لفت وزير الصّحة ركان ناصر الدين، ممثّلًا رئيس الجمهوريّة جوزاف عون، خلال افتتاح الجمعيّة الطّبيّة اللّبنانيّة الدّوليّة "ILMA"، مؤتمرها الطبّي في بيروت، إلى "أنّنا اليوم في هذه القاعة، نُحيي الرّوابط بين الوطن وأبنائه، العقول اللّامعة الّتي حملت لبنان في قلوبها أينما ذهبت، والّتي تعود اليوم، لا فقط تعبيرًا عن التضامن، بل حاملةً معها الحلول والخبرات والالتزام الرّاسخ".
وأشار إلى أنّ "إنجازات الجالية الطبيّة اللّبنانيّة في الخارج تتحدّث عن نفسها، من ابتكارات جراحيّة رائدة، إلى تطوير الرّعاية الصّحيّة الأوّليّة، إلى ريادة الأبحاث في مجال التشخيص المعتمد على الذكاء الاصطناعي. لقد ساهمتم في رفع مكانة الطّبّ اللّبناني على المستوى العالمي. ولكن، وبينما نحتفل بهذه المساهمات، علينا أيضًا أن نتأمّل في كيفيّة تحويل هذا الدّعم من سخاء متقطّع إلى تعاون منظّم واستراتيجي".
وأوضح ناصر الدين أنّ "احتياجات شعبنا الصّحيّة تتغيّر، ويجب أن تتغيّر معها طريقة تواصلنا مع جاليتنا. ولكي يكون تأثيرنا فعّالًا بحق، لا بدّ أن تكون شراكاتنا منسّقة، ومبنيّة على الحاجات الفعليّة، ومتناغمة مع الاستراتيجيّة الوطنيّة الصّحيّة. لهذا السّبب، نعمل على وضع أطر واضحة لتفعيل دور الجالية، لتوجيه خبراتكم وابتكاراتكم واستثماراتكم في الاتجاه الّذي يستجيب مباشرةً لأولويّاتنا الصّحيّة"، مؤكّدًا "أنّنا نطمح إلى الانتقال من المساعدة إلى التغيير، ومن المشاريع المتفرّقة إلى البرامج والسّياسات، ومن الزّيارات العرضيّة إلى الأثر المستدام".
وذكر أنّ "من أبرز الأمثلة على هذا النّوع من التعاون المستقبلي الواعد، التحول الرقمي. ففي وجه الأزمات والتشرذم، تقدّم لنا الصّحة الرّقميّة خيطًا جامعًا قادرًا على ربط مقدّمي الرّعاية، وتمكين المرضى، واستعادة الثّقة في النظام الصحي"، مركّزًا على أنّ "اليوم، يشكّل الذّكاء الاصطناعي جوهر الرّعاية الصّحيّة الحديثة. إنّه يعيد تشكيل كيفيّة اكتشاف الأمراض، تقديم الرّعاية، وتصميم الأنظمة الصّحيّة". وبيّن "أنّني أقول هذا ليس فقط بصفتي وزيرًا، بل أيضًا كجراح أوعية دموية أُتيح له استكشاف التقاء الجراحة والذّكاء الاصطناعي، وهي تجربة سأشارككم إياها في إحدى جلسات هذا اليوم".
كما أعلن أنّ "خلال الأسابيع المقبلة، سنُطلق رسميًّا "استراتيجيّة لبنان للصّحة الرّقميّة"، وهي خارطة طريق تهدف إلى دمج الأدوات الرّقميّة والذّكاء الاصطناعي في جميع مستويات الرّعاية. هذه الاستراتيجيّة هي إعلان واضح عن نيّتنا في بناء نظام صحي أكثر ذكاءً واستجابة، يرتكز على البيانات، الابتكار، والعدالة".
وشدّد ناصر الدّين على أنّ "رغم التحدّيات الّتي نواجهها من أزمات اقتصاديّ، عدم استقرار، ونزاعات، نرفض أن نسمح لليأس أن يرسم مستقبلنا. هذا المؤتمر وحضوركم ودعمكم، كلّها دلائل على أنّ لبنان لا يزال حيًّا، وأنّ إمكاناته ما زالت حاضرة".
وختم: "سيأتي يوم لا نعود فيه نتحدّث عن "اللّبنانيّين في الخارج"، بل فقط عن اللّبنانيّين في وطنهم. يوم تصبح فيه مستشفياتنا وجامعاتنا ومراكز أبحاثنا بقيادة مواطنين عائدين، لا زوار، بل علماء وأطباء ومبتكرين عادوا لا فقط ليعطوا، بل ليكونوا جزءًا من الوطن".