على وقع التّصعيد المستمر من الجانب الإسرائيلي لاعتداءاته على جنوب لبنان، لفتت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "جبهة جنوب لبنان شهدت في الأيام الماضية، تصعيداً إسرائيلياً مدفوعاً بمروحة من المتغيّرات الميدانية والسياسية. وفي المقابل ارتقت ردود "حزب الله" في المدى والأهداف، وبدا واضحاً من مواقف قادة العدو وأدائه العملياتي، أنها كانت حاضرة في حسابات قيادته السياسية والأمنية".

وأوضحت أنّ "ما يجعل هذه الجبهة أكثر تفاعلاً مع المتغيّرات، أنها جزء من حرب أوسع نطاقاً تشمل بشكل رئيسي قطاع غزة، وتمتدّ إلى البحر الأحمر. وهو ما دفع وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت إلى القول إن اسرائيل تدفع "أثماناً باهظة في أعداد القتلى والجرحى"، في سياق التصميم على "تحقيق أهداف الحرب... ومواجهة التهديدات المحدقة بها في غزة ولبنان والضفة".

وأشارت الصحيفة إلى أنّ "قادة العدو لم يخفوا جانباً من خلفية تصعيد الاعتداءات، فوضعها رئيس أركان جيشه هرتسي هليفي ضمن "ضرورة جعل حزب الله يدفع الثمن غالياً جداً"، بعدما قرّر "الانضمام إلى الحرب". وهو تعبير ينطوي على إقرار بكون جبهة لبنان جزءاً أساسياً من جبهات الاستنزاف، من قطاع غزة إلى البحر الأحمر".

وبيّنت أنّ "ضمن هذا الإطار، يأتي إشغال جبهة لبنان لجزء مهم من قوات جيش العدو، وهو ما عبّر عنه هليفي بقوله إن "القوات الموجودة هنا لديها قوة كبيرة"، واضعاً ذلك في إطار التعامل مع التهديد الذي يشكّله حزب الله "جدياً ما يفرض إنشاء عائق قوي هنا وتكثيف العمل الاستخباراتي". وبالمفهوم العملياتي، يأتي تصعيد جيش العدو ترجمة لخيار مواجهة انخراط حزب الله في هذه الحرب مساندة لغزة".

التصعيد يتصاعد جنوباً

في السياق، أكّد خبير في الشؤون الاسرائيلية لصحيفة "الجمهورية"، أنّ "حرب اسرائيل على لبنان، ورغم التهديدات التي يطلقها قادة العدو، لا تحتل صدارة الاولويات، فالأولوية بالنسبة الى حكومة بنيامين نتانياهو، هي غزة وحسم الحرب فيها لصالح اسرائيل، ومن ثم الانتقال الى الضفة الغربية وإخضاعها بشكل كامل؛ والهدف الأساس هنا هو قطع الطريق على قيامة دولة فلسطينية ربطاً بما يوصف بحل الدولتين".

عودة مرتقبة لهوكشتاين لتثبيت التهدئة... أو منع الانفجار!

على صعيد متّصل، ذكرت صحيفة "الديار"، أنّ "اياما وساعات عصيبة وحاسمة على الحدود الجنوبية، تسبق الهدنة المفترضة في غزة، حيث ارتقى التصعيد الى مستويات غير مسبوقة، وتجاوز في الكثير من الاحيان "الخطوط الحمراء" دون ان يكسرها".

وأفادت أوساط مطلعة على سير العلمليات الميدانية، للصحيفة أنّ "هذا السيناريو سيرافقنا في الفترة الفاصلة بين الاعلان عن التهدئة او حتى فشلها، لان جميع الجهات معنية بتثبيت قواعد الاشتباك، للانطلاق منها نحو المحادثات الجدية "لليوم التالي" على الحدود ، حيث من المفترض ان يستأنف المبعوث الاميركي عاموس هوكشتاين زيارته المكوكية الى كل من لبنان وكيان الاحتلال الاسرائيلي، في "اللحظة" التي يعلن فيها الاتفاق او حتى الفشل في التهدئة في غزة. لكن تبقى "اليد الطولى" باعتراف كيان العدو لحزب الله، الذي يجلس الى "الطاولة" ليفرض شروطه وليس العكس".

ولفتت إلى أنّ "الصفقة" في غزة تفترض وقفاً طويلاً لإطلاق النار، الذي سيتم التوصل إليه في هذا الاطار، مما سيؤدي إلى وقف إطلاق النار على الحدود الجنوبية. هذا الافتراض لا يعود الى تعهّد قدمه "حزب الله"، وانما بالقياس على وقف إطلاق النار السابق الذي انضم إليه كجزء من الربط بين الساحات".

وأضافت: "اذا كانت واشنطن لم تتمكن حتى الآن من صياغة خطة متفق عليها مع الجانبين لإنهاء المواجهة على الجبهة الجنوبية، الا ان ما تبلغته واشنطن عبر الوسطاء انها لن تحصل من الحزب على اي ضمانة بخصوص الترتيبات الامنية تحت عنوان تطبيق الـ1701، الا بعد الحصول على اقرار "اسرائيلي" بالنقطة "بي واحد" كمحطة انطلاق للترسيم البري، والتزام حكومة الاحتلال بالتراجع الى ما وراء النقاط الحدودية الـ7 المتنازع عليها من اصل الـ13، التي تم التفاهم على 6 منها، وضمنا الاقرار بالانسحاب من مزارع شبعا، والحصول على ضمانة دولية بالتزامها عدم خرق القرار 1701 برا وبحرا وجوا؛ وبعدها "لكل حادث حديث".

وركّزت"الديار" على أنّ "في هذا السياق، عملت واشنطن على "عقلنة" الموقف الاسرائيلي لجعله اكثر واقعية، عبر القبول بوقف النار تزامنا مع غزة، وافساح المجال لهوكشتاين للبدء بجولة جديدة من المحادثات في اجواء هادئة، خصوصا ان واشنطن تخشى انزلاق الجانبين الى حرب شاملة، حتى دون وجود رغبة بذلك، بعدما اصبحت الاوضاع هشة للغاية؛ وقد تخرج الامور عن السيطرة دون سابق انذار".