كشفت صحيفة "الأخبار"، أنّ "في 28 كانون الأول الماضي، أوقف الأمن العام اللبناني "مروان أ."، لدى وصوله إلى مطار بيروت برفقة زوجته وابنه، على خلفية بلاغ تقصٍّ حول تواصله مع عملاء فارّين للعدو الإسرائيلي، وفقاً لإشارة مفوض الحكومة المعاون لدى المحكمة العسكرية القاضي منى حنقير. وقد أُحيل الموقوف إلى مكتب شؤون المعلومات في الأمن العام- دائرة التحقيق الأمني".

وذكرت أنّ "التحقيقات مع مروان أ. قد بيّنت أنه استغل وجوده في بريطانيا كـ"غطاء أمني للربط بين لبنانيين وبين المبعدين في الأراضي الفلسطينية أو خارج لبنان ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية"، وأنه تحوّل "محركاً سياسياً" لهؤلاء، مقرّاً بأنه على علاقة مع عملاء كبار للعدو الإسرائيلي، وبأنه وشى لهؤلاء بأن جهازاً أمنياً لبنانياً كان يحضّر لعملية أمنية للإيقاع بأحدهم. التحقيقات كشفت أيضاً إرسال الموقوف صوراً لمواقع في جنوب لبنان إلى "المسؤول عن تجنيد العملاء" في كيان العدو".

وأشارت الصّحيفة إلى أنّ "33 سنة خارج لبنان لم تنسِ مروان أ. (مواليد 1967) بلدته عين إبل (قضاء بنت جبيل) وأبناءها. هي حال كثر من المغتربين الذين يشدّهم الحنين دائماً إلى مرابع الطفولة. لكن المغترب الذي "يكره حزب الله"، كما جاء في التحقيق معه والمقيم في حي الأميركان في الضاحية الجنوبية لدى أهل زوجته عندما يحضر إلى لبنان، تحوّل "ناشطاً سياسياً" منذ عام 2010 في دعم "قضية المبعدين من لبنان" (عملاء جيش أنطوان لحد)، و"ناشطاً اجتماعياً" بين المبعدين من أبناء البلدة، وحتى "شيخ صلح" يتدخل لحل خلافات بين شباب من آل طنوس وآل الحلو في (مستعمرة) نهاريا".

وركّزت على أنّ "مستفيداً من إقامته في بريطانيا وحمله جنسيتها، تحوّل مروان "ضابط اتصال، ومحرّكاً سياسياً بين المبعدين إلى فلسطين المحتلة وخارج لبنان ممن يحملون الجنسية الإسرائيلية، والجهات الموجودة في لبنان الّتي يمنعها القانون اللبناني من التواصل المباشر مع المبعدين"، قائلاً بالإنكليزية: I could make things happen".

كما شدّدت على أنّ "كثيرًا من علامات الاستفهام تحيط بالإفادة التي أدلى بها مروان أ. أمام محققي الأمن العام. إذ حاول التقليل من شأن تواصله مع المبعدين إلى فلسطين المحتلة، واضعاً الأمر في سياق عائلي و"ضيعاوي". فيما اللافت أن من يتواصل معهم بشكل دائم، "نجوم" في عالم العمالة للعدو الإسرائيلي، كالعميل الفار رئيس حزب "حراس الأرز" إتيان صقر المحكوم غيابياً بالإعدام، مجنّد العملاء المحكوم غيابياً بالمؤبد طنوس الجلاد، جولي أبو عراج الناشطة اللبنانية "الإسرائيلية" وابنة أحد مؤسسي "جيش لبنان الحر" العميل لإسرائيل بقيادة سعد حدّاد، ومندي الصفدي الذي عمل سابقاً في مكتب رئيس وزراء العدو بنيامين نتانياهو".

وأفادت "الأخبار" بأنّ "الموقوف أقرّ بأن الصفدي حاول تجنيده في أول لقاء بينهما، عارضاً عليه صوره مع نتانياهو وضباط إسرائيليين، من دون أن يفسّر سرّ الثقة المفرطة التي تدفع شخصية "عامة" معروفة بالولاء للعدو، إلى كشف نفسها أمامه ومحاولة تجنيده. كما أقرّ أمام المحققين بأنه وشى لعملاء كبار للعدو بعملية كان يحضّر لها جهاز أمني لبناني، وأنه نصح أحد كبار العملاء بـ"الاستثمار في الشيعة لاختراق حزب الله لأنه يصعب على المسيحيين اختراق الحزب".

وأوضحت أنّ "بالتحقيق معه، أقرّ مروان أ. بأنه نشط منذ عام 2010 في "مناصرة عودة المبعدين" من فلسطين المحتلة إلى لبنان، ونشر على صفحته على "فايسبوك" منشورات تدعو إلى تسهيل عودتهم، وبدأ يدخل موقع "لبنانيون في إسرائيل" الذي تديره العميلة جولي أبو عراج، ويتدخل في النقاشات، مشيراً إلى أنه على معرفة شخصية بمعظم أبناء بلدته بين "المبعدين". وأوضح أن بين هؤلاء اثنتين من بنات عمه مع زوجيهما، وأحدهما هو العميل فيكتور نادر الذي شغل منصب "قائد القوة الخاصة" في "جيش لبنان الجنوبي".

