نقلت صحيفة "الأخبار" عن مصادر على صلة بالحركة الديبلوماسية الأميركية الدائرة حول لبنان، عن وجود "تبدّل في الخطاب والسقف الذي عبرت عنه سابقاً السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا ومساعدة وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف".

وأشارت المصادر إلى أن "هذه الأجواء بدأت تتظهر منذ أسبوعين. فبعد تأكيدات سابقة لشيا بأن بلادها لا تدعم أي اسم للرئاسة وستتعامل مع أي شخص ينتخب، سواء فرنجية أو غيره، باتت حالياً تنقل مواقف مغايرة بالتزامن مع معلومات عن تواصلها مع معارضي فرنجية لحثّهم على التوافق حول اسم مرشح في وجهه". كما نُقل عنها قولها أمام سياسيين إن "هناك فرصة لكسر فرنجية، والمعطيات تشير إلى أن المتمسكين به يرفعون سقفهم إعلامياً، لكنهم في الجلسات المغلقة يفتحون الباب أمام خيارات أخرى".

كما نُقل عن شيا أن ترشيح قائد الجيش العماد جوزيف عون "يحظى بموافقة غالبية القوى المعارضة لترشيح فرنجية"، وأن فكرة الوصول إلى تسوية قد تكون صعبة في حالة إصرار ثنائي أمل وحزب الله على رئيس المردة في مقابل تشدد الفريق الآخر بدعم قائد الجيش.

وأكدت المصادر نفسها بحسب الأخبار، أن رئيس مجلس النواب نبيه بري وضِع في أجواء هذا التحوّل الأميركي، ونقل عنه زواره أن "الأميركيين بدأوا يتحركون"، وهو ما يتقاطع مع ما نقله نواب مسيحيون على تواصل مع الفريق الداعم لوصول فرنجية. التحوّل الأميركي تزامن مع حركة السفير البخاري، وتعزز مع استعادة سوريا لمقعدها في الجامعة العربية، والحديث عن خطوات تطبيعية قريبة بين الرياض ودمشق.

وأشارت مصادر مطلعة إلى أن القلق الأميركي ينبع من إبلاغ البخاري من التقاهم عدم وجود فيتو سعودي على فرنجية، ما قد يخفف الضغط عن عدد من الكتل النيابية، ومن بينها كتلة الاعتدال الوطني. وكان بارزاً أمس موقف النائب سجيع عطية، بعد اللقاء الذي جمع الكتلة بالبخاري، بأن الرياض "لا تضع فيتو على أي اسم، ما يعني أنها لا تضع فيتو على فرنجية". وعما إذا كان هذا الموقف رمادياً، قال "كيف يكون كذلك والمملكة أزالت الفيتو". والأمر نفسه قد ينسحب على رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الذي ربما يبدّل موقفه ربطاً بالموقف السعودي.

إلى ذلك، أفادت الأخبار عن المعطيات الواردة من باريس بوجود حملة ضغط قوية ضد الخيار الذي اعتمده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن ترشيح فرنجية، ويبدو أن هناك فريقاً يأخذ على المستشار الرئاسي باتريك دوريل أنه يتصرف بعشوائية ويحاول فرض رأيه داخل خلية الإليزيه، وعلى القوى اللبنانية، وأنه كان فظاً في التحاور مع السعوديين أيضا. ويرى الفريق المعارض لدوريل أن الأخير يتسبب بمشكلات بعيدة المدى لفرنسا مع قوى لبنانية بارزة، ومع قوى ودول نافذة في المنطقة، من السعودية الى قطر وغيرهما ممن لديها حسابات مختلفة في لبنان. ويبدو أن هذا المناخ بات أكثر انتشاراً في الآونة الأخيرة، ووصل إلى مسامع ساكن الإليزية، حيث بدأت الأصوات ترتفع داعية ماكرون الى مراجعة موقفه، ونفض يده من ترشيح "حليف نصر الله وبشار الأسد"، بإبلاغ حلفاء فرنجية أن فرنسا بذلت قصارى جهدها ولم تنجح في الحصول على تأييد بقية القوى لانتخابه.