المواكبة للقاء، مشيرة إلى أنه "ناقش التأخير الحاصل فيه". كما تطرق إلى نتائج الانتخابات النيابية، وملف المساعدات الأميركية للجيش اللبناني وأهمية استمرارها، وملف المساعدات من خلال "USAID" وضرورة أن تطال مناطق الجبل كافة بتنوعها وأن تشمل الجميع للمساهمة في التنمية والصمود للناس، حسبما ذكرت المصادر.