بعد 4 أشهر من الشّغور الرّسمي في سدّة رئاسة الجمهوريّة، وغياب أيّ حلّ أو انفراج في الأفق، أكّدت مصادر معنية بالملف الرئاسي، لصحيفة "الجمهوريّة"، أنّ "الواقع الداخلي بات مؤهلاً لإقامة طويلة بين أنياب الأزمة، ومهدّداً بتطورات غير محسوبة، تفتح الباب واسعاً على سيناريوهات اصعب وويلات ومصائب أقسى وأكثر وجعاً ممّا مرّ على اللبنانيين".

هل من مفاجآت؟

كشفت معلومات "الجمهوريّة"، أنّ "المستويات السياسية المعنية بالاستحقاق الرئاسي وصلت إلى قناعة باتت راسخة، بأنّ امكانية صياغة تسوية توافقية داخلية دخلت مدار الاستحالة". في هذا السّياق، لفتت مصادر مسؤولة للصحيفة، إلى أنّ "الكلّ يعطلّ للكلّ، وثمة من هؤلاء المعطلين من بات يكيّف نفسه مع مرحلة طويلة جداً من الفراغ في رئاسة الجمهورية، وبالتالي من العبث الافتراض انّ في الإمكان بناء مساحة مشتركة بين التموضعات التعطيلية، وهو الأمر الذي خفّف، كما نلاحظ، من الاندفاعة الخارجية تجاه الملف الرئاسي، حتى لا نقول انّ الخارج سحب يده؛ وبات في حلّ من أي مسعى لحمل اللبنانيّين على صياغة تسوية واقعية تفضي إلى انتخاب رئيس بالتوافق في ما بينهم".

ورأت أنّ "أقصى ما يمكن فعله مع هذا الإنسداد، هو التحسب لما قد يطرأ من مستجدات وتداعيات وربما مفاجآت وعواصف غير محسوبة، في واقع فاقد للحدّ الأدنى من التوازن والضوابط، ويتعرّض في ما يبدو لتدمير ذاتي ممنهج، تمهّد له الانهيارات المتتالية للبنية اللبنانية، وليس أقلّها دكّ أعمدة الدولة، وتداعي المؤسسات وشللها، وكذلك "حرب الدولار" التي تُشن على لقمة اللبنانيين، الذين عادوا بالأمس ليشهدوا فصلاً جديداً من هذه الحرب اللئيمة، بالدفع بالدولار فوق عتبة الـ80 الف ليرة؛ مع ما يرافق ذلك من جنون إضافي في الاسعار".

تسوية خيالية

وفيما انشغلت بعض الأوساط في الآونة الأخيرة، في تشريح تسريبات حول تسوية رئاسية منسوجة بتقاطعات داخلية واقليمية ودولية، تفضي إلى ما سمّي بـ"ربيع رئاسي:، وانتخاب رئيس للجمهورية في شهر آذار، شدّدت مصادر سياسية موثوقة لـ"الجمهورية"، على أنّ "هذه التسوية نتمناها، ولكنّها خيالية، فلا الخارج بشقيه الاقليمي والدولي في وارد الشراكة المباشرة في أي تسوية، فأقصى التدخّل الخارجي في الملف الرئاسي، وكما اكّد لنا السفراء، رُسم في الاجتماع الخماسي في باريس بتشجيع اللبنانيين على انتخاب رئيس، ولا الداخل اللبناني متوفرة فيه الأرضية الملائمة لأيّ تسوية، او أي نية للتوافق".

وسألت: "كيف يمكن لأيّ تسوية رئاسية ان تعبر في لبنان، فيما واقعه تتنازعه تناقضات ورؤى متصادمة وتموضعات متواجهة وإرادات تعطيلية تجافي او بالأصح تعادي بعضها البعض، وقطعت جسور التلاقي والتوافق في بينها، وبعضها يراهن على متغيّرات من خارج الحدود؟".

