لفت المفتي الجعفري الممتاز الشّيخ ​أحمد قبلان​، خلال إلقائه خطبة العيد من على منبر مسجد الإمام الحسين في برج البراجنة، بعد تأدية صلاة العيد، إلى أنّ "للأسف الشّديد، يحلّ علينا عيدُ الأضحى المبارك في ظلّ أسوأ انهيار على الإطلاق، وسط فرحة عيد معدومة، وأناس مكلومة، وشعب غارق بحزن عميق، بلا إغاثة حياتيّة، وبلا قدرة شرائيّة، وبلا أمان اجتماعي، وبلا رحمة سياسيّة، توازيًا مع انهيار مخيف بخصوص سيطرة الدّولة على الأسواق وخطوط الاستيراد، وجشعِ التجّار؛ فيما الظّروف الكارثيّة تطحن البلد وناسه وتدفع هذا الوطن المفجوع نحو المجهول".

وشدّد على أنّ "لذلك بصوت مفجوع، وسطَ شعبٍ تمّ نهبُه، ووطنٍ تمّ سحقُه، ودولة تمّ تفليسُها، أناشد الطّبقة السّياسيّة الماليّة النّقديّة أن تَرحم بقيّة هذا البلد، لأنّنا وفقًا لمؤشّر الكارثة على فوّهة بركان، ووفقًا لمؤشّر الانهيار نحن على وشك الارتطام الأعظم، ووفقًا لمؤشّر الوطنيّة نقول: أدركوا هذا الوطن، لأنّ مخالب السّياسة والمال حوّلته إلى دمار وحطام".

وسأل قبلان: "هل تعلم الطّبقة السّياسيذة الماليّة أنّ البلد غارقٌ بالجريمة والطّغيان المالي النّقدي والفساد الشّامل و​الفقر​ العابر، وأنّ المخدرات والدّعارة والشذوذ الجنسي والجرائم الماليّة والجنائيّة تجتاح كلّ محافظاته؟ وأنّ البلد يعاني من كارثة انهيار أُسري وبطالة مروّعة، وتضخّم مسرطِن، وفلتانٍ صادم، وكوارث أخلاقيّة، تمامًا كتلك الّتي أصابت ​بلدة القاع​ في الصّميم، فيما النّهمُ التّجاري وشراكة المال والسّلطة تنهش بقيّة عظام هذا البلد؟".

وركّز على أنّه "رغم أنّ ​لبنان​ يغرق بالذّهب الأزرق (المياه) إلّا أنّه يعاني من شحّ المياه، والنّاس تتسوّل في الشّوارع، والطّاعون المعيشي يكاد لا يترك بيتًا من جنازة، فيما زيادة الكِلَف المعيشيّة حوّلت أكثريّة شعب لبنان فقراء معدمين"، متسائلًا: "ألا يكفي الفقر والقهر والإذلال على أبواب الأفران، والموت على أبواب المستشفيات، والقرصنة الّتي تمارسها المدارس والجامعات، والإهمال العارم للجامعة اللبنانية، وتسونامي الجريمة، وفلتان الأسواق، والأسى الشّامل لكلّ الطّوائف... لأن يدفع القوى السّياسيّة للاتّفاق على حكومة أولويّات حياتيّة، ولو على طريقة حماية اليد اللّبنانيّة العاملة والسّلع الأساسيّة، ونزع أنياب بعض التجّار، وكسر جموح سماسرة المال، ودكاكين المطاحن والأفران، ومافيا الدولار؛ علَّ هذا الشّعب المنهوب يشعر ببارقة أمل؟".

كما تساءل: "ألا يكفي هولُ الكارثة الّتي تهدّد وجود لبنان للاندفاع نحو تشكيل حكومة شجاعة، لا تقبلُ بابتزاز ​واشنطن​ والغرب وبعض العرب، عن طريق الموافقة على العرض الصيني والإيراني، ولتضرب واشنطن رأسها بالحائط؟ ألا يرى المسؤولون ذلَّ واشنطن و​أوروبا​ الّتي تحوّلت عظمتُها وترسانةُ سلاحِها وفيالقُها المرتزقة في أوكرانيا إلى خزي ومهانة وعار، ضمن معادلة بدت فيها واشنطن مجرّد تاجر سلاح مهزوم، يريد أن يقاتل بآخر جندي أوكراني وأوروبي، وسط ذلٍّ شامل يصيب عظمة واشنطن والغرب؟ ألا يشجّع كلّ هذا السّلطة اللّبنانيّة للتمرّد على واشنطن والذّهاب نحو خيارات شرقيّة صينيّة وروسيّة وإيرانيّة، تعيد تعويم لبنان وتعمل على إنقاذه؟".

وتوجّه قبلان إلى ​الشعب اللبناني​، قائلًا: "أيّها اللّبنانيّون المساكين، هناك قوى سياسيّة وزعامات مجنونة تريد أن تَبقوا بلا كهرباء، ولا ماء، ولا دواء، ولا استشفاء، ولا إغاثة، ولا فرصة عمل، ولا بارقة أمل، ولا يهمّها من موتكم سوى البكاء على أطلالكم، كما لا يهمّها من وطنكم إلّا الكراسي، وتكادُ لا تعرف شيئًا عن خبزكم المسروق، وعن طحينكم المباع بالسّوق السّوداء، ونفطكم المتروك لأنياب ​تل أبيب​، وأسواقكم الّتي تتناهُشها أنيابُ التجّار، وما يهمّها فقط حماية عصابات السّوق، ومافيا الاحتيال المالي، وأن يبقى البلدُ بموارده وإمكاناته مجرّد آلة لعدّ النّقود؛ لأنّ خبز المقابر ليس له ثمن".

وأشار إلى أنّ "هذا هو العيد اليوم! ولكن اعلموا أنّ لا عيدَ لجبّار أو فاسد، أو مجرم مالي، أو نقدي، أو مبتزّ سياسي، أو محتكر معيشي، ومهما حصل فإنّ عناصرَ قوّة لبنان كبيرة، ولن تتمكّن واشنطن وجماعة إخوة يوسف، وبعض مرتزقة هذا البلد من سحق لبنان؛ ومن لا يعرف لبنان جيّدًا عليه أن يقرأ تاريخ لبنان بإمعان ووعي وحكمة علَّه يتعلّم من تجارب الماضي".