أشار مرجع كبير، في حديث إلى صحيفة "الجمهورية"، إلى أنّ "الاولوية لدينا الآن، هي لإنجاز الاتفاق على ترسيم الحدود البحرية الذي نراهن عليه، ونبني للبدء بإخراج البلاد من الانهيار وفق الخطط التي وضعناها لهذه الغاية، وعبر استثمار لبنان لثروته النفطية والغازية"، متمنّيًا أن "ينتهي اللقاء الرئاسي في القصر الجمهوري اليوم، إلى نتيجة حاسمة".

ورقة على طاولتين

ذكرت "الجمهوريّة" أنّ "بعد 48 ساعة على تسلّم لبنان الاقتراح الاميركي للاتفاق على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل، الذي صاغه الوسيط الاميركي عاموس هوكشتاين، ستحضر الأوراق العشر لهذا الاقتراح او مسودة الاتفاق، مترجمة إلى اللغة العربية، على طاولتي اجتماعين في قصر بعبدا، الاولى عند الاولى بعد الظهر للفريق التقني العسكري والمدني، قبل ان يجتمع رئيس الجمهورية ميشال عون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي؛ بناءً لدعوته للبحث في هذا الاقتراح وتحديد الموقف اللبناني الموحّد منه".

ولفتت مصادر واسعة الاطلاع للصحيفة، إلى أنّ "الترجمة الحرفية للمقترح الاميركي أُنجزت، وانّ هناك مقارنة أُجريت للإحداثيات الجديدة التي حملها وتلك التي سبقتها وكانت في حوزة لبنان، بالإضافة إلى مصير "خط الطفافات"، بحثاً عن اي تعديل يمكن ان يكون قد تغيّر، بفعل المخاوف من ـلغام إسرائيلية قد تكون مزروعة في الطرح الجديد، قد تؤدي إلى ثغرات غير محسوبة في أي وقت لاحقاً إن تغيّرت الظروف".

وتوقفت أمام "التأكيدات الاميركية على حيادية الوسيط هوكشتاين الذي قدّم عرضه، بإشارات تؤكّد انّه سعى إلى توفير الضمانات للجانبين، من خلال الإحاطة بالملف من كل الزوايا التقنية والقانونية، ولا سيما منها تلك التي تحميها القوانين الدولية، بالإضافة إلى الضمانات الاميركية التي توصل اليها هوكشتاين، من خلال الجهود التي بذلها في اكثر من مجال، ولا سيما منها تلك التي اجراها مع الشركة اليونانية "إينيرجين باور" مالكة منصّة السحب في حقل كاريش، وشركة "توتال" الفرنسية التي لا تزال تحتفظ بالحق الحصري للاستكشاف في البلوك الرقم 9 حيث حقل قانا "المفترض"، بالشراكة التي تجمعها بالكونسورتيوم الثلاثي مع شركة "إيني" الايطالية، والدولة اللبنانية التي ستحلّ مكان الشركة الروسية "نوفاتيك"، التي اعلنت انسحابها منه نهاية آب الماضي".

كيف سيُترجم الإتفاق؟

ركّزت مصادر متابعة للملف لـ"الجمهوريّة"، على أنّ "من المتوقع ان يتخذ الرؤساء الثلاثة موقفا موحدا في شأن العرض الاميركي، وعلى الارجح لن يعلن الجواب الرسمي اللبناني قبل ان يحسم الاسرائيلي موقفه ويعطي جوابه النهائي، والمرجح بعد اجتماع "الكابينت" الاسرائيلي الخميس"، مؤكّدةً أنّ "السرعة مطلوبة، لكن ليس استعجال اعلان الجواب".

وبيّنت أنّ "النقاش يحصل في ربع الساعة الاخيرة، حول آلية توقيع الاتفاق، التي يصر فيها لبنان على ان لا يكون طرفا مع الاسرئيلي في توقيع الورقة نفسها، بل عبر ايداع ورقة له مستقلة عن ورقة اسرائيل تجمعهما جهة ثالثة هي الامم المتحدة، وان تكون الولايات المتحدة شاهدا على الاتفاق". ولم تستبعد المصادر أن "يشكل اجتماع الرؤساء الثلاثةـ فرصة للحديث عن ملف تشكيل الحكومة وما وصلت اليه الامور".

الملف الحكومي

على صعيد ملف التأليف الحكومي، عبّرت مصادر بعبدا عبر "الجمهورية"، عن اعتقادها بأنّ "الملف الحكومي سيحضر على طاولة اللقاء الرئاسي الثلاثي بعد ظهر اليوم، ولن يتجنّب المجتمعون طرح ما تمّ التوصل اليه في شأن تشكيل الحكومة الجديدة، بعد جلسة انتخاب الرئيس الخميس الماضي، من حيث انتهت المفاوضات قبل سفر ميقاتي إلى لندن ونيويورك".

