توقفت القوى الفلسطينية في ​لبنان​ بإهتمام كبير أمام ناقوس الخطر الذي دقته وكالة "الاونروا" للمرة الثانية في غضون شهرين فقط، ما يشير الى إرتفاع منسوب القلق على مصير ومستقبل اللاجئين في لبنان إرتباطا بإرتفاع مستويات الفقر والبطالة غير المسبوقةودرجات اليأس المتزايدة، الأمر الذي أثر بشدة على اللبنانيين ونازحي سوريا وفلسطين الذين يعيشون في مخيمات مكتظة تضيق مساحته وعرضة لإنتشار الأمراض والأوبئة.

المناشدة الاولى، التي إتخذت صفتي "العاجلة" أطلقها المفوض العام فيليب لازاريني (علمت "النشرة" إنه سيزور لبنان خلال اليومين المقبلين) للجهات المانحة لدعمها بالحصول على تمويل بقيمة 13 مليون دولار و"الخاصة"لمواصلة دعمها للاجئين الفلسطينيين في لبنان، البلد الغارق منذ ثلاث سنوات في أزمة إقتصادية متسارعة.

بينما الثانية أطلقها لازاريني من عمان خلال إجتماع لممثلي الدول المضيفة والمانحين، وإتخذت صفة "العامة" وصف فيها "وضع اللاجئ الفلسطيني في لبنان بانه وصل إلى الحضيض، ويعيش معظمهم تحت خط الفقر، وحياتهم تفتقد للكرامة، ما يجعل هناك اعتماداً كليّاً على الوكالة، في تلك المجتمعات"، فيما هناك "40 في المئة من الأطفال في غزّة لا يحصلون على وجبة الفطور".

وبين ناقوس الإنذارين، أراد لازاريني ايصال رسالة الى المجتمع الدولي بضرورة دعم موازنة الاونروا" وسد عجزها المالي قبل حصول إنفجار اجتماعي وشيك في المخيمات، على اعتبار الوكالة ما زالت حاجة ملحّة بل أكثر من ذلك بيئة لتأمين الاستقرار في المنطقة، "في ظل غياب حل عادل للقضية الفلسطينية ستبقى الأونروا وكالةً لا يمكن الاستغناء عنها، ولا بديل لها، وهي أكبر استثمار للاجئين الفلسطينيين".

لارازيني الذي أكد أن الوكالة تحتاج الى نحو 80 مليون دولار حتى نهاية 2022، وأنه "في حال استمرار التمويل ذاته، فلن يكون بإمكانها أن تفي بولايتها في السنوات المقبلة". قال إن "الوكالة تحتاج إلى 200 مليون دولار لدعم التحول الرقمي ودعم الأصول المستنفدة".

وأكدت مصادر فلسطينية لـ النشرة"، أن القوى السياسية تنظر بعين القلق الى المناشدتين رغم ظاهرها الايجابي، اذ توصفان مدى الحضيض الذي وصل اليه مستوى عيش اللاجئين في لبنان، مع تفاقم الأزمة الإقتصادية اللبنانية وطول أمدها، وقبلها تفشي جائحة "كورونا" والتي أجبرت المئات من أبناء المخيمات السعي الى الهجرة غير الشرعية وركوب البحر سعيا وراء حياة أفضل، مع ما يحمل ذلك من مخاطر الموت غرقا كما حصل مؤخرا قبالة الشاطىء السوري في طرطوس.

وأوضحت المصادر، أن هاتين المناشدتين لا تلغيان ضرورة أن تخطو "الأونروا" إلى الإمام لإعلان حالة طورائ صحية وإغاثية فورية تواكب تردي الأوضاع الصحية مع المخاوف من انتشاروباء الـ"كوليرا"، والتربوية مع العقبات التي تعوق نجاح العام الدارسي، والخدماتية مع وقف ضم عائلات جديدة الى برنامج الشؤون الاجتماعية (حالات العسر الشديد) وسواها.

