يعيش لبنان بمؤسساته الشرعية حالات من الفوضى في هدر الحقوق وعلى "عينك يا تاجر" بواسطة طبقة سياسية تدّعي العفة في ممارسة العمل السياسي، ولكنها عمليًا تسعى بكل ما أوتِيَتْ من ظروف إلى هدر حقوق مواطنيها طمعًا في بقائها سلطويًا، ولكي تؤمن إستمرارية لمن بإستطاعته أن يخلفها على قاعدة هدر الحقوق وسرقة المال العام. إنّ تصرف هؤلاء الزعماء يشكل تناقضًا بين مضمون ما يندرج في القوانين الدوليّة ومضمون ما يندرج في الدستور اللبناني، والفوضى في الممارسة تعني مفهومًا سلبيًا للنظام الديمقراطي، وهو نوع من إبداع جديد لم يعرفه أيّ علم سياسي .

من خلال ما نلاحظه ونحن في أرض الغربة هشاشة النظام اللبناني، وغالبًا ما يأتينا الخبر موثقًا بالأدّلة الدامغة عن هذا العُطب السياسي القائم على هدر حقوق الشعب وفي كل الوزارات وتحديدًا بتلك الّتي يعتبرها "علم السياسة" من الرئيسيّة والأهمّ في الأنظمة كالمال، التربية، الخارجية والشؤون الإجتماعية... وإذا ما نظرنا إلى الجهات التي تُديرها نلاحظ أنها مع أشخاص تابعة لمرجعيات سياسية معينة. عدا عن ذلك وعند مراجعتنا لأمور الموازنات في العديد من الوزارات نرى أنّها كما غيرها لا تأخذ حقّها في إقرار موازنتها بسبب النيّة المسبقة لهدر المال العام، ناهيك عند مراجعتنا للموضوع في بعض الأحيان يُجيبنا مرجع مسؤول على سبيل المثال لا الحصر "إنّ موازنة وزارة الدفاع هي ضئيلة لسبب أنها غير منتجة ومُكلفة"!... إنّ وضع الموازنات أداة للتخطيط السليم والمفيد وهي عنصر مكمّل لتحليل وضع أي وزارة على المستوى الإستراتيجي. فهل يُعقل أنْ تهدر حقوق المواطن اللبناني في وزارات التعليم والدفاع والشؤون الإجتماعية؟ وهل يعقل أنْ تهدر حقوق المواطن اللبناني في سياق السياسة الخارجية؟ أجوبة لا يمكن الإجابة عليها مع هذه الطقم السياسي .

هل قرأ أصحاب الشأن في لبنان مضمون المعاهدات الدولية لحقوق الإنسان؟ أذكّرهم بنصوص المعاهدات العالميّة الأساسيّة لها، والتي تستند إلى المجموعة الشاملة التي تعتمدها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان والتي تتألف من: مجموعة صكوك دولية–عالمية، وغاية المفوضية أيها المسؤول من نشر المعاهدات الأساس وفي شكلها القانوني هي جعلها أيْسَر منالاً، ولا سيّما للموظفين والمواطنين والمجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان والعاملين في مجال القانون والباحثين وغيرهم ممّن يهتّم بهذه المعايير والقواعد. وبما أنّ حقوقنا كمواطنين تهدر من قبلكم بتنا مُلزمين رفع شكوى إلى الجهات المعنية لإحقاق الحق .

إستنادًا إلى: الإعلان العالمي لحقوق الإنسان 1948، إتفاقية منظمة العمل بشأن حريّة تكوين الجمعيات وحماية الحق في التنظيم 1948، إتفاقية منظمة العمل الدولية بشأن الحق في التنظيم والمفاوضة الجماعية 1949، الإتفاقية الدوليّة للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري 1965، العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية 1966، العهد الدولي الخاص بالحقوق الإقتصادية والإجتماعية والثقافية 1966، إتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة 1979، إتفاقية حقوق الطفل 1989، إعلان الأمم المتحدة بشأن حق ومسؤولية الأفراد والمجموعات وأجهزة المجتمع في تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية المعترف بها عالميًا 1999، سنعمل على تقديم شكوى ضد الجهاز الرسمي للدولة اللبنانية، والذي يُشكِّلْ ركائز الحياة السياسية اللبنانيّة، والذي لم يحترم حقوق الإنسان والذي يفرض قيودا معينة نبرزها في سياق الشكوى، حيث سنُظهر الأهمّية لعدد من الحقوق المهدورة مثل التعرض للإعتقال التعسفي والحق في محاكمة عادلة وعدم التعرّض للتعذيب، والحق في تأمين معيشة سليمة وما يحصل من أشكال سوء الممارسة التي ينتهجها هذا الجهاز السياسي القائم، خصوصًا لناحية كم الأفواه والتغاضي عن الحقوق الطبيعيّة للدولة اللبنانيّة وكان آخرها وليس آخرها التغاضي عن جزء من الثروة النفطية .

إنّ حقوقنا مهدورة، والشعب اللبناني أمانة في أعناقنا ونحن ملتزمون الدفاع عن حقوقه كما نحن نلتزم الدفاع عن الجمهوريّة وبكافّة مؤسّساتها المدنيّة والعسكريّة. إنّ حقوقنا المدنية والسّياسية هي أمانة في أعناقنا وهي مصدر حماية إمتيازاتنا في الجمهورية اللبنانية، ومن الطبيعي أن يكون لنا حقّ في حياة كريمة ومُصانة وحرّية ضمن الأطر القانونيّة وسنعيدها إلى طبيعتها بموجب الشكوى التي سنرفعها .

*سفير الجمعية العالمية لحقوق الإنسان، الموّدة