تعدّ قصّة إرتفاع إحتياطي المصرف المركزي إلى تسعة مليارات دولار، والتي يجري الحديث عنها، غريبة نوعاً، خصوصاً أن أياً من الاجراءات التي يفترض أن تتخذها الحكومة، وتحديداً في موضوع الاصلاحات التي يُمكن أن ترفع الاحتياطي، لم تحصل، لا بل على العكس تماماً ف​الفراغ الرئاسي​ لا يزال قائماً والكباش السياسي على مختلف الاصعدة في أوجّه، فكيف يُمكن أن يرتفع الاحتياطي في ظلّ هذه الظروف؟.

عملياً صدر الجدول عن ارتفاع الاحتياطي في ​مصرف لبنان​ إلى هذا الرقم. هنا تشير مصادر مطلعة، عبر "النشرة"، إلى أنه "طبعاً ليس الاستقرار النقدي في سعر صرف الدولار، في هذه الظروف، هو الذي يؤثّر على الاحتياطي"، معتبرة أن "الاستقرار اليوم ليس نقدياً أبداً بل سياسي بحت، ويعود إلى القرار الذي إتخذته فئة برفع الغطاء عن كلّ من يقوم بالمضاربة، وما كانت تسمح به سابقاً اصبح مرفوضا اليوم بشكل كامل، رُبما لأنها تعتبر أنها معنية أكثر ولا تريد خسارة البلاد كلياً".

وهنا تعود المصادر إلى ارتفاع الاحتياطي، مؤكّدة أن لا ارتباط لهذا الأمر بالاستقرار الحالي في سعر صرف الدولار. وتلفت إلى أن "وجود 3 طرق لرتفع الاحتياطي، الأولى أن يقوم المصرف المركزي بجمع الدولار من السوق المحلّي، ما يُعدّ مخاطرة كبيرة، أما الثانية فهي لوجود دولارات لم يتم التصريح عنها سابقاً والآن ظهرت، وهذا إن كان صحيحاً فهو يطرح علامات إستفهام حول الشفافية، أما الثالثة فهي أن تكون وصلت بعض الأموال من الخارج إلى المصرف المركزي، وهذا ما أدّى الى زيادة الاحتياطي".

وتؤكد المصادر أن "الاجراءات التي إتّخذت بعد إنتهاء ولاية حاكم مصرف لبنان السابق ​رياض سلامة​، إضافة إلى لجم المضاربين في السوق، أمّنت نوعًا من الاستقرار، وأتى ذلك عبر تعديل العمل ببعض التعاميم والغاء أخرى" بفضل حكمة حاكم مصرف لبنان بالانابة ​وسيم منصوري​، وتلفت في نفس الوقت إلى أن "الحساب الاحتياطي في المصرف المركزي يفترض أن يكون شفافاً.

عندما تجول في الأسواق تلاحظ أن مشكلة انتشار العملة الخضراء لم تعد موجودة كما في السابق، حيث أصبح التداول أكثر سهولة لأيّ شخص، الأمر الذي يأخذنا إلى أن كلّ شيء في لبنان بات "مدولراً"، وحتما هذا الأمر سيؤثّر على ​الاقتصاد اللبناني​ بشكل كبير...

في الخلاصة، قد يكون العبء على اللبنانيين جُمِّد بانتظار ما ستؤول اليه الاوضاع العامة في المنطقة، بعد أن اندلعت الحرب بين ​اسرائيل​ و​حركة حماس​ في غزّة. وبما أن الحكومة اللبنانيّة المُصرّفة للأعمال متوقّفة عن الانتاجيّة والعمل بفعل فاعل مُستتر، يتساءل المودعون عمّا اذا كانوا سيستعيدون ودائعهم المحجوزة ب​المصارف​ في تعميم يريحهم ويريح من حُجزت "لولاراته" ليستردّها على السعر الحقيقي وليس الوهمي، فهل يخرج الحاكم بالانابة التعميم السحري الّذي عجز عنه سلامة المُلاحق بجرائم ماليّة ضخمة؟!.