كشفت مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية لصحيفة"الجمهورية"، في مقاربة الاستحقاق الرئاسيّ، أن باريس انتقلت الى مرحلة جديدة من التحرّك، والرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون يبدو انه وضع ثقله في هذا الأمر، بِهدف الحسم السريع للملف الرئاسي في لبنان.
ومن هنا، لفتت المصادر الديبلوماسية من العاصمة الفرنسية، إلى أن اللقاء المنتظر بين ماكرون والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، (الذي زار الفاتيكان امس، والتقى امين سر حاضرة الفاتيكان الكاردينال بييترو بارولين)، يتّسم بأهميّة كبرى في هذ التوقيت بالذات، الذي يَتّصِف بدوره بدقة وحساسية كبرى في جانبه اللبناني، ومن هنا جاء توقيت زيارة البطريرك الراعي الى باريس ولقائه ماكرون.
وردا على سؤال، كشفت المصادر ان "ماكرون سيضع البطريرك الراعي في صورة ما خَلصت اليه اجتماعات باريس، والجهود المبذولة بالشراكة والتكامل مع الاصدقاء الدوليين، الذين تلاقوا على ان لبنان يُسابق الوقت، وان مصلحته تكمن في التعجيل في انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة تشرع فوراً في اجراءات انقاذية واصلاحية، علماً ان باريس قد سبق لها ان حددت موقفها في هذا السياق، ويشاركها فيه كل الاصدقاء الدوليين، وتقاطعوا عليه في الاجتماعات التي عقدها ممثلو الدول الخمس في باريس".
ولدى السؤال اذا كان الموقف الفرنسي يُزكّي انتخاب رئيس تيار المردة سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية؟ فضلت المصادر عدم الدخول في التفاصيل، الا انها لَمّحت الى انّ "الموقف الفرنسي يتلخص في ان الضرورات باتت تُحتّم خروج لبنان من هذا الوضع الشاذ، الذي يتهدد مصيره بالفعل، ومن هنا تتعزز الحاجة الى انتخاب رئيس على وجه السرعة، تتحقق معه مصلحة للبنان، وهو ما سبق ان تم ابلاغه الى كل القادة السياسيين في هذا البلد. وتبعاً لذلك، فإن باريس كانت وما تزال تعوّل على البطريرك الماروني كعاملٍ مساعد على هذا الانجاز الذي يعني اللبنانيين عموما والمسيحيين خصوصا، بما له من مكانة وحضور ودور".
وفي سياق الاستحقاق الرئاسي، كشفت صحيفة "الأخبار"، إلى أنّ جهاد أزعور حط في بيروت الخميس الماضي، وبقي حتى ظهر السبت، وزار رئيس حزب القوات سمير جعجع في معراب لنقاش عام يتعلق بكل الأوضاع، قبل أن يكمل جولته على آخرين من القيادات المعنية، بما في ذلك نبيه بري ونجيب ميقاتي. إلا أن أزعور لم يلتق رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، ولم يبلغ من التقاهم قراره النهائي قبول الترشيح من عدمه، بل كان أقرب إلى الفكرة التي تقول بأنه يفضّل ألا يواجه ما واجهه فرنجية، أي أن لا يتم إعلان ترشيحه من قبل الجهات المتوافقة عليه، وترك الأمر له ليجد المخرج المناسب. وهذه بحد ذاتها نقطة أقلقت بعض مؤيديه.
وتبين لاحقاً بحسب الصحيفة، أن أزعور كان يسعى إلى وضع كل المعنيين بالاستحقاق الرئاسي في أجواء تعبر عن جوهر موقفه أنه ليس مرشح مواجهة، وهذا لا يعني عدم حصول تنافس مع فرنجية أو غيره، لكنه ليس في مواجهة مع أحد لأنه يعتقد بأن المواجهة ستقوده إلى الفشل ولو وصل إلى قصر بعبدا، وأنه ليس مرشح جهة، بل يحظى بدعم جهات لها تمثيلها في مجلس النواب، وبالتالي، لا يمكن تحميله مسؤولية أي موقف سياسي لهذه القوى. كما فهم آخرون أن أزعور لا يريد ربطه دائماً بسياسات سابقة، وأن صداقته مع الرئيس السنيورة لا تعني أنه يمثل السنيورة أو أن السنيورة يتحدث باسمه.
كما أشارت الصحيفة، إلى أنّ الغطاء الوحيد الذي يناسب أزعور هو غطاء بكركي كونها تمثل مرجعية عامة في لبنان، وليست جهة سياسياً بحد ذاته. ويتصرف أزعور على قاعدة أنه لم يبادر بطرح نفسه كمرشح منذ اليوم الأول، وأن هناك من بادروا بإعلان اسمه، من وليد جنبلاط إلى البطريرك الراعي وباسيل وشخصيات مستقلة. وبالتالي، فإن موقفه النهائي ليس معلوماً بعد.
وأكّدت الصحيفة، أنّ الفريق الداعم لفرنجية سبق أن أبلغ أزعور، أكثر من مرة، أنه متسمك بموقفه، وأن لا خطة بديلة لدى الثنائي. كما أبلغه الفرنسيون أن باريس تدعم التسوية التي تحمل فرنجية إلى القصر الجمهوري، وعرضوا أن يكون حاكماً لمصرف لبنان خلفاً لرياض سلامة، وهي مهمة لا يحبذها الآن. وبالتالي، يعتقد أصحاب هذا الموقف أن أزعور يعرف تماماً أن قبوله الترشح في وجه فرنجية يجعله خصماً، وأن المعركة الرئاسية ستجعله مرشح مواجهة ليس العكس.