يبقى الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني القضية طويلة الأمد الّتي أصابت الشرق الأوسط لعقود وضربت الاقليم اقتصاديًّا وماليًّا بسبب انسداد الافق المستمرّ دون ايجاد أي حلول، إنما بقيت جميع الاجتماعات والقرارات منذ اتّفاق أوسلو وحتى اليوم حبرًا على ورق، ودون أي أفق في ظلّ تعنّت اسرائيلي مستمر بحصارها للاراضي الفلسطينية في الداخل، وإقفالها لأي مسار جدّي يعمل على تخفيف التوتّر والدخول بمفاوضات لحلّ سلمي.

حاليًا، شهد الصراع تصاعدًا غير مسبوق بين حركة حماس مع بدء عمليّة "طوفان الأقصى"، والجيش الإسرائيلي. وقد تقود تفاصيل هذا الصراع المتواصل بين الطرفين منذ عقود منطقة الشرق الأوسط الى حربٍ دمويّة لا هوادة فيها تقضي على الأخضر واليابس!.

السياق التاريخي

لفهم الوضع الحالي، من الضروري فحص السياق التاريخي للصراع الإسرائيلي الفلسطيني. حيث أسفر تأسيس إسرائيل كدولة عام 1948 عن تشريد الفلسطينيين، وخرج الامر عن اطاره مع شرارة التوتر العميق بين السكان الفلسطينيين. وعلى مرّ السنين، فشلت محاولات مختلفة للوصول إلى حلٍّ سلميٍّ، مما أدى إلى تصاعد التوتّرات واندلاع أعمال العنف بشكل متواصل.

صعود "حماس"

ظهرت حركة "حماس"، في أواخر الثمانينيات كمنافسة لمنظمة التحرير الفلسطينية. باعتبارها تنظيماً يتمتع بقاعدة دعم قويّة في قطاع غزة، واكتسبت شعبية بين الفلسطينيين بسبب مقاومتها الاحتلال الإسرائيلي للاراضي الفلسطينية. ومع ذلك، انتُقدت أساليب الحركة، للعمليّات الّتي قامت بها منذ تأسيسها وصولا الى هجمات الصواريخ، على نطاق واسع من قبل المجتمع الدولي. على الرغم من أنّ اسرائيل احتجزت أيضًا للالاف من الفلسطينيين في الداخل بسبب او من دون سبب فقط لأنهم فلسطينيون.

الجيش والمجازر

ورداً على هجمات حماس المتكررة المطالبة بالأساس بالحقوق الفلسطينية لجهة العيش بكرامة وتأمين المتطلبات الأساسية ولسبب أسر الجيش الاسرائيلي لعدد كبير من الشباب الفلسطيني وقتله دون أي رحمة، كانت الالة الحربيّة الاسرائلية تقوم بالعديد من العمليّات العسكريّة في قطاع غزة والضفّة الغربية. تهدف إلى تعطيل قدرات حماس وحماية المواطنين حسب زعم الاسرائيليين. ومع ذلك، تعرضت تكتيكات الجيش الإسرائيلي، مثل الضربات الجويّة والحصار، لانتقادات حادّة بسبب اقترافه للعديد من المجازر بحق المدنيين الفلسطينيين والتدمير المنهجي للبنية التحتية.

حدّة الضغوط

في السنوات الماضية، بلغت التوترات بين حماس والجيش الإسرائيلي مستويات جديدة. وعلى سبيل المثال كان أحد المحركات التصاعديّة للنزاع عبر إخلاء العائلات الفلسطينية من حيّ الشيخ جراح في القدس الشرقيّة، مما أثار احتجاجات واشتباكات، ارتقت بسرعة إلى تبادل إطلاق الصواريخ بين مقاتلي حماس والقوات الإسرائيليّة، ناهيك عن تدنيس المسجد الأقصى مرّات عديدة مع كل احتفال ديني يُجرى فيه.

الأزمة الإنسانية

وفي هذا السياق تعتبر واحدة من أكبر النتائج المؤلمة للصراع المستمر بين الفريقين الفلسطيني-الاسرائيلي هي الأزمة الإنسانية التي يواجهها الشعب الفلسطيني. فالعنف المستمر وتدمير البنية التحتية والوصول المحدود إلى الضروريّات الأساسيّة أدّوا الى معاناة تراكميّة هائلة في ظلّ صمت عالمي تناسى هذه القضيّة وسمح لاسرائيل بالتطاول وانتهاك الخطوط الحمراء الانسانية. في وقت اكتفى المجتمع الدولي بالدعوة إلى وقف فوري لإطلاق النار والجهود للتخفيف من الوضع الإنساني، مع تأكيد الغرب على دعمه المطلق ومن دون حدود لاسرائيل، دون الاشارة حتّى للبحث عن ايجاد حلول للقضيّة الفلسطينية العالقة في عنق الزجاجة الاسرائيلية الخانقة منذ عقود.

الدور الملتبس

أسفر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عن جذب اهتمام عالمي، حيث حاولت مجموعة متنوعة من الجهات الدولية التوسط عبر قرارات ووساطات لاتفاقات سلام أفشلتها اسرائيل جميعها، وذلك بسبب الطبيعة المعقدة للصراع والعداء العميق بين الجانبين.

لذلك وجب وفي أسرع وقت ممكن الدعوة لوقف اطلاق النار دون وضع شروط مسبقة، وبدء البحث الجدّي عن حلّ للنزاع المزمن، والّذي يتطلب نهجًا مختلفًا عن السابق متعدّد الجوانب يتناول القضايا الأساسيّة، بما في ذلك وضع القدس، وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، وإنشاء دولة فلسطينيّة قابلة للحياة، وإلا فإنّ الحقد الأعمى الّذي يزداد بين الفريقين سيشتدّ مع الوقت، ليتحوّل الصراع الى نزاع مسلّح عنيف ينعكس على المنطقة برمّتها ويجعلها متصدّعة اقتصاديًّا وماليًّا قد تجرّ معها الاقليم الى ما لا يُحمد عقباه.

في الخلاصة فإنّ الصراع المستمر بين حماس والجيش الإسرائيلي يجعل المعاناة هائلة على الفلسطينيين والإسرائيليين على حدّ سواء، وحكمًا ستدفع اسرائيل ثمنه غاليا جدا بسبب مغالاتها. وبات من الضروري للمجتمع الدولي أن يشارك بنشاط في البحث عن حلول مستدامة للمعالجة.