شكّلت السياحة اللبنانية رافعة اقتصادية هامة طوال العقود الثلاثة الأخيرة، بحيث أهملت الكثير من القطاعات على حسابها، لكن هذا القطاع شهد انتكاسات وانفراجات بحسب رياح ال​سياسة​ والأمن، إلا أن الانفراج المنتظر بعد جمود طويل جراء الأزمة النقدية التي حلّت بلبنان بدءًا من أواخر عام 2019 تلتها جائحة كورونا طال انتظاره، فجاءت الحرب الدائرة في الجنوب اللبناني بين المقاومة والكيان الإسرائيلي لتبعد هذا التعافي إلى أجل غير مسمّى.

خسائر طالت القطاع السياحي بكافة أشكاله، فبحسب نقيب أحصاب مكاتب السياحة والسفر جان عبّود، فإنه ابتداءً من 9 و10 تشرين الأول فقد تراجع عمل القطاعات السياحية بحدود 80 إلى 85%، أما الفنادق ففرغت نهائيا من النزلاء إذ لم تتعدَّ نسبتهم 15%، فيما عملت المطاعم بنسبة 40%، فتداعيات هذه الحرب خلقت أزمة نفسية عند المواطنين، وخلقت نوعًا من الخوف والتردد لدى السواح أو المغتربين من السفر من وإلى لبنان.

ويلفت عبّود إلى إن حركة الفنادق والمرافق السياحية في منطقة الجنوب معدومة منذ قرابة 100 يوم بسبب الحرب، وهذا يرتب خسائر اقتصادية فادحة على أصحابها.

لطالما كانت عطلة الميلاد ورأس السنة مناسبة لإعادة انتعاش القطاعات السياحية، إلا أن الحرب المستمرة أتت كما لا يشتهي أصحاب المرافق السياحية، فمكاتب السياحة والسفر تحسنت حركتها بنسبة 85% ، وكذلك مكاتب تأجير السيرات، بينما المطاعم تحسنت لحدود 55 إلى 60%، أما الفنادق فبقيت الأمور على حالها بحدود 20%، وهذا الانتعاش الذي حصل بفضل اللبنانيّين المقيمين والمغتربين، فهم أحدثوا هذه الحركة في المرافق السياحية، وفق ما يؤكّده عبّود.

أخطر ما في الحرب على القطاع السياحي ليس الخسائر الآنية، وإنما تداعياتها المستقبلية، فبحسب عبّود فإن الحرب خسّرت السياحة اللبنانية الأسواق الأوروبية، فالسواح الأوروبيون نسبتهم معدومة في لبنان، أما السياحة العربية فأصبحت خجولة، فقد حضر العراقيون، أما المصريون والأردنيون فتراجعت نسبتهم، وهؤلاء كانوا عماد السياحة العربية في لبنان في السنوات الخمس الماضية، إذ كنا نعتمد عليهم بشكل كبير، وفق ما يؤكّده عبّود.

يأمل نقيب أحصاب مكاتب السياحة والسفر أن تستقر الأمور وتعود إلى طبيعتها وتنتهي الحرب وتستقر الأمور سياسيا في لبنان والمنطقة، فبمفهوم السياحة والطيران، فإن شهري كانون الثاني وشباط يُعتبران من الأشهر الجامدة بالأيام العادية، فكيف بحالة الحرب؟ ويشير إلى أن أصحاب المرافق السياحية سيبقوا بهذه الدوّامة حتى أول نيسان إذا انتهت الحرب، أما الخسارة الكبيرة التي ستستمر حتى العام القادم فهم السواح الأوروبيون، الذين يحتاجون إلى وقت طويل لاستعادة ثقتهم بلبنان، وهذا يحتاج إلى استقرار كبير وعمل دؤوب من قبلنا، فالأوروبي يخطط لعطلته الصيفية قبل عام، بحسب عبّود.

يأمل أصحاب المؤسسات السياحية كما كل الشعب اللبناني أن تنتهي الحرب وأن تهدأ الجبهات في الجنوب، لتعود المؤسسات السياحية على امتداد الخارطة اللبنانية إلى نشاطها، فمئات العائلات اللبنانية تعتمد على قطاع السياحة من أجل تأمين معيشتها، فعسىى أن تحمل الأيام القادمة هدوءًا واستقرارا للبنان والمنطقة، مترافقة بانتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية كي يعود الانتظام إلى المؤسسات الرسمية.