في التاسع من شهر آذار الماضي وقع إشكال بين عنصر أمني وطلاب عراقيون في ​وزارة التربية​، وشكل التسجيل المصوّر المسرّب الذي يُظهر العنصر الأمني حاملا للعصا يتهجم فيها على ​الطلاب​ فضيحة كبيرة استدعت تدخّل وزارة التربية والتعليم ​العراق​يّة والسفارة العراقيّة في ​لبنان​، فكانت النتيجة أن توقفت دائرة المعادلات للمرحلة ما قبل الجامعيّة عن استقبال طلبات المعادلات للطلاب غير اللبنانيين في 13 آذار لغاية أسبوع، تمّ بعده إطلاق آليّة جديدة لتقديم الطلبات، وهو ما "أفسد" مخطّطات السماسرة ومن يعاونهم داخل الوزارة.

لطالما كان ملف معادلات الشهادات مادّة دسمة للسماسرة، فكانت الرشاوى كثيرة لتسريع المعاملات، فاشترك بالفساد "سماسرة" من خارج الوزارة، موظّفون من داخلها، ووسطاء يؤمّنون "الزبائن" ومنهم من كانوا طلاباً.

كان للإشكال في وزارة التربية الدور الكبير في فتح الباب على هذا الملف، تقول مصادر أمنية متابعة، كاشفة عبر "النشرة" أن شكاوى عديدة وصلت لجهاز أمن الدولة حول هذا الأمر، ما جعله يتحرك.

تكشف المصادر أنّ القصة بدأت بشكوى، ثم إفادة لإحدى الطالبات العراقيّات، في بداية شهر حزيران الماضي، تتحدّث فيها عن تقدّمها بطلب معادلة شهادة جامعيّة، مثبتة بشهادة معطاة من العراق، وذلك بعد أن كانت تعرّفت على اللبناني م. م، وذلك عبر بعض الطلاب العراقيين بحيث يقوم هو بمعادلة الشهادة مقابل بدل مادي وبدل أتعاب لتسريع إنجازها.

اتصلت التلميذة العراقيّة بالسمسار اللبناني والتقت به، بحسب ما تقول في إفادتها، التي حصلت "النشرة" على أبرز ما ورد فيها، قرب وزارة التربية وسلّمته المستندات بحيث طلب مبلغ 600 دولار أميركي، فأخبرته بأنّها لا تملك المبلغ حالياً ولدى وصولها إلى العراق سوف تقوم بتحويله، ولدى وصولها إلى بلدها قامت بتحويل نصف المبلغ إلى أن يقوم السمسار بإنجاز المعادلة، فتحوّل له الباقي"، مشيرة الى أنّه قام بتزويدها بصورة عن هويّته وصورة عن جواز سفر والدته وذلك عبر تطبيق واتساب.

"بعد عودتها الى بيروت لم يتمّ تسليمها المعادلة"، تقول الطالبة، مشيرة الى انّها اكتشفت أنه كان يُفترض بها أن تقدّمها الى الوزارة عبر منصّة عائدة لهذه الغاية.

ليتبيّن، بحسب المصادر، أن المعادلة غير منجزة بشكل كامل لكنها موجودة داخل الوزارة، كما كشفت التحقيقات أن ما حصل مع هذه الطالبة حصل مع غيرها من العراقيين، فالسمسار تقاضى منهم مبالغ مالية دون إنجاز معاملاتهم، والسبب الرئيسي هو اعتماد المنصّة، إذ كان العمل جارياً بالتنسيق مع موظّفين داخل الوزارة، وعندما حصلت المشكلة توقّفت الأعمال، فضاعت الأموال.

بحسب معلومات "النشرة" فإنّ مديريّة أمن الدولة تُجري تحرياتها في هذا الملف، واستحصلت على نسخة من إفادة المعادلة تبين هويّة الموظّف بالوزارة الذي قام بإنجازها، وغيرها من المعادلات المشابهة، ولهذه الغاية تواصلت المديريّة مع وزارة التربية لإبلاغها بالتحقيق، متمنّية عليها بالإيعاز لمن يلزم بغية تزويد المديريّة بكافة المعلومات المتوافرة لاستكمال الموضوع.

استدعى جهاز أمن الدولة، مديريّة أمن الادارة العامّة والمؤسسات عدداً من الموظفين والشهود من الطلاب العراقيين للاستماع الى افاداتهم، والتحقيق بحسب المصادر مستمر ومتقدم، رغم أن السمسار لا يزال متوارياً عن الأنظار خارج لبنان، إنّما هذا لا يعني أن التحقيق لم يكتشف الكثير من الخيوط في هذا الملفّ، منها على سبيل المثال استعمال مكاتب تحويل أموال صغيرة غير تلك المعروفة، وتورّط عدد من اللبنانيين بالسمسرة، منهم من يعمل كسائق تاكسي كان يركّز عمله بين السفارة العراقيّة ووزارة التربيّة، وأبرز هؤلاء م. د، ر. س. وغيرهما.