لفتت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "ملف حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة ينام في القضاء منذ شهرين، بعد رفضه المثول أمام الهيئة الاتهامية المكلّفة بالنظر في دعوى الدولة اللبنانية ضده، وتقدّم وكيله بطلب مخاصمة الدولة، ما أدّى إلى إحالة الملف إلى هيئة التمييز المعطّلة، حيث نام هناك".
وأشارت إلى أنّه "ليس ثمة أيّ توقّعات حول ما يمكن أن يقوم به القاضي بلال حلاوي، الذي يتسلّم اليوم ملف سلامة وشركائه من القاضي شربل أبي سمرا، بعد تكليف الأول بمنصب قاضي التحقيق الأول في بيروت بالإنابة".
وذكرت الصحيفة، أنّ "مع تراجع سلامة عن قائمة الأخبار المثيرة للاهتمام في بيروت، تقدّم عضو مجلس الشيوخ الفرنسي جويل غيريو، قبل يومين، باقتراح قانون أمام المجلس، يهدف إلى أن يعيد القضاء الفرنسي الأموال التي صادرها من سلامة وشركائه، بعد التحقيقات الفرنسية والأوروبية في جرائم الفساد وتبييض الأموال إلى الشعب اللبناني".
وعن سبب الاقتراح، أوضح غيريو لـ"الأخبار"، أنّ "علاقة عميقة تربط فرنسا بلبنان منذ زمن طويل، والفساد وغسل الأموال يشكلان عقبة أمام تحقيق التنمية الشاملة ومكافحة عدم المساواة في العالم. كما أن لبنان يحتاج إلى وقف الفساد لينهض، ولكي يرتدع الفاسدون ولا يفلتوا من العقاب مجدّداً".
وأَورد غيريو في الاقتراح مبدأ ردّ الأصول المتأتّية من الفساد المُحدّد باتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (ميريدا)، داعياً الحكومة إلى "وضع آلية لإعادة الأموال غير الشرعية المصادَرة من القضاء الفرنسي، التي تورّط فيها مواطنون ومسؤولون لبنانيون"، مستنداً إلى أحكام القانون الصادر في 4 آب 2021. وطالب الحكومة الفرنسية بـ"التعاون الوثيق مع السلطات اللبنانية المختصّة والمنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية، لضمان إعادة هذه الأموال بشكل شفاف إلى الشعب اللبناني، مع ضمان استخدامها لتحقيق التنمية الشاملة ولا سيما في مجالات الصحة والتعليم والبنى التحتية والبيئة".
من جهته، أكّد مدير مكتب غيريو، إيلي أبي سعد، لـ"الأخبار"، أنّ "استرداد الأموال سيشكل سابقة للبنان"، مشيراً إلى أن "الاقتراح سُجّل على جدول أعمال مجلس الشيوخ لمناقشته في الجلسة العامة والتصويت عليه". وبيّن أنه "عند صياغة القانون، تواصلنا مع مختلف الأفرقاء من أحزاب متنوّعة لكسب التصويت بالإجماع، مستندين إلى أن موضوع الفساد عابر للأحزاب. وسيشكل إقراره بالإجماع رسالة قوية إلى الحكومة الفرنسية، كي تأخذ في الاعتبار ما ورد في الاقتراح، كما سيشجع باقي البرلمانات في أوروبا على السير بالنهج نفسه. أما في حال فشل التصويت، فنطمح لأن يكون قاعدة يستند إليها مجلس الشيوخ عند صياغة أي قوانين مستقبلية تخصّ لبنان".
فرنسا وسويسرا تزودان لبنان بوثائق عن أملاك وأموال رياض سلامة
في سياق متّصل، أفادت صحيفة "الشرق الأوسط" بأنّ "ملف رياض سلامة عاد إلى واجهة الاهتمام القضائي، حيث تسلَّم النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات تقريراً مفصّلاً من هيئة التحقيق في مصرف لبنان، تضمَّن كامل حسابات الحاكم السابق في لبنان، وأرفق التقرير بشريحة إلكترونية (usb) تحوي أرقام الحسابات وقيمة كل منها".
وأوضح مصدر قضائي لـ"الشّرق الأوسط"، أن "خطوة هيئة التحقيق الخاصة بمكافحة تبييض الأموال، جاءت جواباً على كتاب عويدات الذي كلّفها بهذه المهمة، فور تسلّمه تقرير التدقيق الجنائي الذي أصدرته شركة "ألفاريز أند مارسال" منتصف شهر آب الماضي".
وأشار إلى أنّ "النائب العام التمييزي كلف ثلاث جهات قضائية التحقيق بكيفية صرف ما يقارب 111 مليون دولار من أموال البنك المركزي، غير محدَّدة وجهة صرفها"، لافتًا إلى أن "هذا التقرير أُحيل على المحامي العام الاستئنافي في بيروت القاضي رجا حاموش، على أن يُسلمه الأخير إلى قاضي التحقيق الأول في بيروت الذي يضع يده على الملف".
وركّزت الصحيفة على أنّ "ملف سلامة ورفاقه لا يزال يحظى باهتمام الجهات القضائية الأوروبية، إذ نفَّذ القضاء السويسري استنابة صادرة عن النيابة العامة التمييزية في لبنان". وكشف المصدر القضائي أن "القاضي عويدات تسلَّم مراسلة من المدعي العام الاتحادي السويسري، تضمَّنت الوثائق والمستندات التي جمعها الأخير والعائدة لحسابات رياض ورجا سلامة ومقربين منهما في المصارف السويسرية، على أن تُضمّ هذه الوثائق إلى الملف اللبناني، ويبدأ التحقيق فيها قريباً، لتبيان مصادر هذه الحسابات؛ وما إذا كان لها علاقة بعمليات تبييض الأموال".
وأضافت: "في سياق التعاون اللبناني الأوروبي أيضاً، تسلم عويدات نسخة عن محضر التحقيق الذي أجرته القاضية الفرنسية أود بوريزي في باريس، مع مساعدة رياض سلامة ماريان الحويك، وأُحيلت الإفادة على قاضي التحقيق في بيروت".
وأكدت مصادر مواكبة لمسار التحقيق الأوروبي لـ"الشرق الأوسط"، أن "إيداع لبنان هذه الإفادة جاء بناء لطلب النائب العام التمييزي، وفي إطار التعاون بين القضاءين اللبناني والفرنسي"، مشدّدةً على أن "تسليم لبنان نسخة عن التحقيق الفرنسي، يأتي ترجمةً لاتفاق عويدات وبوريزي، لجهة تبادل المعلومات التي تفيد الجانبين".