منذ دخول جبهة الجنوب على خط الحرب القائمة في ​قطاع غزة​، سعت العديد من القوى ​المعارضة​ إلى إطلاق مروحة من المواقف المطالبة بتحييد ​لبنان​، لكنها لم تصل إلى المستوى المؤثّر، لدرجة أن أمين عام "​حزب الله​" السيد حسن نصرالله ذهب، في خطابه الماضي، إلى وصفها "الشاذة" و"القليلة" و"المحدودة"، رافضاً أن يعلّق عليها كي لا يعطيها "قيمة".

قبل إندلاع الحرب في غزة، كانت بعض القوى المعارضة تستغل أي حادثة لإطلاق حملة واسعة تستهدف سلاح الحزب، تحت عنوان أنه "يورط" لبنان في الحروب، وهو ما تقوم به أيضاً اليوم من منطلق "التحذير"، لكن على ما يبدو لا تملك القدرة على التأثير في المشهد العام.

في هذا السياق، تتحدث مصادر متابعة، عبر "النشرة"، عن مجموعة من العوامل التي تقود إلى هذا الواقع، التي تبدأ من غياب المواقف العربيّة التي تدعم هذا التوجه، في ظلّ حجم الإعتداءات التي تقوم بها ​إسرائيل​ في فلسطين المحتلة، بالإضافة إلى الموقف الرسمي اللبناني، الذي يعبر عنه بشكل أساسي كل من رئيس المجلس النيابي نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي يحمل تل أبيب مسؤولية ما يحصل على الجبهة الجنوبية.

أما على المستوى الدولي، فتلفت المصادر نفسها إلى أنه بالرغم من التحذيرات والتهديدات الغربية المتواصلة التي تصل إلى لبنان، ليس هناك من هو مهتم في موقف قوى المعارضة، نظراً إلى أن الجميع يدرك أنها ذات تأثير إعلامي محدود، بينما على المستوى السياسي والعسكري القرار في مكان آخر، وبالتالي العمل من المفترض أن يكون في مكان آخر، في حال الرغبة في الوصول إلى نتائج فعلية.

في المقلب الثاني، لدى مصادر نيابية معارضة وجهة نظر مختلفة، حيث تشير إلى أنها تقوم بواجبها، لناحية التحذير من التداعيات التي من الممكن أن تقع نتيجة أي قرار غير محسوب النتائج على هذا الصعيد، لكنها تشدد على أن سلطة إتخاذ القرار، سواء كان ذلك على المستوى الرسمي أو غير الرسمي، ليست بيدها، وبالتالي الصوت المؤثر من المفترض أن يكون لمن هم في موقع المسؤولية اليوم، مستغربة التغطية الّتي يحصل عليها "حزب الله" من قبل الحكومة اللبنانيّة، الأمر الذي قد يكون له تداعيات كبيرة في حال تطور الأوضاع في الجنوب.

بالتزامن، تشير المصادر نفسها إلى معادلة داخليّة يجب أن تؤخذ بعين الإعتبار، تكمن بأن ليست غالبية القوى التي تُصنف معارضة على الموقف نفسه، لا بل على العكس من ذلك هناك من يبدي موقفاً مهادناً مع "حزب الله" في هذه المرحلة، بينما يتمّ تجاهل الواقع الخطير الّذي يُكرّس على مستوى هذه الجبهة، يكمن بالتحركات التي تقوم بها بعض ​الفصائل الفلسطينية​ المسلّحة، التي باتت جزءاً من المعادلة العسكرية، من دون أن يصدر أي موقف رسمي بهذا الشأن، لا بل ان دورها يتصاعد يوماً بعد آخر، وتذهب إلى أعمال تتخطى، من حيث التداعيات، تلك التي يقوم بها "حزب الله" نفسه.

في المحصّلة، تعترف هذه المصادر بأن قوى المعارضة لا تستطيع أن تقوم بأكثر ما تقوم به اليوم، ربطاً بالتوازنات الداخلية والخارجية، لكنها تؤكد أنها مستمرة في التحذير من النتائج التي قد تترتب عن الأوضاع في هذه الجبهة، خصوصاً بعد أن بادر أمين عام "حزب الله" إلى وضع الأمور ضمن معادلة الميدان يتكلم ويفعل.