أكد المتخصص في شؤون الأمن القومي الروسي والعلاقات الروسية الأطلسية، الدكتور ​محمد سيف الدين​، أن تفجير خط أنابيب "​نورد ستريم​" ليس أمرًا لحظيًا بل سيكون له تداعيات استراتيجية، لافتًا إلى أن "تمديد أنابيب الغاز مسألة تُبنى عبر سنوات وتستغرق الكثير من الجهد والمال، ولها تفاصيل مرتبطة بالعلاقات بين الدول التي تمر الانابيب في نطاقها، بالاضافة إلى الدول المصدرة والمستوردة للغاز، كما أن هناك اطارًا قانونيًا له علاقة بتنفيذ الحكومات للاتفاقيات المبرمة، كما في الاطار الاقتصادي والمالي سيكون هناك الكثير من التداعيات المتعلقة بالاكلاف والمردود".

وفي حديث لـ"النشرة"، أوضح سيف الدين، أن "نورد ستريم مشروع استراتيجي ومن الطبيعي أن يكون للتفجير الذي لحق به تداعيات استراتيجية، وهذا الأمر يشير إلى هوية الجهات المستفيدة منه"، مؤكدًا انه "لا يمكن لجهة أن تستفيد من تفجير هذه الانابيب على مستوى تكتيكي ولحظي، بل الاستفادة ستكون استراتيجية، وهنا السؤال من يتسفيد من تجميد مرود ​روسيا​ من الأموال المتأتية من ​الغاز الطبيعي​؟ ومن المستفيد من تعطيل امدادات الغاز إلى اوروبا من الغاز؟ وبالتالي البحث يجب أن يتركز ضمن هذا الاطار".

في السياق، لفت سيف الدين إلى أن "التحقيقات ومواقف الجميع تشير إلى عمل تخريبي، وهذه المنهجية تساعد التحقيقات، والأمر قيد المتابعة دوليًا لعلاقته بأمن الطاقة وديميوتها، كما له آثار كبرى على المستوى الاقتصادي، ان على صعيد روسيا وأوروبا تحديداً، وهذا الأمر يزيد من قتامة الافق بالنسبة للاقتصاد الاوروبي".

من جهة أخرى، شدّد سيف الدين على أن "هذه الحادثة سترفع من مستوى التصعيد بين روسيا والغرب، وهو في الاساس مرتفع، فقد وصلت الأمور إلى حد استخدام مصطلح الحرب النووية، وهو أمر لم نسمعه منذ زمن طويل في العلاقات الدولية، مما سيرفع من المخاطر خصوصًا مع ترجيح اشتداد المشهد العسكري في ​اوكرانيا​ مع التعبئة الجزئية في روسيا، ومع ما يمكن أن يعلنه الرئيس الروسي ​فلاديمير بوتين​ اليوم في حفل المصادقة على انضمام مناطق دونيتسك ولوغانسك وخيرسون وزابوريجيا إلى روسيا"، مشيرًا إلى أن "روسيا يبدو أنها ذاهبة إلى آخر الخط في تحرير هذه المناطق الاربعة، وهذا الأمر سيشكل زخمًا معاكسًا من جانب أميركا وحلفائها بالاضافة إلى سلطات كييف، وبالتالي من المرجح أن يتصاعد الصراع خلال الاسابيع العشرة المقبلة، كما أن وطأة الحرب الاقتصادية ستشتد بطبيعة الحال".

وحول تحذيرات وكالة الاستخبارات الاميركية من هجوم محتمل على نور ستريم، أشار سيف الدين، إلى أن "هذه التحذيرات ليست يتمية، وملف الطاقة هو مجال بحث منذ بداية الصراع، وأيضًا هناك تحذيرات متبادلة من استهداف في عمقي روسيا والغرب، وهذه الاجراءات طبيعية وهي انعكاس للتوتر الحاصل"، معتبرًا أن "تصريح الخارجية الروسية كان لافتًا من خلال تحذير الولايات المتحدة من أن تتحول إلى طرف مباشر في النزاع وهذا سيكون له تبعات كبيرة".

وفي الختام، امل سيف الدين أن "يتم التوصل إلى حل سياسي قبل وصول الأمور إلى لحظة اشتباك مباشر، أو اعتبار أحد الجانبين أن الجانب الآخر يشن حربًا عليه، فحتى اللحظة روسيا لا تعتبر أن واشنطن فريقًا مباشرًا في الصراع والأمر نفسه ينطبق على أميركا، واذا وصلنا إلى هذه المرحلة فسنكون أمام سيناريو كارثي"، مبديًا اعتقاده أن الميدان سيقى محصورًا في الساحة الاوكرانية خلال الأشهر القليلة المقبلة.