رئاسياً، يبدو جلياً انّ جلسة انتخاب ​رئيس الجمهورية​ المحدّدة الخميس المقبل، محكومة بفشلين سابقين لها، الاول هو فشل مفترض وفشل حتمي، فالفشل المفترض، هو المتصل باحتمال عدم انعقادها بالنظر إلى مقاطعتها المحتملة من قِبل بعض الكتل النيابية، المسيحية على وجه الخصوص، واما الفشل الحتمي، فهي في حال انعقادها لن تختلف في جوهرها عن الجلسة السابقة لناحية عدم التمكن من انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وفي كلا الحالين ستركن الجلسة كرقم في جدول الجلسات المتتالية التي سيُدعى اليها المجلس النيابي في هذا الخصوص.

وبحسب المعطيات السابقة لجلسة 13 تشرين، فإنّه بات محسوماً ان تكتل "لبنان القوي" سيقاطع هذه الجلسة، لتزامنها في موعد له رمزيته الكبرى لدى "التيار الوطني الحر"، فيما الغموض ما زال يكتنف مواقف بعض الكتل النيابية، ولاسيما "تكتل الجمهورية القوية"، حيث في موازاة ما تردّد في بعض الاوساط السياسية، بأنّ "القوات اللبنانية" ستشارك عبر تكتلها النيابي في جلسة 13 تشرين، ولا تقيّد نفسها بأي اعتبارات، فإنّ مصادر سياسية واسعة الاطلاع ابلغت إلى "الجمهورية" قولها انّ "القوات" ستقاطع بدورها، ليس من باب التضامن مع خصمها السياسي "التيار الوطني الحر"، بل انطلاقاً من اعتبار انّه كما انّ ذكرى "14 ايلول" لها رمزيتها المسيحيّة الكبرى كونها مرتبطة باغتيال الرئيس بشير الجميل، كذلك ذكرى "13 تشرين" لها رمزية مسيحية، متمثلة بالاجتياح السوري للقصر الجمهوري في بعبدا.

وتبعاً لذلك، تضيف المصادر، فإنّ الموقف النيابي المسيحي، كما كان واحداً في جلسة 14 ايلول، سيكون كذلك في جلسة 13 تشرين، وبالتالي فإنّ موقف "القوات" من هذه الجلسة لن يخرج عن سياق موقفها المبدئي الرافض للاحتلال السوري، وعن مراعاة الجمهور المسيحي العام على الضفتين "القواتية" و"العونية"، الرافض للاحتلال وتدمير قصر بعبدا واجتياحه. كما قد لا يخرج عن سياق المقاطعة، موقف حزب "الكتائب" وكذلك حلفاء "القوات" من النواب الذين يقّدمون أنفسهم كسياديين. والأكيد مع غياب المكون المسيحي عن جلسة 13 تشرين، فإنّها لن تنعقد، بحيث يؤجّلها رئيس المجلس النيابي ​نبيه بري​ إلى موعد آخر، ربما خلال الاسبوع الجاري.

لا انتخاب

على انّ تحديد موعد جديد للجلسة، في أي توقيت آخر، لا يعدو سوى تحديد موعد لفشل جديد في انتخاب رئيس، بالنظر إلى خلو نادي المرشحين لرئاسة الجمهورية من المرشحين الجدّيين. وكذلك إلى عجز واضح لدى اي فريق من تأمين اكثرية الفوز لأي من الأسماء المطروحة، على غرار ما يحصل بالنسبة الى طرح اسم النائب ميشال معوض الذي تبنّاه حزب "القوات" و"الحزب التقدمي الاشتراكي".

وبحسب مصادر نيابية، فإنّ "الحزب التقدمي" يكتفي بإعلان تأييده للنائب معوض والتصويت له، من دون ان يقوم بأي مبادرة حراكية من قِبله لحشد الاصوات لمعوض، فيما ألزمت "القوات" نفسها بالنائب معوض، ولم تفلح في إقناع الكتل النيابية الاخرى بترشيحه، لا مع الشق السياسي الآخر، ولا مع "نواب التغيير"، الذين غرّدوا خارج سرب "القوات"، رافضين محاولة احتوائهم واختزالهم من أي جهة سياسية، وإلزامهم بأي مرشح حتى ولو كان هذا المرشح يتمتع بالمواصفات التي تؤهّله لرئاسة الجمهورية، فلنواب التغيير حيثيتهم ووجودهم وقرارهم السياسي والسيادي الذي لا يسير وفق مشيئة اي جهة سياسية.

اقل من اسبوع!

واما حكومياً، فعلى الرغم من الانسداد الظاهري في هذا الملف، ونعي اوساط سياسية امكانية تشكيل حكومة جديدة، فقد اكّدت مصادر سياسية موثوقة لـ"الجمهورية" بأنّ باب التأليف لم يُقفل، والامور ليست سوداوية بالشكل الذي يتمّ تصويره، بل انّ حركة الوسطاء جارية على قدم وساق لإخراج الحكومة من حقل التعقيدات العالقة فيه. فالمدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم يقوم باتصالاته على بعض الخطوط، فيما يتولّى "حزب الله" عملية تليين موقف رئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل. وبالتالي الامور ليست مقفلة حتى الآن، بل قابلة لأن تؤدي إلى انفراج في اي لحظة".

وبحسب المعلومات الموثوقة، انّ الوسطاء العاملين على خط اخراج الحكومة من التعقيدات لم ييأسوا حتى الآن من إمكان ان تبصر الحكومة النور في غضون ايام قليلة، الّا انّهم حدّدوا لأنفسهم فرصة لنجاح مهمتهم، تنتهي في مهلة اقصاها 15 تشرين الاول الجاري، اي بعد 4 ايام، فإنّ نجحت مساعيهم كان به، وإن لم تنجح فسينفضوا يدهم من هذا الملف نهائياً".

وتؤكّد المعلومات، انّ التوجّه الذي يُعمل عليه هو اخراج صيغة حكومية على اساس الصيغة التي تقدّم بها الرئيس المكلّف ​نجيب ميقاتي​، معدّلة في عدد من وزرائها، وليس في معظم وزرائها المسيحيين، كما يطرح النائب جبران باسيل مدعوماً من رئيس الجمهورية ​ميشال عون​، حيث يطال التعديل فقط خمسة وزراء على الاكثر، هم الوزراء الذين جرى تداول اسمائهم.

وكشفت المصادر، انّ الرئيس المكلّف يرفض التعديل الواسع كما يطرح باسيل، بحجة انّ الوزراء المسيحيين في الحكومة الحالية "بالعهم" ميقاتي على حدّ ما يُنقل عن رئيس التيار، الّا انّ نتائج التواصل معه أفضت إلى عدم ممانعته ان يسمّي فريق رئيس الجمهورية الوزير السنّي بالتفاهم مع نواب عكار، وان يسمّي الوزير الدرزي بالتفاهم مع رئيس "الحزب الديموقراطي اللبناني" طلال ارسلان، وان يسمّي وزيرين مسيحيين، فيما يسمّي الرئيس نبيه بري وزيراً شيعياً بدلاً من وزير المال ( المطروح النائب السابق ياسين جابر). وتقول المصادر انّ هذه الصيغة ممكنة ويمكن اعتبارها افضل الممكن، وان صفت النيات وتوقفت المناكفة الكيدية قد تصدر مراسيمها قبل نهاية الاسبوع الجاري. الّا إذا كانت ارادة المناكفة هي الاقوى، فساعتئذ لا حول ولا قوة امام الفراغ الآتي.