رأى مجلس النوّاب اللُبنانيّ، بعد أَخذٍ وردٍّ بَيْن المراجع الدّينيّة وجمعيّات حُقوق الطّفل والنوّاب العالقين بين الإِسفين والمِطرقة... أَنّ "تأنيب الطّفل هو حصرًا مِن حقّ الوالدَيْن، وهو بالتّالي ليس مِن حقّ المُربّين والمُعلّمين.

وكان المجلس اعتبر في أَواخر تشرين الأَوّل 2011، "حُقوق الطّفل جُزءًا لا يتجزّأ مِن حُقوق الإِنسان. وتنطبق حقوق الإِنسان على كُلّ الفئات العمريّة. فللأَطفال حقّ التمتُّع بحُقوق البالغين نفسها. غير أَنّهُم ضُعفاء، ولذلك ينبغي وضع حقوقٍ مُميّزةٍ تعترف باحتياجهم إِلى الحماية الخاصّة".

قوانين تشريعيّة

وقد جاءت التَّوْصيات النّيابيّة وقتها، في ما يتعلّق بالتّشريع على الشّكل الآتي:

*تصديق لُبنان على البروتوكول الاختياري المُلحَق بالاتفاق في شأن اشتراك الأَطفال في النّزاعات المُسلّحة (وقِّع عليه سنة 2002).

*مُتابعة تعديل التّشريع المعني بالطُّفولة ليتطابق مع الاتّفاقيّة الدّوليّة لحُقوق الطّفل، وغيرها مِن المَواثيق ذات الصّلة، انطلاقًا مِن الدّراسة المقارنة بَيْن التّشريعات اللُبنانيّة المعنيّة بشؤُون الطُّفولة والاتفاقيّة الدّوليّة لحُقوق الطّفل، وإِعداد ملفّاتٍ كاملةٍ مع الأَسباب الموجِبة لتعديل القوانين القائمة لكي تتلاءَم مع مصلحة الطّفل أَو استحداث قوانين جديدةٍ.

*إِجراء دراسةٍ مُقارنةٍ للقَوانين اللُبنانيّة مع اتفاقيّة حُقوق الطّفل، ليُصار على أَساسها إِلى وضع قانونٍ مُوحّدٍ لحُقوق الطّفل باعتبار أَنّ الأَطفال في حاجةٍ إِلى رعايةٍ وحمايةٍ قانونيّةٍ خاصّةٍ بهم.

*إِصدار مراسيم تطبيقيّةٍ للقوانين الصّادرة (وهُنا مكمن الدّاء، لأَنْ ثمّة نقصًا كبيرًا في المراسيم التّطبيقيّة).

*جعل التّعليم مجانيًّا وإِلزاميًّا حتّى سنّ الخامسة عشرة مكتملة انسجامًا مع اتّفاقيّة العمل الدّوليّة الخاصّة بالحدّ الأَدنى لسنّ الاستخدام وذلك مِن أَجل ردم الهُوّة مع السنّ الدُّنيا لبدْء العمل.

*تعديل قانون العُقوبات وبخاصّةٍ المادّة 186 الّتي تُجيز ضُروب التّأديب الّتي ينزلها بالأَولاد آباؤهم وأَساتذتهم على نحو ما يبيحه العُرف العامّ. وثمّة حاجةٌ ماسّةٌ لوجود قانونٍ خاصٍّ بحماية الأَطفال مِن العُنف في كُلّ أَشكاله، وبخاصّةٍ الحماية مِن العُنف المنزليّ، والعقاب الجسديّ في المدارس.

*تعديل قانون 422/2002 المُتعلّق بالأَحداث المُخالفين للقانون والمُعرّضين للخطر، بما يتوافَق مع أَحكام الاتّفاقيّة ومبادئها وغيرها مِن المواثيق الدّوليّة ذات الصّلة، مِن ناحية: رفع سنّ المسؤوليّة الجزائيّة حتّى سن 12 سنة -سريّة المُحاكمة- تخصيص قاعة في قصر العدل يتم فيها التّحقيق مع الأَحداث مِن دون اللُجوء إِلى المخافر–إِمكان استئناف الأَحكام المُتعلّقة بالجنح وإِنشاء جهازٍ أَمنيٍّ خاصٍّ بالأَحداث أَي شرطة مُتخصّصة في مرحلة التّحقيق وأَمام النّيابة العامّة.

*إِعطاء الهَيْئات الأَهليّة، وبخاصّةٍ تلك المعنيّة بشُؤون الطُّفولة، والّتي تنطبق عليها معايير علميّة مُحدّدة، صفة الادّعاء الشّخصيّ إِذا انتُهِكَت حُقوق الطّفل.

*تسوية أَوضاع مَكتومي القَيْد اللُبنانيّين، بالتّعاون مع الجهات المعنيّة.

*وضع قانونٍ مِن أَجل رفع المدّة الزّمنيّة لإِجازة الأُمومة.

*إِصدار قانونٍ بإِعطاء الأُم اللُبنانيّة، المُتزوّجة مِن أَجنبيٍّ، والّتي تفقد زوجها لأَيّ سببٍ... الحقّ في منح جنسيّتها إِلى أَطفالها القاصرين. وهو حقٌّ أَساسيٌّ مِن الحُقوق المدنيّة.

*إِقرار قانون أَحوالٍ شخصيّةٍ مُوحّدٍ، منعًا لأَيّ تمييزٍ - وإِصدار قانونٍ لمنع الزَّواج المُبكِر.

مَعوقاتٌ وانهيارٌ...

ومع الإِقرار بأَنّ لُبنان قد وافق بالكامل، ومن دون أَيّ تحفّظٍ على كُلّ بنود "الاتفاقيّة الدّوليّة لحُقوق الطّفل"، ومع الإِشادة بالجهد النّيابيّ المبذول في هذا المَجال، غَير أَنّ بعض المَعوقات يكمن في التّنفيذ، إِذ إِنّ مُعظَم القوانين اللُبنانيّة خالٍ مِن المَراسيم التّطبيقيّة الّتي مِن شأنِها إِذا وجِدَت، أَن ترسم خارطة طريقٍ لتنفيذ القوانين التّشريعيّة. وما أُقرّ في شأن " إِصدار مراسيم تطبيقيّةٍ للقوانين الصّادرة"، ما اكتمل تنفيذه بعد.

كما وأَنّنا بدلًا مِن تطبيق "جَعْل التّعليم مجانيًّا وإِلزاميًّا حتّى سنّ الخامسة عشرة"... بُتنا الآن غارِقين في مُواجهة "التسرُّب المدرسيّ"، بسبب الأَوضاع الاقتصاديّة الصّعبة، الّتي تُجبر المَزيد مِن الأَطفال على التوجُّه إِلى أَسواق العمل...

ولا شكّ أَيضًا، أَنّ انعكاسات الانهيار الاقتصاديّ في لُبنان، وصولًا إِلى عدم قُدرة الدّولة حتّى على تأمين رواتب مُوظّفيها، كما وبالنّظر إِلى سلّم الأولويّات الحُكوميّة الآن... فقد كثُرت العوائق الّتي تحول حكمًا دون تنفيذ القوانين التّشريعيّة في ما خصّ حقوق الطّفل.

وأَمّا بالنّسبة إِلى "قانونٍ لمنع الزَّواج المُبكِر"، فينبغي إزاءه التّذكير بأنّ مجلس النُوّاب اللُبنانيّ، قد فوّض الأَحوال الشّخصيّة إِلى الطّوائف اللبنانيّة الّتي تستمدّ بِدَورها قوانينها مِن الأَديان السّماويّة.