وإذ ركّزت المصادر على أنّ "الافتراق القائم لا يبشّر بانتخاب رئيس لا في آذار ولا في أي وقت لاحق"، أكّدت أنّ "كل الجهات مأزومة، وكارهة لبعضها البعض، وهدفها الاول والاخير إلغاء بعضها البعض، على ما هو الحال بين الأفرقاء المسيحيين الأساسيين المعنيين بالملف الرئاسي، ولاسيما بين حزب "القوات اللبنانية" و"التيار الوطني الحر"، اللذين يشدّان اللحاف الرئاسي كلّ منهما في اتجاهه، فيما المشترك بينهما هو التصلّب المتبادل وعدم التنازل، حيث رفع كل منهما سقفه إلى ارتفاعات بات النزول عنها مكلفاً جداً سياسياً وجماهيرياً وحتى وجودياً، وبينهما وبين سائر الفرقاء الآخرين وفي مقدّمهم "حزب الله"، الذين يشدّون اللحاف في اتجاه معاكس".

وأشارت إلى أنّ "بمعزل عن الحديث عن أي تسوية، فإنّ هذه الصورة المتورمة داخلياً في كلّ مفاصلها، من شأنها أن تحبط أي تسوية محتملة او أي مسعى للتوافق على رئيس سواء أكان داخلياً او خارجياً؛ وتبقي الملف الرئاسي عالقاً في دوامة التعطيل لمديات بعيدة".

على هامش الاهتمامات

ذكرت "الجمهورية" أنّ "اللّافت في موازاة هذه الصّورة، هو انّ المقاربة الخارجيّة تدرّجت من الحثّ على انتخاب رئيس للجمهورية، إلى مغادرة التحفّظ، حيث انّها غلّفت هذا التحفّظ، بتحذيرات متتالية من مخاطر تعطيل انتخاب رئيس الجمهورية، وتجنبت من خلاله إحاطة الملف الرئاسي بأيّ توصيفات تفاؤلية او تشاؤمية، الاّ انّها خلعت قفازاتها، وبدأت الحديث صراحة عن تشاؤم كبير حيال مستقبل الوضع في لبنان".

وأوضحت أنّه "يعكس ذلك ما نقله احد سفراء "الاجتماع الخماسي" لمستويات مسؤولة، وحرفيته: "قمنا بأقصى الممكن، وبكل زخم واندفاع لحماية لبنان، ولكن المشكلة هنا في لبنان، الحسابات والحزبيات فوق مصلحة لبنان".

وأضاف السّفير: "منذ بداية الأزمة، سعى المجتمع الدولي إلى أن يشعر القادة السياسيّون بمسؤوليتهم تجاه بلدهم. الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حضر بكل ثقله وإمكاناته، وكذلك الاتحاد الأوروبي وجّه عناية القادة السياسيين إلى اولوية انتظام عمل المؤسسات والاصلاحات، ومجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان عبّرت عن استعداد كلّي لمساعدة لبنان في شتى المجالات، شرط انتخاب رئيس يكون بمقدوره توحيد الشعب اللبناني الذي يعاني وضعاً مأساوياً، والعمل مع الفاعلين الإقليميين والدوليين كافّة على تجاوز الأزمة الاقتصادية والإنسانية، بما يخدم المصلحة العامة، من خلال البدء الفوري في تمهيد الطريق لتطبيق إصلاحات شاملة والتوصل لاتفاق مع صندوق النقد الدولي".

وبيّن، بحسب ما نقلت الصحيفة، أنّ "كل ذلك فتح أمام اللبنانيين مجالاً لفرص متعددة للإنقاذ، وآخرها اجتماع أصدقاء لبنان في باريس. ولكن مع الأسف كل الجهد الدولي أخفق، وكل الفرص فوّتت". وخلص إلى أنّ "المجتمع الدولي سعى إلى إبقاء لبنان في دائرة الاولويات، فيما قابله القادة السياسيون بتجاهل يدفع إلى مقاربات مختلفة، تجعل لبنان خارج او على هامش أجندة الاهتمامات والاولويات الدولية".

