أثّرت الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية والمالية في البلاد على كلّ القطاعات في الدولة، وعلى الاساتذة بشكل عام الذين يعانون الأمرّين نتيجة الرواتب الزهيدة التي يتقاضونها، هذه مشكلة بالاجمال ولكن لاساتذة ​التعليم المهني​ قصّة أخرى أو بالأحرى "مصيبة أخرى"، فحتى ولو ارتضى هؤلاء بالقليل فهم لم يحصلوا عليه منذ العام 2020. إذ لم يتقاضَ المتعاقدون في التعليم المهني بدل الساعات التي أعطوها طيلة العام الماضي، ولا يزال هناك 35% من قيمة الساعات عن العام 2020-2021... فأين أصبح هذا الملف؟.

لا بدل أتعاب!

قضى المتعاقدون في التعليم المهني أغلب سنوات حياتهم يتنقلون بين المسؤولين اللبنانيين، سعياً للحصول على التثبيت في ملاك الدولة بما يضمن لهم بقية حياتهم، فإذا بالأمور تتحوّل بشكل كامل، فإنتقلوا من هذا المطلب إلى السعي لقبض مستحقاتهم فقط للعيش.

يقول كثيرون إن الاساتذة بالاجمال، وخصوصاً المتعاقدين في التعليم المهني، يعملون في مجالات أخرى وراتبهم هو اضافة إلى ما يجنونه من أعمال أخرى، ولكن هذا الأمر ليس دقيقاً فعدد من الاساتذة لا يعمل إلا بالتدريس في التعليم المهني وحسين فرحات واحد منهم. وهو يلفت عبر "النشرة"، إلى أن "الهدف الذي كنا نسعى اليه كبير ولكن التهينا بالصغائر وهو السعي لقبض مستحقاتنا"، مؤكداً أننا "نعيش من اللحم الحيّ، ورغم كل شيء أكملنا باعطاء الدروس العمليّة حضورياً والنظريّة بعضها عن بعد والبعض الآخر حضورياً".

يختصر فرحات الموضوع بالقول "الأموال التي نطالب بها ليست بسعر النقل إلى المعهد، ولكن التعليم رسالة ونحن ندرك ذلك، وعلى المسؤولين أن يرأفوا بحالنا خصوصاً وأن قسما من ​الأساتذة​ المتعاقدين متفرغين فقط للتعليم، بينما البعض الآخر يعملون في مجالات أخرى، كالتمريض أو غيره"، لافتاً إلى أننا "بانتظار اقرار الموازنة حتى نقبض مستحقاتنا".

الحل؟!

بدورها، تشدد مديرة التعليم المهني هنادي برّي على أن "بدل اتعاب الأساتذة في التعليم المهني بلغ سابقاً 160 مليار ليرة، ونحن بانتظار أن يوقع رئيس الجمهورية ​ميشال عون​ على موازنة 2022، حتى تُصرف مستحقاتهم، بينما 35% عن العام 2020-2021 هي على جدول أعمال ​مجلس الوزراء​، بانتظار أن تنعقد الحكومة وتوافق عليها".

لا تخفي برّي أنها تتحدث من وجهة نظر الادارة، وتلفت إلى أن "​اليونيسيف​ دفعت عن العام الماضي لكل استاذ 90 دولارا شهرياً، ووزير التربية يسعى لرفعها إلى 130 دولار هذا العام، وقد قبضوا أيضا بدل أتعاب الامتحانات الرسمية ب​الدولار​ نقداً"، مؤكدة أن "الاضراب لقبض المستحقات يعني إفراغ المعاهد الرسمية ليتوجّه التلميذ إلى الشارع، لأن لا امكانية لديه لدخول المدارس الخاصة".

لا بدل للنقل

في مقابل هذا الكلام، تأتي أصوات أخرى من أساتذة التعليم المهني لتصرخ عن وجع لدى الاساتذة ومعاناة كبرى، فحتى ​بدل النقل​ الرسمي عن كل يوم حضور أيّ 95 الف ليرة لم يتقاضوه اليوم ولا سابقاً، إذ لا بدل نقل لديهم. وهنا يشير أحدهم إلى أنهم "يعطوننا 180 دولار كمساعدة اجتماعية، ونحن نحتاج يومياً لأكثر من 500 الف ليرة عن اليوم الواحد للحضور إلى العمل وحضرنا، ألم يسألوا أنفسهم كيف سنستمر"؟.

أبعد من ذلك، تشكو أستاذة أخرى من قضية دفع 90 دولارا، وتلفت إلى أن "الكلام عن تقاضي الاساتذة لهذا المبلغ غير صحيح، فهناك أساتذة في معاهد شاركوا بالاضراب واحتسبت ساعتهم وهي في مناطق معيّنة، بينما آخرون تقاضوا حسب الساعة ولم يتعدَّ ما تقاضوه الـ50 دولارا"، مشددةً على أن "المحسوبيّات فعلت فعلها في هذا المجال، ولكن ما يهم أن نتقاضى مستحقاتنا وهذا كل ما نطالب به".

معاناة أساتذة التعليم المهني كبيرة خصوصاً وأن بعضهم يعيش من المستحقّات التي يتقاضاها سنوياً، وفي نفس الوقت لم يعد بامكان الأهل ادخال أولادهم إلى المدارس الخاصة... والسؤال هنا "الم يحن الوقت لتجد الدولة حلاً للتعليم الرسمي والمهني بانصاف الاستاذ، ليتقاضى شهرياً لمبلغ يكفيه للعيش، وانصاف التلميذ فيتلقى التعليم اللازم"؟.