أشار نائب رئيس "المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى" العلامة الشّيخ ​علي الخطيب​، إلى أنّ "الحج قد كان أكبر مظهر من مظاهر التوحّد بين المسلمين، الّذي كان دائمًا وعلى مرّ تاريخهم إلى جانب توحيدهم لله، وإيمانهم وحفظهم وصونهم لكتابه الكريم، الّذي يمثّل وحي السّماء وخطاب الله للعالمين، وبنبوة رسوله وخُلقه العظيم والصّلوات الخمس والصّوم والحجّ والزّكاة منارات تعيد الأمّة إلى رشدها، كلّما شذّت عن الطّريق وبَعُدت عن الأهداف الّتي رسمها الله لها وأمرها بالسّير نحوها لتنهض من جديد".

ولفت، خلال خطبتَي ​عيد الأضحى​ المبارك في مقرّ المجلس، إلى أنّه "على الرّغم من التحدّيات الكبرى الّتي واجهتها في تاريخها والعثرات الّتي وقعت فيها، بقيت هذه الأمة ثابتة وبقي الدّين حاضرًا في وجدان أبنائه، وسيبقى الحجّ عنوانًا من عناوينها الكبرى الى جانب العناوين الأخرى، يجمع شتاتها ويعيدها إلى الطّريق القويم للقيام بتحقيق الأهداف الإلهيّة الكبرى، الّتي تبقى الأمل الوحيد لتحقيق السّلام الحقيقي للعالم".

وركّز الشّيخ الخطيب على أنّ "حالة التخلّف الّتي تعاني منها أمّتنا اليوم، تعود إلى أنّ هذه القيم وهذه الأسس لم تعد تقوم بدورها في حياة الأمّة، حيث أصبح بعضها مجرّد مظاهر بلا مضمون، وجسدًا بلا روح، فحافظنا إلى حدّ ما على الصّورة والشّكل وتركنا الجوهر والمضمون"، مبيّنًا أنّه "وحتّى الصّورة والشّكل شُوّها إلى حدّ بعيد، إضافةً إلى التخلّي عن واحد من أهمّ قواعد الإسلام وهو الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر، وهي عمليّة الإصلاح ومواجهة الفساد، حتّى أصبح الفساد القاعدة الحاكمة ليس لدى الطّبقة السّياسيّة الحاكمة فقط، بل تعدّتها إلى الشّرائح الاجتماعيّة المختلفة المستفيدة من الفساد أو خائفة على مصالحها المهدّدة من الحاكم والمتنفّذ".

ورأى أنّ "لذلك، فإنّ الخروج من الوضع الّذي نعيشه في ​لبنان​ يحتاج من الجميع تحمّل المسؤوليّة الأخلاقيّة والوطنيّة، والخروج من حالة الانقسام الدّاخلي الحزبي والطّائفي الّتي هي أهمّ العوامل المساعدة على الفساد، فلا يُعقل أن نُدينَ الفساد ونحن جميعًا نرتكبه، وتكتفي كلّ جهة بتوجيه أصابع الاتّهام إلى الّذين ينتمون إلى أخصامها طائفيًّا أو سياسيًّا أو حزبيًّا".

كما شدّد على أنّ "الأمر وصل أن يُتّهم أنظف جسم وطني في لبنان وهو ​المقاومة​ وبيئتها ويُطالب بنزع سلاحها، وهو الأمر الّذي يدل بوضوح على أنّ هؤلاء يعملون فعلًا على تغطية الفساد وزبائنه، لأنّهم يعلمون بأنّه ليس باستطاعتهم تحقيق هذا الهدف، مع أنّ لديهم القناعة بعدم صحّة هذا الاتّهام، وإنّما الهدف هو إرضاء أسيادهم ومواليهم من القوى الخارجيّة الّتي تنكّرت لهم في تجارب سابقة، واستخدمتهم لتحقيق مآربها ثمّ تركتهم لشّأنهم دون أن تكترث لهم".

وأكّد الخطيب أنّه "آن للّبنانيّين أن يهتمّوا بمصالح شعبهم وبلدهم بعد كلّ هذه التّجارب، وليقوموا بأنفسهم بالاتّفاق على بناء الدّولة على أسس متينة، لا يحتاجون معها إلى الوقوع في التّجارب السّابقة نفسها من الانقسام السّياسي والاحتقان الطّائفي، والاحتراب الدّاخلي الإعلامي أو العسكري، ممّا يؤدّي إلى تهديم كلّ ما بنوه، ويحتاجون في إعادة بنائه إلى الخضوع إلى ما يمليه من يريد تقديم المساعدة وإعادة الإعمار".

وشدّد على أنّ "معالجة أزمة ​النازحين السوريين​ الّتي هي أحد أوجه تخفيف الأعباء عن لبنان، تستدعي من المسؤولين اللّبنانيّين التّواصل والتّنسيق مع ​الحكومة السورية​، وإلّا فليخبرونا كيف سيعيدون هؤلاء وبأيّ طريق، فلا تنتظروا الإذن الخارجي الّذي سيكون مصيره مصير الإذن باستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنيّة، وتعاطوا بمسؤوليّة في هذه الملفّات الوطنيّة والقوميّة، خصوصًا مع الشّقيقة ​سوريا​ الّتي لم تبخل على لبنان يومًا في تقديم الدّماء، وأنجزت ما يسهل وصول الغاز المصري والكهرباء الأردنيّة، فهي تستحقّ منّا كلّ الشّكر".

إلى ذلك، أضاف الخطيب: "مبارك للأمّة العربيّة والإسلاميّة عيد الأضحى، وبالأخصّ لجماهيرها ومقاومتها وشهدائها، الّتي تواجه جرثومة الفساد الأكبر الكيان الغاصب ل​فلسطين​ وللقدس ومقدّسات الأمة، العدو الإسرائيلي الّذي سيبقى العدو الوحيد ومن يدعمه، رغم كلّ محاولات التّطبيع الفاشلة".

وأعرب عن أمله أن "نرى قريبًا محاولات التّقريب وإصلاح العلاقات بين ​السعودية​ و​إيران​ قد تحقّقت، وعودة العرب إلى سوريا الشّقيقة التي لم تتخلّف يومًا عن واجبها القومي والإسلامي في نصرة قضاياهم، وعلى رأسها دعم المقاومة في لبنان والقضية الفلسطينية والقدس الشريف، جنبًا إلى جنب الجولان الّذي لن يبقى تحت رجس الاحتلال".