ميقاتي "لم يعثر" على مخرج قانوني للتمديد: ثنائي أمل وحزب الله يفتح النقاش حول خليفة إبراهيم

لفتت صحيفة "الأخبار"، إلى أنّ "بعد أسابيع من محاولة اجتراح مخارج قانونية تسمح بالتمديد للمدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم، وصلَت الأمور إلى طريق مسدود. وفي ذلك مؤشر واضح على غياب التوافق السياسي لإنجاز الخطوة".

وشرحت أنّ "في الشكل، لا يمانع أحد ببقاء إبراهيم، أما في المضمون فلم يعتبر أحد أن المعركة معركته. عليه، اعتباراً من 2 آذار المقبل، لن يعود إبراهيم مديراً للأمن العام. فيما السؤالان اللذان ينتظران الإجابة عليهما: الأول، لماذا تُركَ إبراهيم وحيداً علماً أن الجميع يتقاطع حول أن التمديد له كان سهلاً لو توافر القرار السياسي؟ والثاني من سيخلف اللواء في المنصب؟".

وأفادت الصّحيفة بأنّ "مع إغلاق الباب التشريعي أمام التمديد، اتجهت الأنظار إلى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي حاولَ إبعاد هذه الكأس عن مجلس الوزراء، محيلاً المهمة إلى وزير الداخلية في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي، وموحياً بأنه يفعل ما في وسعه، لكن "كله بالقانون". فكلف عدداً من الحقوقيين درس المخارج المقترحة للتمديد، مشترطاً التوصل إلى آلية غير قابلة للطعن أمام مجلس شورى الدولة".

وأشارت إلى أنّ "بعد مماطلة معهودة من رئيس الحكومة، أبلغ ميقاتي من يعنيهم الأمر ليل أول من أمس، عشية جلسة مجلس الوزراء، أن لا مخرج قانونياً صلباً يتيح التمديد. وفي الجلسة التي انعقدت أمس، أبلغ ميقاتي الوزراء أن "لا إمكانية للتمديد للواء إبراهيم داخل مجلس الوزراء، لأن الأمر يحتاج إلى قانون".

كما ركّزت على أنّ "بذلك، انتقل البحث منذ يوم أمس إلى الاسم الذي سيحلّ مكان إبراهيم. فبحسب القانون، يفترض أن يتولّى المهمة المدير العام بالوكالة، وهو المنصب الذي شغله العميد الياس البيسري بعدَ تعيينه عام 2019 لمدة عام واحد فقط، أو تؤول المهمة إلى الضابط الأرفع رتبة في المديرية (العميد رمزي الرامي)".

في هذا الإطار، قالت مصادر مطلعة لـ"الأخبار"، أن "مصير البيسري مرتبط بقرار اللجنة الطبية التي ستجتمع اليوم، للبت في وضع خاص بالرجل. إذ يمكن تأجيل تسريحه عملاً بأحكام المادة 55 من المرسوم الاشتراعي 102/1983 الذي يطبّق على قوى الأمن الداخلي والأمن العام. وإذا أصدرت اللجنة قراراً تثبت فيه الاعتلال، يُسرّح البيسري ليحل محله العميد رمزي الرامي، أما في حال أجّلت تقريرها لأشهر فيحّل البيسري مكان إبراهيم إلى حين صدور التقرير".

وذكرت أنّ "رغم ذلك، تجري مداولات لاختيار خلف شيعي لإبراهيم، لإدارة المرفق بصورة مؤقتة، إلى حين تعيين بديل عنه مع تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات، أو تثبيته مديراً عاماً أصيلاً. لذلك، تنطلق الاتصالات من سعي ثنائي "أمل" و"حزب الله"، إلى تكليف ضابط شيعي من ملاك الأمن العام نفسه، أو من ملاك الأسلاك العسكرية الأخرى، وسط نقاش أولي حول المواصفات المفترض توافرها في المرشح، لجهة قدرته على إدارة مؤسسة بهذا الحجم من جهة، والقيام بأدوار إضافية يفرضها الموقع؛ كما هي الحال مع كل من تعاقبوا على المنصب منذ عقود طويلة".