وكشفت مصادر مطلعة، أنّ "التغييرات في الحقائب الوزارية قد تتوسع إلى 5، ولن تقف عند استبدال وزيري الاقتصاد وشؤون المهجرين، لتصل إلى 3 حقائب أخرى ستطاول وزارتي الشباب والرياضة، الشؤون الاجتماعية، وربما بلغت وزارة الخارجية والمغتربين".

التأليف حاصل

جزمت أوساط سياسية متابعة لعملية تأليف الحكومة، انّ "التأليف سيحصل قبل انتهاء ولاية الرئيس عون، ولكن التأخير متعمّد لثلاثة أسباب أساسية:

ـ السبب الأول، بهدف تقصير عمر الحكومة الجديدة، بما لا يسمح لرئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل بانتزاع سلّة التعيينات التي يريدها.

ـ السبب الثاني، كون عامل الوقت يعمل ضد العهد، وعضّ الأصابع التفاوضي سيضطره إلى القبول بالسقف الحكومي الأدنى لا الأقصى.

ـ السبب الثالث، كناية عن رسالة سياسية موجّهة إلى العهد بأنّ صلاحيته انتهت، وأنّ التجاوب مع مساعي التأليف هو نزولاً عند رغبة "حزب الله" لا العهد".

واعتبرت هذه الأوساط أنّ "الجلسة الرئاسية الأولى أوصلت الجميع إلى إقتناع بأنّ انتخاب رئيس جديد للجمهورية بالثلثين مستحيل، وانّ التوافق على رئيس ما زال متعذراً، ما يعني انّ الفراغ سيكون سيِّد الموقف، ولا خروج من هذا الفراغ سوى في حالات ثلاث:

-الحالة الأولى، تراجع باسيل عن ترشيحه أو نجاح الحزب في الاتفاق معه على ثمن تراجعه عن هذا الترشيح.

ـ الحالة الثانية، انزلاق البلاد إلى أحداث أو فوضى تحتِّم الذهاب إلى تسوية على غرار تسوية الدوحة، وتكون إحدى نتائجها اتفاق على سلة تشمل رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ومجلس الوزراء مجتمعًا.

ـ الحالة الثالثة، ارتفاع منسوب الضغوط المالية والشعبية والسياسية والدولية بسبب الفراغ، ودخول البلد في توترات أمنية متنقلة، والمخاوف من غياب القدرة على مواصلة ضبط الأوضاع، وبالتالي هذه العوامل وغيرها قد تدفع إلى تسريع التفاهم على انتخاب رئيس توافقي".

ورأت أنّ "التحدّي الأساس أمام جميع القوى السياسية يكمن في تقصير فترة الشغور، لأنّ أوضاع الناس لم تعد تحتمل هذا التأزُّم، الذي يبدأ الخروج منه مع تشكيل سلطة جديدة تحوز على ثقة الرأي العام اللبناني والدولي، وما لم يتحقّق ذلك فيعني الانزلاق إلى مزيد من الانهيارات، لأنّ الفراغ لن يكون على البارد، إنما سيشهد ارتفاعاً في منسوب التسخين السياسي الذي يعتبره البعض ممراً لتسجيل النقاط الرئاسية".

كما أفادت بأنّ "أولوية العهد في أيامه الأخيرة، ليس الذهاب إلى انتخابات رئاسية غير مضمونة، ولا بل هناك استحالة لانتخاب خلفه باسيل، إنما وضع كل الجهود على ملفي تأليف الحكومة، من أجل ان تكون منصة سلطوية متقدّمة للعهد في مرحلة الفراغ، وإنجاز الترسيم والتعامل معه كإنجاز للعهد".

جلستان للانتخاب والتشريع

توقعت اوساط مطلعة أن "يدعو بري إلى جلستين نيابيتين حتى 15 تشرين الأول الحالي، واحدة تشريعية لاستكمال إقرار بعض القوانين الإصلاحية، وأخرى لانتخاب رئيس الجمهورية"

موفدة فرنسية في بيروت

على صعيد آخر، علمت "الجمهورية" من مصادر دبلوماسية فرنسية وأوروبية، أنّ "موفدة فرنسية وصلت إلى بيروت في الساعات القليلة الماضية (مديرة شمال افريقيا والشرق الاوسط في وزارة أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسية آن غيغان "ANNE GUEGUENE")، على رأس وفد ديبلوماسي واداري".

وفي المعلومات، أنّ "الوفد الفرنسي يبدأ زيارته الرسمية اليوم من قصر بعبدا، حيث يلتقي الرئيس عون قبل جولة على رئيسي مجلس النواب والحكومة، لتزور وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بو حبيب عند الثالثة والنصف من بعد ظهر اليوم".