في مُقاربة "المَواضيع الإِعلاميّة" الحسّاسة، لا بُدّ مِن اعتِماد أَساليب "السّلامة والأَمان"، الّتي لا تكفل سلامة العامِلين في مجال الإِعلام فقط، بل وتكفل أَيضًا سلامة المعنيّين في المَواضيع المُحرّرة، مِن "ضحايا" المُجتمع، وبينهُم الأَطفال الضّائعة حُقوقُهم، وهُم يُشكّلون الشّخصيّات المِحوريّة في المَواضيع الإِعلاميّة "الحسّاسة" والخطرة في آنٍ، فما هي "ألفباء" الخُطوات اللازمة للوصول إِلى "السّلامة والأَمان"؟.

المُوافقة المستنيرة

أُولى الخُطُوات تبدأ مع "الضّحيّة" نفسها، إِذ مِن الواجب حُصول الصّحافيّ على "المُوافَقة المُستنيرَة"، والمقصود في هذه العبارة التقنيّة، أَن يستحصِل الصّحافيّ على مُوافقة الضحيّة على الإِطلالة الإِعلاميّة، وعرض مشكلتها أَمام الرّأي العامّ، مع التّشديد على كرامة "الضحيّة"، وحفظها مِن أَيّ خُطوةٍ ناقصةٍ، مِن شأنها أَن تُضرّ بها، في أَيّ شكلٍ مِن الأَشكال...

وفي هذا الإِطار، يتعهّد الصّحافيّ بالسّعي، إِلى جانب كُلّ المعنيّين، إِلى مُساعدة "الضحيّة"، عبر نقلها إِلى أَفضل وضعٍ جديدٍ لها، مع العناية بالـ "سّلامة النّفسيّة للضحيّة".

وحين يتمّ الحديث عن فريق عملٍ يجهد لمُساعدة "الضحيّة"، يكون المقصودون في ذلك، وزارة الشّؤون الاجتماعيّة، والجمعيّات المعنيّة الّتي تُشكّل بدَوْرها حجر الأَساس في المهمّة الإِنقاذيّة، وكذلك الأَخصّائيّين النّفسيّين، أَو المُتخصّين في علم النّفس العياديّ، والمحامين، وكُلّ مَن مِن شأنه، التدخُّل للمُساهمة في تحقيق هذا الهدف...

وفي هذه الحال تكون "الضحيّة" تحت الضّوء، إِذ لَيْس مِن المَطلوب البتّة، أَن يكون الصّحافيّ تحت الضّوء، أَي أَن يكون محور العمل الإِعلاميّ، كما هي الحال في بعض البرامج المعروضة على شاشات التّلفزة المحليّة!...

إذًا، المطلوب أَن تكون "الضحيّة" على درايةٍ بأَنّها هي بنفسها، محور المُتابعة الإِعلاميّة، وأَنّ الإعلاميّ وحده غير كافٍ تدخُّله للوصول إِلى "الحال الفُضلى" بالنّسبة إِلى "الضّحيّة"، لأَنّ المطلوب نقلها إلى حالٍ تُضحي معها "ناجيةً" مِن الاعتداء على حُقوقها!.

وحين يكون الأَطفال هُم "الضّحايا"، يجب الاستحصال على "المُوافقة المُستنيرة" مِن والِد الضحيّة" أَو مِن ذويها...

ومِن شأن "المُوافَقة المُستنيرة" أَن تجعل الصّحافيّ في وضعٍ آمنٍ وسليمٍ قانونيًّا ومهنيًّا تجاه "الضّحيّة".

شُروطٌ مهنيّةٌ

بعد "المُوافَقة المُستنيرة"، والبدء بالتّحضير للعَمل الإِعلاميّ، يأْتي دور الشُّروع في التّفكير بالتّفاصيل المهنيّة، ومنها مثلًا ما يدخُل في إِطار التّصوير، والـ "كادر" الّذي تُطلّ من خلاله "الضحيّة" على الجُمهور المُتلقّي، وفي هذا الإطار يدخل عامِل عدم إِظهار وجه "الضحيّة" في وضوحٍ، كما ويُمكن في هذا الإِطار التقاط الصّورة مِن الخلف، تحاشيًا لظُهور الوجه، أَو وضع "غباشةٍ" على الوجه تُخفي معالِمَه، وكذلك يُمكن التدخُّل التّقنيّ لتعديل الصّوت...

وكذلك ينبغي عدم الضّغط على الضحيّة، لإِبراز تأثُّرها وانفعالها، بل على العكس تمامًا، مُحاولة إِراحتها خلال المُقابلة الصّحافيّة، قدر المُستَطاع... ومُجدّدًا يُمكن القَوْل، إِنّ المطلوب عكس ما يُعرض الآن عبر بعض وسائل الإِعلام، مِن التّركيز على "دمعة الضحيّة" بدلًا مِن انتهاج أُسلوبٍ يتضمّن عرض المُشكلة والسّعي إِلى الحلّ، وكُلّ ذلك تحت مظلّة حفظ كرامة "الضحيّة" وإِظهارها في احترامٍ ومِن خِلال مهنيّةٍ صحافيّةٍ عالية الجودة!...

ومِن شأن "الشُّروط المهنيّة" أَن تجعل "الضحيّة" في وضعٍ آمنٍ وسليمٍ نفسيًّا واجتماعيًّا...

تصميم شبكة العلاقات

شبكة العلاقات، هي مُستندٌ على شكل رسمٍ بيانيٍّ، يُشكّل الصّحافيّ محوره، ومن دائرة الصّحافيّ تُرسَم أَسهمٌ تنتهي بدوائرً، بعضُها قريبٌ مِن دائرة الصّحافيّ، وبعضها أَكثر بُعدًا، ودوائر أُخرى أَكثر وأَكثر بُعدًا، وفي هذه الدّوائر يُسجّل الصّحافيّ، تبعًا لمجموعاتٍ بشريّةٍ، يختار لكُلٍّ منها لونًا مُعيّنًا (أَزرق/أَصفر/أَحمر/أَخضر...) ومِن الأَمثلة على المجموعات تلك، ما يتضمَّن:

*أَسماء المُقرّبين مِن الصّحافيّ، والّذين علَيْه التّواصُل دائمًا معهُم...

*أَسماء الّذين ينبغي الاتّصال بهم عند الضّرورة، أَو في حال الطّوارئ...

*أَسماء الّذين قد يُشكّلون خطرًا على الصّحافيّ، وتاليًا علَيْه أَن يحذَرَ منهُم...

وفي طبيعة الحال قد يحتاج الصّحافيّ إِلى مجموعاتٍ أُخرى يُحدّد لها طبيعة العلاقة بها... كما وأَنّ هذا التّصميم ينبغي أَن يُجدَّد مضمونه بإِضافة أَسماء جُدُدٍ أَو بخذف أَسماء أُخرى.