حتى الساعة، لا تزال العديد من الجهات السياسية الفاعلة تحاول قراءة تداعيات الموقف السعودي الجديد من الإستحقاق الرئاسي، الذي عبر عنه في الأسبوع الماضي، السفير وليد بخاري في جولاته على قيادات سياسية ودينية متنوعة، خصوصاً في ظلّ غياب التوافق على معاني هذا الموقف.

من حيث المبدأ، لا تزال قوى الثامن من آذار مُصرّة على معادلة أنّ التطورات الخارجيّة تصبّ في صالح مرشّحها، أيّ رئيس تيار "المردة" سليمان فرنجيّة، في مقابل موقف رافض لذلك من غالبية القوى الرافضة لهذا الترشيح، إلا أنّ الجديد في الوقت الحالي هو إرتفاع منسوب الرهانات، على تحول من الممكن أن يقدم عليه رئيس "الحزب التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه بات من الواضح أن إعلان الرياض عدم وجود أيّ فيتو لديها على أي مرشح رئاسي، لن يقود إلى تبدل في مواقف الأفرقاء المسيحيين الأساسيين، أي "التيار الوطني الحر" وحزب "القوات اللبنانية"، ما يعني إستمرار فقدان فرنجيّة دعم أو تغطية كتلة نيابية مسيحيّة وازنة، الأمر الذي يعتبر من العقد التي لا يمكن تجاوزها.

بالنسبة إلى هذه المصادر، حتى ولو فُسر الموقف السعودي، بالرغم من صعوبة ذلك، على قاعدة أنها لا تمانع إنتخاب رئيس تيار "المردة"، فإن هذا الأمر لا يمكن أن يترجم من دون حصول تبدل في مواقف أفرقاء محليين آخرين، حيث تشير إلى أن غالبية القوى الدولية المؤثرة في الساحة اللبنانية، تشدد على أهمية أن يكون الرئيس المقبل جامعا، الأمر الذي لا يزال غير متوفر في ظل المعطيات الحالية.

ما تقدم، يدفع هذه المصادر إلى الحديث عن أن الوقائع الرئاسية لا تزال على حالها، لكن الفارق هو أن ما كان يُحكى عن فيتو سعودي، قد يقود إلى تبدل في موقف الأفرقاء اللبنانيين، بات يتم التعبير عنه من خلال الحديث عن فيتو محلّي من غير الممكن تجاوزه، وبالتالي حالة الإنقسام، التي تحول دون إنتخاب أي رئيس في ظل توازنات المجلس النيابي الحالية، لا تزال على ما هي عليه.

علىالرغممنذلك،لدىبعضالجهاتالداعمةلترشيحفرنجيّةرهانعلىحصولتبدلفيموقفرئيس "الإشتراكي" وبعضالنوابالسنّةالمستقلين، إلا أنّ المصادر السّياسية المتابعة تطرح الكثير من علامات الإستفهام حول إمكانيّة بناء الآمال على ذلك، حيث ترى أن جنبلاط لا يمكن أن يقدم على أي خطوة من هذا النوع في ظلّ الظروف الراهنة، على إعتبار أنه لن يكون في وارد الذهاب إلى الحسم في ظلّواقع رمادي، كما أنّ الموقف المسيحي، المرتبط أيضاً بالواقع في الجبل، لا يمكن أن يتجاوزه.

على هذا الصعيد، توضح المصادر نفسها أن وجهة نظر المتفائلين في قوى الثامن من آذار، تقوم على أساس أنّ أيّ تبدل في موقف جنبلاط يسهّل كثيراً معركة فرنجيّة، ليس فقط من منطلق تأمين أكثرية 65 صوتاً، بل أيضاً من خلال إحراج القوى المعارضة، على أساس أنّها لن تكون قادرة على الإستمرار في تعطيل النصاب، في حال برزت أكثريّة ناخبة لصالح فرنجيّة، حيث من الممكن أن يبادر رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى الدعوة لجلسة إنتخاب يكون هذا هدفها.

على الرغم من ذلك، تفضل هذه المصادر السؤال، في الختام، عن تداعيات إنتخاب رئيس بأكثرية 65 صوتاً، في حال بدل رئيس "الإشتراكي" موقفه، حيث تلفت إلى أنّ هذا الأمر يعني على الأرجح، المواجهة بعد إنتخابهلعقبات لن يكون من السهل عليه تجاوزها، كما أنه سيكون رسالة سلبيّة، إلى المكوّن المسيحي، لا يبدو أنّ هناك، على الأقل حتى الآن، من هو في وارد تحمل مسؤوليتها.