إلى ذلك، لفتت إلى أنّه "أقرّ أيضًا بأنه على معرفة قديمة بأبو عراج التي تنتمي إلى حزب "حراس الأرز"، وأنه كان يعرف والدها جوزف أبو عراج الذي كان مسؤول "حراس الأرز: في عين إبل. كما أنه يعرف إتيان صقر منذ عام 1988".

وكشفت الصّحيفة أنّ "مروان أبلغ المحققين أنه بعدما بدأ الاهتمام بقضية المبعدين، تواصل معه العميل طنوس الجلاد المقيم في الأراضي الفلسطينية المحتلة حوالى عام 2011، بهدف التعرّف إليه، :خصوصاً عندما علم أنني من عناصر القوات اللبنانية وضد حزب الله وسبق أن خدمت في جيش لحد". لكنه لم يوضح كيف توطّدت العلاقة خلال فترة قصيرة، حتى يطلب من الجلاد التواصل مع الناشط في ملف المبعدين بيار نور دياب (يحمل الجنسية الإسرائيلية) "لحل مشكلة بين شباب من عين إبل مقيمين في نهاريا، بهدف توحيدهم في الخارج ولم شملهم. والشباب هم من آل طنوس وآل الحلو".

صراع اليرزة - اليرزة: أين تصطفّ بقيّة الأجهزة؟

أكّدت "الأخبار" أنّ "الحرب" في اليرزة مستمرة، وآخر فصولها، أمس، إعلان وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم أن إصدار رخص حيازة السلاح من صلاحية وزارته، استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الرقم 1 تاريخ 16/1/1991، الذي حدّد حصر تنظيم ومنح التراخيص بوزارة الدفاع. بيان سليم جاء ردّاً على إصدار قائد الجيش العماد جوزف عون، قبل أيام، "مذكرة خدمة"، قضت باعتبار بطاقة "تسهيل المرور" الصادرة عن مديرية المخابرات بمثابة رخصة حيازة سلاح لحامله".

وفسّرت أنّ "ما أراد سليم قوله ولم يذكره في بيانه، أن صلاحية إصدار الرخص تعود إليه حصراً، وهو المسؤول عن تنفيذ كل مهام وزارته طبقاً للمادة 15 من قانون الدفاع الوطني، الذي وضع الجيش من ضمن المؤسسات الخاضعة له، وبالتالي لا يحق لقيادة الجيش إصدار تراخيص مشابهة أو التدخل فيها".

وأدرجت مصادر قريبة من سليم، قرار قيادة الجيش في إطار "محاولات اليرزة منذ مدة لإدخال تعديلات بالممارسة على القوانين، تؤسّس لتطويق أيّ وزير دفاع مستقبلاً وتحدّ من صلاحياته". وهو ما ينفيه مقرّبون من عون، يشيرون إلى أن "المشكلة في القوانين التي وضعتها السلطة السياسية، وكانت مُجحفة في حق المؤسسة العسكرية. إذ شحّلت صلاحيات بديهية تقع في صلب اختصاصها، من بينها إصدار رخص السلاح. فقبل 1991، كانت قيادة الجيش هي من تمنح رخص السلاح". ولفتوا إلى أن "إصدار بطاقة تسهيل المرور، في الأساس اُريد منها حفظ حق الجيش".

وذكرت الصّحيفة أنّ "ما يزيد الأمور تعقيداً، المحاولات الجارية لانتزاع اعتراف بقية الأجهزة الأمنية بتنفيذ مذكرة قيادة الجيش أو رفضها. وبحسب المعلومات، فإن عون استبق إصدار المذكرة باتصالات شملت قيادات الأمن الداخلي والأمن العام وأمن الدولة، واستحصل على موافقات شفهية على تطبيق مضمون قراره لجهة تسهيل عبور حاملي بطاقة تسهيل المرور، "وما كان القرار ليصدر من دون تفاهم ضمني مع بقية الأجهزة".

وهذا الأمر شكّكت فيه مصادر وزير الدفاع، التي أكّدت أن ما بلغها يوحي بعدم "هضم" المذكرة، مع إشارتها إلى احتمال "تفهّم" بقية الأجهزة للمذكرة، خشية تحوّل النزاع إلى أمني- عسكري. وتحدث عن "خطة باء" لدى الوزارة لتفادي هذا السيناريو.

وركّزت "الأخبار" على أنّ "جولة سريعة على الأجهزة، توحي بوجود تباين. إذ لا يمكن وضع المديرية العامة لأمن الدولة في "سلّة" الجيش كلياً، وتوحي الأجواء بأن القرار سيُعرض على مجلس القيادة عند أول اجتماع مع اقتراح بقبوله. وهنا، ثمّة دور أساسي للمدير العام لأمن الدولة اللواء طوني صليبا، وما إذا كان سيمرّر "باس" إلى غريم الحالة العونية التي يُحسب صليبا عليها، وما إذا كانت رئاسة مجلس الوزراء الوصية على الجهاز ستتدخل في هذا الشأن". وبيّنت أنّ "أوساط المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي تفضّل عدم زجّ المديرية في اشتباك يأخذ أبعاداً تتجاوز المسائل القانونية".