شدّد متروبوليت ​بيروت​ وتوابعها للرّوم الأرثوذكس المطرا ​الياس عودة​، على أنّه "كم نحن اللّبنانيّين بحاجة إلى رحمة الله لكي نشفى من حبّ الأنا وابتغاء المجد والتّسلّط، وملاحقة المطامع والمكاسب. نحن نصلّي طيلة الصّوم الأربعيني الكبير: "أيها الرّب وسيّد حياتي، أعتقني من روح البطالة والفضول، وحبّ الرّئاسة والكلام البطال...".

وأشار، خلال ترؤّسه القداس الإلهي في كاتدرائيّة القديس جاورجيوس في بيروت، إلى أنّ "هذه الصّلاة يجب أن يكرّرها كلّ ​لبنان​ي عند إشراقة كلّ شمس، لكي يسمح الرّب أن نتخلّى عن أنانيّتنا ونتخطّى انقساماتنا، ونوحّد نظرتنا إلى بلدنا، فنرى فيه وطننا الوحيد، وملجأنا الوحيد، وحاضننا الوحيد، نخلص له، ونعمل من أجله، نصونه ونحميه، وندافع عنه وحده".

ولفت المطران عودة، إلى أنّ "هذا الموقف يستدعي منّا احترام الدّول الأخرى، ونصرة القضايا العادلة وفي طليعتها قضيّة ​فلسطين​، إنّما عدم السّماح لأحد بالتّدخّل في شؤوننا الدّاخليّة، وعدم ربط مصير بلدنا، وبشكل خاص انتخاب الرّئيس، بأيّة قضيّة مهما كانت محقّة، وبأيّة دولة مهما كانت قويّة أو غنيّة أو فاعلة".

وأكّد أنّ "لبنان بحاجة إلى كلّ بنيه، إلى أدمغتهم وسواعدهم، إلى نبوغهم وعلمهم وعملهم من أجل إعادة بنائه على أسس متينة تحفظ لجميع أبنائه من الشّمال إلى ​الجنوب​، ومن السّهل إلى البحر، حقوقهم وأمنهم وحرّيّتهم واستقرارهم ومستقبلهم".

كما اعتبر أنّ "على كلّ لبناني أن يحفظ طاقاته من أجل بلده، فلا يضحّي بنفسه ولا يستهين بحياته من أجل قضيّة، مهما كانت عادلة، غير قضيّة وطنه"، متسائلًا: "هل مات أحد من أجلنا عندما كنّا في الأزمات والحروب وتحت نيران العدو وغير العدو؟ فلِم على اللّبنانيّين، وأهل الجنوب بشكل خاص، تكبّد الخسائر في الأرواح والممتلكات، ودفع أثمان هم بغنى عن دفعها، بالإضافة إلى النّزوح والتّشرّد؟".

وركّز عودة على أنّه "إذا بقي اللّبنانيّون منقسمين حول رؤيتهم للبنان وسيادته ودوره، متلهين بمصالحهم وخدمة مطامع الآخرين ببلدهم، سيخسرون لبنان وأنفسهم ومستقبل أولادهم"، مبيّنًا أنّ "عوض ذلك، عليهم تجميع طاقاتهم من أجل إنقاذ بلدهم الغارق في المشاكل وفي السّيول، الرّازح تحت عبء المواقف السّياسيّة المتناقضة، والحالة الاقتصاديّة الصّعبة، وتحت الانهيارات المتنّعة والإنزلاقات المختلفة؛ الطّبيعيّة منها والسّياسيّة".

وسأل: "هل كثير على أطفالنا أن يحلموا بمستقبل واعد؟ أن يذهبوا إلى المدارس وأن يلعبوا بسلام وأن يناموا ويحلموا دون خوف أو قلق؟ وكيف يتمّ ذلك وبلدنا بلا رئيس وبلا حكومة فاعلة ومع مجلس نيابي عاجز عن انتخاب رئيس؟".

وذكر أنّه "قد مضى عام على وجود مستمرّ في ​مجلس النواب​ لنائب لا يطالب إلّا بتطبيق ​الدستور​ وانتخاب رئيس، لكن لا نيّة لدى زملائه النّواب، وذوي السّلطة، للتّأمل في موقفه والاحتكام إلى الدستور وتطبيقه دون تأويل أو تشويه، وانتخاب رئيس. بهذا نخلّص لبنان، في هذه الظّروف، ويكون عندها قادرًا على الدّفاع عن قضاياه، وعلى مساندة كلّ ضعيف ومظلوم ومقهور".