لا يزال الغموض يحيط بهويّة رئيس الجمهورية المقبل، ولو ان الحركة باتت ناشطة في هذا المجال، بدليل الزيارات والاتّصالات التي تجري على الصعيد السعودي (السفير في لبنان وليد البخاري)، والاميركي (زيارة مساعدة وزير الخارجية الأميركي بربارا ليف)، والفرنسي (حركة ناشطة للدبلوماسيّة الفرنسيّة والسفيرة في لبنان آن غريو)، وحتى الروسي (اتصالات تجريها الدبلوماسية الروسية)، ناهيك عن الحراك العربي (مصر وقطر...)، من دون ان ننسى النشاط الايراني الاقل ظهوراً للاعلام رغم حضوره الفاعل.

كل هذه التحركات تصبّ في ايجاد مخرج للتسوية المرتقبة التي ستحمل رئيساً جديداً الى بعبدا، وتصلح معه المشاكل السياسية (ولو بشكل موقّت) التي تعترض اللبنانيين ومنها على سبيل المثال لا الحصر، سرعة الاتفاق على رئيس حكومة مكلّف وتشكيل حكومة جديدة. ولكن، وسط كل ذلك، هناك من يقول ان الاتفاق بات جاهزاً ولكن اللاعبين المسيحيين (وتحديداً التيار الوطني الحر والقوّات اللبنانية) هم الذين يعيقون وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية الى القصر الجمهوري، لانهم "تكتلوا" ضده و"احبطوا" كل المحاولات والضمانات التي اعطيت لهم للسير به، على الرغم من معرفتهم المسبقة باستحالة وصول كل من رئيس حزب القوات سمير جعجع، ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الى الرئاسة.

ولكن مصادر سياسية متابعة، قللت من اهمية هذا الكلام، واعتبرت ان رفض المسيحيين لفرنجيّة صحيح ولا يمكن نكرانه، ولكن ما يسري عليه يسري ايضاً على المرشحين الآخرين وفي مقدّمهم قائد الجيش العماد جوزف عون، وبالتالي حصر مسألة رفض اللاعبين الاساسيين الاثنين على الساحة المسيحيّة (القوات والتيار الوطنيالحر) لفرنجية فقط ليس صحيحاً. وتضيف المصادر ان هذا القول يوحي بأنّ الامر حسم لجهة سقوط كل المرشحين الآخرين وهو امر لم يحصل بعد، بدليل ما يتمّ تسريبه من معلومات ومعطيات تؤكد ميول مسؤولين اساسيين في الدول الكبرى الى خيارات اخرى غير فرنجيّة، وانّه من دون تأييد هذه الدول، لا يمكن لفرنجيّة او سواه ان يفتح باب القصر. ولفتت المصادر الى أنه اذا كان التعويل على ان فرنسا ورئيسها الحالي ايمانويل ماكرون يحملان لواء الترويج لفرنجيّة وهو امر كاف لحسم المسألة، فلا بد من التذكير بما حصل في العام 2015 مع المذكور نفسه في حمى الانتخابات الرئاسيّة، حين اتصل به الرئيس الفرنسي في حينه فرنسوا هولاند مهنئاً في ظلّ دعم واضح من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس تيار المسقبل سعد الحريري ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط وكوكبة من الاطراف اللبنانية، لتبقى الامور على حالها لمدّة سنة تقريباً قبل وصول العماد ميشال عون بتسوية، الى رئاسة الجمهورية.

وعليه، تضيف المصادر انه مهما حاول البعض الايحاء بأن الاستحقاق داخلي، فمن غير الممكن تصديق ذلك، ولعلّ اكبر دليل على عدم صحّة لبنانية الاستحقاق، الارجاء المستمر لفرنجيّة للإعلان عن ترشيحه، حتى بعد ان أعلن الثنائي الشيعي دعمه العلني له وضمان حصوله على 65 صوتاً. واذا كان العائق الوحيد هو عدم تأمين النصاب من قبل النواب المسيحيين المنتمين الى القوّات والتّيار، فما الذي سيتغيّر داخلياً غداً او بعد شهر او بعد سنة؟ ما لم يكن التغيير والضمانات والضغوطات من الخارج هي التي ستؤدي الى الانفراج المرتقب؟ وبالتالي، فإنّ المصادر تعتبر انّ الوقت لم يحن بعد لحسم الامور ولو انها تسير في طريق افضل وبوتيرة اسرع، ولكنها تشير الى انّ الوقت لا يزال مطلوباً وربما قد تؤدّي عملية زيادة الخناق على اللبنانيين (مع الحرص الشديد على عدم فلتان الامور بشكل تام)، الى تسريع اتّخاذ القرارات، مرجّحة ان تحمل الاشهر القليلة المقبلة الجواب الشافي، ومتمنّية الا تحصل تعقيدات خارجيّة غير متوقعة تؤدي الى تجميد المساعي او التخفيف من الحماس الحالي للاستحقاق الرئاسي.