منذ ظهور النتائج التي أفرزتها الإنتخابات النيابية، طُرحت على بساط البحث فكرة جمع النواب السنة، على قاعدة أن هذه الإنتخابات أظهرت شرذمة كبيرة، بسبب غياب تيار "المستقبل" عن المشهد، قد يكون لها تداعيات خطيرة على دور الطائفة في الإستحقاقات المصيرية، وتوجهت الأنظار إلى دار الفتوى على أساس أن تكون هي المرجعية الجامعة، في حين يتوزع النواب المنتخبين على مجموعة من التوجهات المتباعدة.

في الأسابيع الماضية، برز الحديث عن مبادرتين أساسيتين: الأول يقوم بها النائب إيهاب مطر، أما الثانية فتقوم بها دار الفتوى، لكن حتى الساعة الأجواء توحي بأن لا شيء محسوم، لا بل هناك من النواب السنة من يؤكد أنه لم يتم التواصل معه من قبل أي جهة، بالرغم من أن البعض راهن على تحرك الأمور بشكل أكبر، بعد الموقف الذي صدر عن المجلس الإسلامي الشرعي الأعلى في نهاية الأسبوع المنصرم.

في هذا السياق، تشدد مصادر متابعة، عبر "النشرة"، على ضرورة الفصل بين المبادرتين، حيث تلفت إلى أن مطر اجتمع بما يقارب 13 نائباً وتواصل مع عدد أخرى، بهدف التشاور في الإستحقاقات المقبلة، على قاعدة أن المكون السني شريك أساسي في الوطن، وتضيف: "كان هناك شبه إجماع على ضرورة حصول مثل هذا اللقاء، لا سيما أن النواب لمسوا الفراغ الذي تركه رئيس الحكومة السابق سعد الحريري".

من جانبه، يفرق النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت، عبر "النشرة"، بين المبادرتين، حيث يلفت إلى مبادرة مطر تقوم على أساس السعي إلى تشكيل كتلة نيابية وهي غير مرتبطة بدار الفتوى، ويشير إلى أنه تم التواصل معه في المرحلة التحضيرية للمبادرة الأخيرة، ويوضح أن جميع النواب السنة ستوجه الدعوة لهم، حيث يتوقع أن تكون الأمور باتت في خواتيمها.

من وجهة نظر الحوت، "الهدف الأساسي هو إيصال رسالة بأن البلد يمر بأزمة ولا يمكن إسقاط أو إهمال أي مكون، وبالتالي اللقاء هو تأكيد على أننا لدينا رأي ونعبر عنه"، ويشير إلى أنه قد لا يحضر جميع النواب، لكن بحال لقاء القسم الأكبر منهم فهذا لا يعني أنهم لن يكونوا قادرين على التأثير في الإستحقاقات المقبلة، خصوصاً تلك التي تتطلب نصاباً.

في المقابل، يؤكد أحد النواب السنة المقربين من قوى الثامن من آذار، عبر "النشرة"، أنه لم يتم التواصل معه حول هذه المسألة من قبل أي جهة، بل سمع عن هذه الطروحات عبر وسائل الإعلام، لكنه يؤكد أن مواقفه الوطنية يعبر عنها بنفسه، ويرفض أن يتم وضعها في أي إطار طائفي أو مذهبي، أو أن تكون خاضعة لضغوط من قبل أي جهة.

بينما يكشف النائب محمد سليمان، في حديث لـ"النشرة"، أنه يسمع منذ فترة بالسعي إلى عقد هكذا لقاء، لكنه لم يتلق أي دعوة رسمية بهذا الخصوص، إلا أنه يؤكد الإنفتاح على أي لقاء جامع من هذا النوع.

في ظل هذه الأجواء المتناقضة، توضح مصادر معنيّة، عبر "النشرة"، أنّ المساعي تتقدم لكن الأمور لم تصل إلى أيّ نتيجة، لا بل تذهب أبعد من ذلك عبر الحديث عن أنّ المطروح هو الدعوة إلى لقاء جامع، لم يتمّ تحديد أيّ موعد له حتى الآن، من دون أن يكون الأمر مرتبط بأيّ إستحقاقات محدّدة، نظراً إلى أنّ البحث لم يصل إلى هذه المرحلة.

في المحصّلة، تلفت هذه المصادر إلى أنّه من الناحية العمليّة، ما يمكن الحديث عنه هو أن ليس هناك من جدول أعمال محدد على بساط البحث، بل فقط رغبة أو نية في التلاقي، وبعد ذلك يبنى على الشيء مقتضاه، مع تشديدها على أن هذا اللقاء، على عكس ما يُقال، قد لا يكون في وقت قريب.