غزت "الدولرة" كل القطاعات في ​لبنان​، فمع التفكير في دولرة فواتير الكهرباء، ولو كان ذلك لمن يرغب، ودولرة الانترنت، رغم اعتراض وزير الاتصالات الذي لن يكون له أي مفعول يُذكر، دخلت فكرة دولرة فواتير المياه حيّز البحث الجدي أيضاً.

في شهر أيار الماضي تحدث المدير العام لمؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان جان جبران عن دراسة مع "​اليونيسف​" والـ AFD بإشراف وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض لزيادة سعر متر المياه، لتتمكن المؤسسة من الاستمرار، وذلك بعد أن رُفعت الفواتير الى حدود 3 مليون و600 ألف ليرة بالجنوب، و4 مليون و100 ألف ليرة في بيروت، وهو ما كان يساوي عندها حوالي 100 دولار أميركي.

لم تستفد مؤسسات المياه وفق مصادر مطلعة من هذه الزيادة بسبب الارتفاع الصاروخي بسعر صرف ​الدولار​ الأميركي الذي تضاعف خلال شهرين بعد إقرار الزيادة، وتُشير المصادر عبر "النشرة" الى أن المشكلة التي كانت قائمة قبل رفع قيمة الفواتير عادت نفسها لا بل أصعب.

تسعى المؤسسة ومعها ​وزارة الطاقة​ الى رفع قيمة الفواتير، وإعطاء خيار دفعها بالدولار، لتكون بحدود المئة دولار سنوياً، أو عشرة ملايين ليرة، لكن هذا الأمر بحال حصل سيعني أن قسماً كبيراً من الزبائن دفعوا الفواتير على اساس 3 مليون و600 ألف ليرة، وبعضهم سيدفعها على أساس 10 مليون ليرة، وذلك لأنّ المواطنين تهافتوا منذ شهرين على دفع فواتيرهم عن العام 2023 بعد أن سمعوا "خبريّة" رفع قيمة الفواتير.

اليوم نحن مقبلون على كارثة، على حدّ وصف المصادر، مشيرة الى أنّ انقطاع المياه سيصل قريباً الى 80 بالمئة من المناطق التي تتغذّى من المؤسسات، بسبب عدم القدرة على شراء المازوت لتشغيل المولدات، وغياب كهرباء الدولة في أغلب فترات النهار، مشدّدة على أنّ الحلّ واضح ولا بديل عنه وهو زيادة إيرادات مؤسسات المياه لتمكينها من تحمل النفقات التشغيلية.

بحسب المصادر فإن مبلغ المئة دولار سنوياً هو مبلغ معقول وبسيط، مقارنة بما يدفعه المواطن لصهاريج المياه والتي وصل سعر "نقلة العشرة براميل" منها الى 15 و20 $، وبالتالي لا مجال للمقارنة بين الكلفتين على الإطلاق.

لا مشكلة بتوفّر المياه، تقول المصادر، مشيرة الى أن المشكلة كانت ولا زالت بالقدرة على نقل المياه وتوزيعها، كاشفة أن جان جبران أبلغ بواسطة كتاب أرسله إلى وزير الطاقة وليد فيّاض، منذ يومين أن لا إمكانية لتأمين المياه دون حصول المؤسسة على المازوت من منشآت النفط.

قد نصل الى مطلع أيلول دون مياه، وبحسب المصادر فإنّ الحل يكمن بدولرة الفواتير وفقاً لسعر صرف الدولار، وتبدل القيمة بتبدل السعر، وإلا فنحن متّجهون الى الأسوأ، علماً أن بعض المراقبين باتوا يربطون بين زيادة الضغط وافتعال الأزمات ورفع الأسعار ودولرة الفواتير، فهكذا حصل يوم أقرّوا زيادة فواتير الخلوي، وهكذا فعلوا لتحصيل أموال شركات تعمل في ​قطاع الكهرباء​، وهكذا جرى بملفّ الانترنت، واليوم في ملفّ المياه، علماً أن رفع الفواتير في كل تلك القطاعات لم تُحل الأزمات.