منذ السابع عشر من تشرين الأول من العام 2019، ينتظر جميع الأفرقاء اللبنانيون تدخلاً خارجياً يقود إلى تسوية، على إعتبار أن أساس الأزمة، من وجهة نظرهم، سياسي له خلفيات إقليمية ودولية، الأمر الذي تأكد بعد المسار الذي سلكه الملف الرئاسي.

حتى الآن، تؤكد مختلف المعطيات أن غالبية القوى الخارجية المؤثرة غير مهتمة بالملف اللبناني، الأمر الذي يترجم بعدم تكثيفها الجهود اللازمة للوصول إلى حل، لكنها في المقابل لا تتأخّر بالتحرك إذا وجدت أن هناك ما قد يؤثّر على الإستقرار الأمني، خصوصاً إذا ما كان يتعلق بالجبهة الجنوبية.

في هذا السياق، تشير مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أنه بات من المؤكد أن لا حل سياسي في الأفق من دون تدخل خارجي حاسم، الأمر الذي يدفع بعض الأفرقاء، في الوقت الراهن، إلى الحديث عن شغور رئاسي طويل، إلا إذا نجح المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لورديان في تقديم مبادرة غير متوقعة، نظراً إلى أن الترجيحات تصب في إطار عدم وجود أي طرح حاسم لديه.

بالنسبة إلى هذه المصادر، هذا الواقع يعود إلى أن الجانب الفرنسي، الذي لا يملك القدرة على فرض أي تسوية، لا يجد التعاون المطلوب من قبل باقي الأفرقاء الإقليميين والدوليين، الذين لا يزالون عند مواقفهم الأساسيّة التي تدعو القادة اللبنانيين إلى تحمل مسؤولياتهم، رغم قناعتهم بأن هذا الأمر غير ممكن، وبالتالي مفتاح الحل هو رعاية تسوية تقود إلى إنتخاب رئيس، ثم تشكيل حكومة تتولى وضع برامج واضحة.

على هذا الصعيد، قد يكون من الضروري التوقف عند مبادرة العديد من الجهات الدولية، لا سيّما ​الولايات المتحدة​، إلى التحرك، بعد التوتر الذي كانت قد شهدته الحدود الجنوبية في الأسبوع الماضي، الأمر الذي لم يحصل عند بروز خطر إمتداد الشغور إلى حاكمية ​مصرف لبنان​، على سبيل المثال، بعد تهديد نواب الحاكم بالإستقالة من منصبهم، بالرغم من الأهمية التي تبديها واشنطن لهذا الملف.

في قراءة المصادر السياسية المتابعة، هذا الواقع يؤكد معادلة أن الخارج غير مهتم بالوصول إلى تسوية سيّاسية في وقت قريب، لكنه في المقابل لا يريد الذهاب إلى تفجير الأوضاع الداخلية، خصوصاً إذا كان من الممكن أن يقود ذلك إلى تداعيات على أمن ​إسرائيل​، وتشير إلى أن هذا الأمر كان قد برز خلال مرحلة ​ترسيم الحدود البحرية​، حيث كانت ​الإدارة الأميركية​ تولي إهتماماً كبيراً بالوصول إلى حلّ، إلى جانب حرصها على تقديم المساعدات المادّية إلى المؤسسات العسكرية والأمنية.

من وجهة نظر هذه المصادر، ما تقدم يقود إلى إعتبار أن النظرة الخارجية إلى الملف اللبناني، باتت تنطلق من أنّه أمني بالدرجة الأولى، أيّ أن المطلوب في المرحلة الراهنة أن لا يؤدي إلى أزمة جديدة لا أكثر، أما على المستوى السياسي فقد يكون من المطلوب إستمرار الواقع على ما هو عليه، على قاعدة أن المزيد من التدهور قد يفرض على بعض الأفرقاء تقديم تنازلات في مرحلة ما.

في المحصلة، تعود المصادر نفسها إلى التذكير بالمواقف التي كان "​حزب الله​" قد ذهب إليها، في الفترة الماضية، لناحية التلويح بخيار الحرب في حال تجاوزت الضغوط الخطوط الحمراء، لتؤكّد أن المعادلة مرتبطة بهذا الواقع قبل أيّ أمر آخر.