في احد الايام قال الوزير السابق جوزف الهاشم: "إن حزب الكتائب غدا حزب الآرمه"، وقد تلقف الرئيس السابق أمين الجميل من منفاه الباريسي في تلك الفترة هذا التوصيف، وأصبح يريده بمناسبة وغير مناسبة. وفي استعادة لواقع الكتائب راهنا لا بد من ملاحظة آلاتي على ما يقول كتائبي مخضرم يعتصره الألم لما يحل بحزبه:

١-في أيام جورج سعاده كان المكتب السياسي يضم نخبة من اهل الرأي والفكر، والمجلين في ميادين عملهم ممن لهم مكانة اعتبارية في المجتمع اللبناني. ولم تشذّ عن هذه القاعدة المكاتب السياسية ايام منير الحاج وكريم بقرادوني. وفي مقارنة بين اليوم والامس يتبين كم ان الفرق شاسع.

٢-في ايام سعاده، الحاج وبقرادوني، كانت الكتائب تحتفل بعيد تأسيسها سواء بمهرجان او حفل استقبال. ومنذ ما تسلم الجميل الأب ونجله من بعده قيادة الحزب لم يجر اي احتفال بعيد الحزب.

٣-عندما تعرض الحزب في العام 1996 لاقسى حصار سياسي ومنع مرشحوه من دخول لوائح رئيسة وقوية بإستثناء الشمال التي تعرض فيها سعاده إلى التشطيب بحملة قادها الياس الهراوي الذي حرّك الأجهزة ضدّه بالتضامن والتكافل مع سليمان فرنجية، نايلة معوض، قبلان عيسى الخوري، سايد عقل المعروف بـ"نائب الطروبيل" الدائم النوم والسكوت في المجلس النيابي. وعندما توزع الكتائبيون وتفرقوا وترشح عدد من قياداتهم بالجملة، نال الكتائبيون الذين ترشحوا في كل لبنان 235 الف صوتا. حتى في بيروت نال في تلك الدورة كل من انطوان شادر 14 الف صوت وكريم بقرادوني ما يقارب الـ13 الف صوتا. اي ثلاثة أضعاف ما نال نديم بشير الجميل. وفي كسروان-الفتوح، فإن الكتائبيين المتناحرين الذين لم يتمكنوا من جمع صفوفهم وتوحيدها نال مرشحو الحزب: جوزف توتونجي، مسعود مراد، جورج كساب، شربل عازار مجتمعين ما يقارب 8 إلى 9 آلاف صوت مقابل ما يزيد على ثلاثة آلاف صوت ويزيد قليلا لنائب رئيس الحزب سليم الصايغ. ولا نريد أن نتحدث عن المتن الشمالي وكيف أن رئيس الحزب حلّ في انتخابات العام 2022 ثالثا. وكاد "عرشه" يهتزّ في بكفيا عندما تقدم على مرشح "القوات اللبنانية" بمئتي صوت فقط لا غير، وهي البلدة التي كان يملك صندوقها الانتخابي والمفتاح.

٤-على الصعيد الوطني والمسيحي، فإن رئيس "حزب الآرمة" جورج سعاده أنجز المصالحة الكتائبية مع تيار "المردة" في لقاء موسع لقيادتيهما عقد في بنشعي العام 1993. ورئيس "حزب آلارمه" عينه هو الذي عقد مؤتمر العودة في بيت الدين مع "الحزب التقدمي الاشتراكي" ورئيسه وليد جنبلاط، وكان ذلك مطلع صيف 1998، أي قبل أشهر من وفاة سعاده. وهذه المبادرات الانفتاحية تواصلت لبنانيا وعربيا ودوليا مع الحاج وبقرادوني.

ورغم الحرب الضروس التي تعرض لها حزب الكتائب على يد الرئيس السابق الجميل وجماعته، و"القوات اللبنانية" والمتضررين من عودة الكتائب إلى الساحة المسيحيّة في مختلف المناطق، فإن مصالح الحزب الجماهيريّة كانت ناشطة وحاضرة من دون مساعدة "صديق" او "حليف" عكس ما هي عليه الحال اليوم. وفي نهاية المطاف، اذا كان الجميل الأب ونجله سامي يعتبران أن الحزب قبلهما كان "حزب الآرمه"، فمن المؤكد انه في عهد الوريث الأصغر للرئيس أصبح "حزب الكارت دو فيزيت".