يحاول تنظيم "داعش" اقتحام عالم الأصول الرقمية أو ما يعرف بـ"الرموز غير القابلة للاستبدال"، في محاولة للبحث عن فضاء جديد لنشر دعايته، وإيجاد مصدر للتمويل، وذلك بحسب ما ذكرته صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية.

وسلَّطت الصحيفة الضوء على بطاقة رقمية ظهرت أخيراً، تشيد بمقاتلي التنظيم لشنهم هجوماً على موقع لحركة "طالبان" في أفغانستان الشهر الماضي. ونقلت عن مسؤولين كبار سابقين في الاستخبارات الأميركية قولهم إن هذه البطاقة تمثل "المرة الأولى" التي يستخدم فيها التنظيم الرموز غير القابلة للاستبدال، أو ما يعرف بتقنية "NFTs".

وأشار المسؤولون الأميركيون السابقون، إلى أنَّ هذه البطاقة الرقمية تعد "أول علامة على أن داعش والجماعات الأخرى تستعد لاستخدام التكنولوجيا المالية الناشئة، لتفادي الجهود الغربية للقضاء على عمليات جمع الأموال والمراسلة عبر الإنترنت"، وذلك بحسب ما نقلته الصحيفة.

وتم نشر البطاقة على موقع واحد على الأقل لتداول الـ"NFTs"، وكانت تحمل شعار "داعش". ويقول المسؤولون الأميركيون السابقون إنه تم إنشاؤها من قبل أحد مؤيدي التنظيم، وذلك "على الأرجح كتجربة لاختبار شكل جديد من أشكال التواصل واستراتيجية جديدة للتمويل".

ووفقاً لـ"وول ستريت جورنال"، أعرب المنظمون ومسؤولو الأمن القومي في الولايات المتحدة عن قلقهم بشأن إمكانية قيام عناصر هذه التنظيمات بـ"استغلال مثل هذه التقنيات والأسواق المالية الجديدة، بما في ذلك تقنية (NFTs)".

وظهرت تكنولوجيا (NFTs) لأول مرة كوسيلة لتداول الأصول الرقمية، ولكن المطورين يقولون إن لديها تطبيقات أوسع بكثير، مثل شراء تذاكر الحفلات الموسيقية الرقمية أو المقتنيات الأخرى مثل بطاقات التداول الرقمية.

وأشارت الصحيفة إلى أن "داعش" تقريباً خسر جميع الأراضي التي كان يسيطر عليها في جميع أنحاء العراق وسوريا بحلول نهاية عام 2017.

وأدت هذه الخسائر، إلى قطع مصدر تمويل التنظيم الأساسي، كما شلَّت السلطات الغربية قنواته المالية الأخرى، بما في ذلك إغلاق مواقع جمع التبرعات والدعاية، وأصبحت منصات وسائل التواصل الاجتماعي أكثر استجابة لدعوات المشرعين لفرض رقابة على المشاركات التي يُعتقد أنها تنتهك قواعد السلوك الخاصة بهم.

ويشعر المسؤولون الغربيون بالقلق من أن فلول التنظيم، سواء الموجودين عبر الإنترنت أو على الأرض، يمكن أن يعززوا عودته من جديد، إذ أتاح خروج الولايات المتحدة من أفغانستان العام الماضي فرصة للتنظيم للعودة، من خلال السيطرة على المناطق التي يسيطر عليها الآن عدوهم: طالبان.

ونقلت الصحيفة عن محلل الاستخبارات الفيدرالي السابق والمتخصص في العملات المتداولة بتقنية "سلسلة الكتل" أو "بلوك تشين"، ماريو كوزبي، قوله إنَّ هذا المستخدم بعينه قام بإنشاء بطاقتين رقميتين في اليوم نفسه الموافق 26 آب الماضي، وتم فيهما عرض بعض سمات التنظيم.

وأظهرت إحدى الصورتين شخصاً يرتدي رداءً أبيض وقناع غاز، محاطاً بأكواب وبنادق، وهو مقاتل من "داعش" يعلم المتدربين كيفية صنع المتفجرات، وذلك وفقاً للتعليق المكتوب على البطاقة، فيما كانت البطاقة الأخرى تدين تدخين السجائر، وتوصي باستخدام السواك، أو فرشاة الأسنان.

ووفقاً للمسؤولين الأميركيين السابقين الذين تحدثوا إلى الصحيفة، فإنه بالإضافة إلى مرونتها، فإن بطاقات الـ"NFTs" "يمكن أن تقدم لعناصر التنظيم وتجار الأسلحة والحكومات الفاسدة وعصابات المخدرات وغيرها، وسيلة لجمع الأموال وبيع البضائع المهربة".

كما يمكن للمعاملات في أسواق "NFT" أن تكون سرية ومجهولة الهوية، مما يزيد من الصعوبة التي تواجهها السلطات في تعطيلها.

ويقول المحللون الذين تعاملوا مع البطاقة، إن التجربة يمكن أن تكون جهداً من قبل أحد مؤيدي "داعش" لاختبار ما إذا كان يمكن التهرب من السلطات، وما إذا كانت أسواق "NFT" ستحذف المحتوى أو ستحد من عرضها.

وأضاف المحللون أنه على الرغم من أن البطاقات غير معروضين للبيع حالياً في سوق الـ "NFT" الذي يُسمى "Rarible" أو أي منصات أخرى، ولكن يمكن للجماعات تمويل عملياتها بوضوح من خلال بيع مثل هذه البطاقات بعملات رقمية.