على الرغم من حالة الجمود التي تسيطر على مسار ​الإستحقاق الرئاسي​، في الوقت الراهن، هناك قناعة لدى غالبية الأفرقاء المحليين أن لا مفر من الحوار للوصول إلى النتائج المرجوة، لكن ما بات يطرح، في بعض الأوساط السياسية، بشكل جدّي هو السؤال عن المعادلة التي ستحكم هذا الحوار، إنطلاقاً من مجموعة من المعطيات الداخلية والخارجية.

مصدر هذا السؤال هو أن الأفرقاء أنفسهم لا يزالون يرفضون هذا الأمر، بل هم لا يترددون في نفيه في حال حصول أي إجتماعات جانبية، كما حصل بعد تسرب الأخبار عن الإجتماع بين "حزب الله" وحزب "الكتائب"، بالرغم من أن هذا النوع من اللقاءات هو أمر طبيعي، لا بل مطلوب في ظل الظروف القائمة في البلاد.

في هذا السياق، تشير مصادر نيابية، عبر "النشرة"، إلى أن المشكلة تكمن بأن غالبية القوى لا تزال تراهن على حصول تطورات من الممكن أن تصب في صالحها، الأمر الذي يدفعها إلى التردد في خيار الذهاب إلى طاولة حوار في المرحلة الحالية، لا سيما أن هذه موجودة أيضاً عند القوى الإقليمية والدولية الراعية لها، من دون تجاهل أن المشهد الإقليمي يشجع على ذلك، بسبب عدم وضوح الصورة التي ستكون عليها المنطقة في الأشهر المقبلة.

بالإضافة إلى ما تقدم، تلفت المصادر نفسها أن توازنات ​المجلس النيابي​ الحالي تفرض خيار التوافق أو التسوية، وهو ما كان الجميع يدركه منذ اللحظة الأولى لصدور نتائج الإنتخابات النيابية الماضية، نظراً إلى أن ليس هناك من فريق قادر على تأمين أغلبية 65 نائباً لوحده، بينما الجميع يهدد بالذهاب إلى تعطيل الجلسات، في حال نجح أحدهم في تأمين تلك الأغلبية، لمنعه من فرض مرشحه بالإنتخابات.

أمام هذه الواقع، توضح هذه المصادر أنه قد يكون من المستغرب أن الفريق الأقوى في المعادلة، أي "​الثنائي الشيعي​"، لا يتردد في الدعوة إلى الحوار، بينما القوى الأخرى، التي من الممكن الحديث عن أنها منقسمة على نفسها، هي من يرفض ذلك، الأمر الذي يعود، من وجهة نظرها، إلى أن هذه القوى تخشى من أن يستغل الثنائي واقعها لتعزيز أوراق مرشحه غير المعلن، أي رئيس تيار "المردة" ​سليمان فرنجية​.

على صعيد متصل، تؤكّد المصادر النيابية أنه لا ينبغي تجاهل المعطيات الخارجية التي ترافق الإستحقاق الرئاسي، حيث لا تبدي مختلف الجهّات المؤثّرة أي إهتمام جدّي بالإنتهاء من هذا الملف في وقت قريب، بسبب إنشغالها بملفات أكثر أهمّية، لا سيما أنها تعتبر أن الواقع الحالي من الممكن ضبطه، أي منع الإنزلاق إلى تطورات قد تقود إلى تبدل في التوازنات الداخلية، وهو ما يتم التعبير عنه بالدعوات المتكررة إلى الحفاظ على الإستقرار الداخلي.

في المحصلة، تكشف هذه المصادر أن في بعض الأروقة هناك من يطرح سيناريوهين: الذهاب إلى تسوية في ظل الواقع الحالي، أو الذهاب إلى تسوية بعد حصول تطورات سلبية على المستوى الداخلي، أي أن التسوية هي المخرج المحسوم في نهاية المطاف، وتضيف: "معادلات كل سيناريو ستكون مختلفة عن الآخر، وأيضاً التوازنات التي ستحكم الإستحقاق لن تكون هي نفسها في الحالتين".