جاءت تغريدة رئيس حزب "القوات" سمير جعجع بأنه "لن يستطيع النوم الليلة"، بعد كلام رئيس المجلس النيابي نبيه بري، بأنه "ليس صديقاً ولا عزيزاً"، لتطرح السؤال: هل كان رئيس المجلس ورئيس "القوات" صديقين؟

كان جعجع يتعمّد في السنين الماضية إظهار مودته لرئيس المجلس النيابي في إطلالاته الاعلامية، وكان "الحكيم" يصف بري بالصديق العزيز. علماً ان العلاقة بينهما لم ترتق يوماً من الايام الى درجة الصداقة العادية. لكن جعجع كان يكرّر مغازلة رئيس المجلس لأسباب عدّة:

أولاً، كان رئيس حزب "القوات" يحاول زكزكة رئيس الجمهورية الاسبق ميشال عون وفريقه الحزبي والسياسي، عبر مناداة بري بالصديق، كلما اراد ازعاج التيار "الوطني الحر".

ثانياً، كان يحاول "الحكيم" دوماً خرق الخصومة السياسية القائمة مع حلفاء رئيس مجلس النواب، عبر الإدّعاء انه صديق رئيس حركة "أمل".

ثالثاً، لعبت عقيلة رئيس حزب "القوات" النائبة ستريدا جعجع والنائب جورج عدوان ادواراً تقريبية بين معراب وعين التينة.

رابعاً، حاول النائب ملحم رياشي حياكة تفاهم بين "القوات" وبري، بعد نجاح رياشي بوضع أسس تفاهم معراب بين جعجع وعون، لكنه لم يجد بيئة حاضنة لمشروعه التسووي.

خامساً، كان يسعى "الحكيم" الى تغطية مشاكساته المتواصلة لدعوات رئيس المجلس الحوارية ومشاريعه التسووية في الداخل، عبر خطاب تودّدي في الشكل.

سادساً، إعتقد جعجع ايضاً أن إدّعاءه صداقة بري، يُحرج كل فريق "٨ آذار" سابقاً، خصوصاً أن رئيس "القوات" إمتهن مهاجمة الفريق المذكور في كل المناسبات.

لكن، هل كان رئيس مجلس النواب يعتقد يوماً أنّ كلام جعجع او مغازلته له توحي بصدق نوايا "الحكيم"؟

لم يقدم رئيس حزب "القوات" يوماً على إتخاذ أي خطوة عملية إيجابية تجاه برّي: لم ينتخب تكتّله أي نواب "الجمهورية القوية" رئيس حركة "أمل" رئيساً للمجلس النيابي، ليتبيّن ان كل كلام "الحكيم" وخطاب عقيلته أو نائبه جورج عدوان تجاه رئيس المجلس النيابي، لا قيمة عملية له. لا بل ان جعجع كان يُعطي حلوَ الكلام شكلاً، ويشاكس بري مضموناً، ويُجهض كل مشاريعه الوطنية وآخرها دعوة الحوار التي كان رئيس المجلس النيابي ينوي البناء عليها لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

واذا كان جعجع يزكزك عون عبر مغازلته بري في كل السنوات الماضية، فإنّ "الحكيم" كان يسابق "الجنرال" والنائب جبران باسيل، او يخضع لمسار المزايدات معهما، في صدّ كل مشروع سياسي او نيابي او حواري يُقدم عليه رئيس المجلس النيابي. هكذا سقطت مشاريع قوانين نيابية، وبُنيت قوانين انتخابية ذات ابعاد طائفية، وذابت مشاريع تسووية وطنية.

فأين كانت الصداقة بين بري وجعجع عند كل تلك المحطّات؟ هي لم تكن يوماً، سوى في خطاب يُتلى في معراب، من دون ان يتردّد صداه في اي مساحة سياسية. وعندما جاءت حادثة الطيونة لم يعد رئيس المجلس النيابي كما قال يرد على جعجع. وصحّ عندها كلام بري عن جعجع: لا أنا صديقه ولا عزيزه.