ودعت المصادر إدارة الاونروا الى إعداد موازنة العام 2023 سريعا واقرارها بشكل رسمي في الاسابيع الاولى من العام القادم، بعد ان ان تكون قد اشبعت دراسة في اكثر من لجنة. مرجحة انها لن تختلف كثيرا عن موازنة السنتين الماضيتين لجهة ثباتها وعدم زيادتها، في تناقض مع المعطيات التي يقدمها مسؤولو الوكالة حول ارتفاع نسب الفقر وازدياد الاوضاع الاقتصادية للاجئين صعوبة، خاصة في لبنان.

ووفق متابعة مسار الموازنة، يلاحظ أن حركتها كانت إما ثباتا أو إنخفاضاً، وهذا ما يؤكده مسؤولو الاونروا بأن الموازنة لم تتغير منذ سنوات، ولم تواكب لا احتياجات اللاجئين ولا الزيادة السكانية. ويمكن ملاحظة هذا الامر، كنموذج، خلال السنوات الثلاث الماضية: بلغت موازنة العام 2019 حوالي 132 مليون دولار اميركي، وكانت تقديرات العام (2020) نحو 119 مليون (انخفاض)، بينما بلغت مصروفات ذلك العام 97 مليون (انخفاض)، رغم ان السبب في هذا الفارق يعود، ربما، الى الاجراء الذي اتخذته ادارة ترامب بقطع المساهمة الاميركية.

اما تقديرات العام 2021 فقد كانت 124 مليون مقارنة مع 110 مليون كموازنة فعلية (انخفاض)، وهو نفس الرقم الذي إعتمد كموازنة للعام 2022 (ثبات)، مقارنة مع تقديرات للعام 2023 بلغت 113 مليون دولار من المؤكد انه رقم سيشهد انخفاضا لحظة اعداد واقرار الموازنة نتيجة لأسباب عدة من ضمنها ما تحدثت عنه الاونروا منذ بداية عام 2022، بأن عددا من الدول ابلغت ان تبرعاتها للعام 2023 ستشهد انخفاضا..

وطالبت "دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية في لبنان" ان تُعد موازنة العام 2023 إستناداًإلى الاحتياجات الفعلية للاجئين، وليس وفقا لتقديرات تراعي واقع الأزمة المالية أو ما يمكن الوصول اليه من تبرعات. وهذا يعني ضرورة التدخل المبكر من قبل الهيئات والاطر السياسية والشعبية الفلسطينية وممثلي الدول العربية خاصة المضيفة للاجئين لوضع الاونروا والدول المانحة أمام مسؤولياتها وضمان ان لا تقل الموازنة السنوية عن الحد الادنى من متطلبات الصناديق الثلاثة (البرنامج العام-الخدمات، الطوارئ والمشاريع)، كي لا يتم اللجوء، بعد اقرار الموازنة، الى معالجات ترقيعية استجابة لحالات متوقعة او مستجدة مثل نداءات الطوارئ، وحتى لا تتذرع الوكالة لاحقا بعدم وجود اموال.

وتابعت الدائرة اذا لم يطرأ زيادة على موازنة العام القادم تراعي الاحتياجات الفعلية وتأخذ بالاعتبار المطالب الملحة للاجئين. فنحن امام نداءات طوارئ جديدة لن تكون قادرة سوى على حل جزء بسيط جدا من المشكلات.

وحسب وكالة "الأونروا" يعيش في لبنان 210 ألف لاجئ فلسطيني، من بينهم 30 ألف نازح فلسطيني مهجّر من سوريا ظروفا معيشية صعبة في 12 مخمياً رسمياً، بالإضافة إلى تجمعات أخرى واستنادا إلى آخر مسح أجرته "الأونروا"، فإن 93 بالمئة من كافة لاجئي فلسطين في لبنان فقراء. فيما يحظر على لاجئي فلسطين في لبنان ممارسة 39 مهنة، بما في ذلك في مجالات الطب العام وطب الأسنان والصيدلة والعلاج الوظيفي والقانون وغيرها من المهن.