في الأشهر الماضية، عاد الحديث من جديد عن ملف تفرغ الأساتذة في الجامعة اللبنانية، على قاعدة أن هناك حقوقاً لعدد كبير من الأساتذة المستحقين، لكن المشكلة، كما في كل مرة، ترتبط بالمعايير التي من المفترض أن تطبق، الأمر الذي يعيد هذا الملف إلى دائرة التجاذبات السياسية والطائفية، خصوصاً أن إقرار الملف يجب أن يتم في مجلس الوزراء.

في الأسابيع الماضية، كانت الإيجابية تسيطر على الأجواء، خصوصاً في ظل العمل الذي يقوم به وزير التربية والتعليم العالي في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي لإقرار هذا الملف، حيث برز الإجتماع الذي عقده مع الرابطة المارونية، قبل أن تعود بعد ذلك علامات الإستفهام إلى الواجهة، نتيجة الإعتراضات التي ظهرت على مبدأ التوازن الطائفي والمذهبي، الأمر الذي قد يعيد النقاش إلى المربع الأول.

وفي حين توضح مصادر في الرابطة المارونية عبر "النشرة" بأنها حصلت من الوزير على وعد بأن يكون الملف متوازناً، وألا يمر إلا بالشكل المتوازن مع مراعاة الشروط الأكاديمية، خصوصاً أن نسبة المسيحيين في الملف الأول، المرسل من قبل رئيس الجامعة بسام بدران، كانت بحدود 25%، بينما الأعداد الشيعية هي ضعف الأعداد السنية. توضح مصادر متابعة لهذا الملف، عبر "النشرة"، أن معيار التوازن المذهبي والطائفي من الطبيعي أن يحرم أساتذة مستحقين من حق التفرغ، وهو ما أثار إعتراضاً لدى بعض القوى السياسية، خصوصاً الثنائي الشيعي.

وتلفت هذه المصادر إلى أن الأخذ بهذا المعيار هو الأمر المعتمد منذ سنوات، وبالتالي التمسك به اليوم أمراً طبيعياً للمحافظة على طابع الجامعة الوطني، شرط مراعاة باقي الشروط الأخرى لا سيما الكفاءة، لكنها تعتبر أن "المشكلة الأساس تكمن بأن هذا الملف من المفترض أن يكون في عهدة مجلس الجامعة، على أن يتم التعامل معه دورياً حسب الحاجات والحقوق، بينما تمت مصادرة صلاحيات مجلس الجامعة من قبل مجلس الوزراء، عبر المرسوم الرقم 42 الصادر في العام 1997".

بحسب معلومات "النشرة"، رئيس الجامعة كان قد أرسل، في الأسبوع الأول من العام 2024، ملفاً يتضمن ما بين 1700 و1800 من الأسماء، وعد وزير التربية والتعليم العالي بتمريره بأسرع وقت في مجلس الوزراء، بعد تأمين الشروط التي تسمح بذلك، حيث تدخل الإعتبارات السياسية والطائفية والمذهبية، وبالتالي هو بحاجة إلى تدوير زوايا، ومن المتوقع أن يتضمن الملف الذي سيرفع من قبل الحلبي نحو 1200 إسما.

بحسب المصادر المتابعة، من الحلول المقترحة، في هذا المجال، أن يتم التفرغ على مراحل، بحيث يضمن الأساتذة أن حقوقهم مصونة، حيث تؤكد أن الواقع الحالي غير سليم، مع وجود 70% من الأساتذة هم من المتعاقدين بينما هناك نحو 30% من المتفرغين والملاك، في حين أنّ المنطق يفترض أن تكون النسب معكوسة، وتشير إلى أن عدد المتعاقدين هو 3300 لكن ليس الجميع من مستوفي شروط التفرغ، وتوضح أن إعتماد معادلة 55% مقابل 45% من الممكن أن يقود إلى تمرير المشروع في الحكومة.

وفي حين يوحي "الكباش" الحالي بإمكانية الإطاحة بالملف برمته، في حال لم تنجح الجهود القائمة في معالجة الإعتراضات التي ظهرت، ينتظر الأساتذة المتعاقدين بالساعة، الذين كانوا قد أعلنوا الإضراب العام بدءاً من الاثنين الماضي، معالجة باقي مطالبهم، المتعلقة ببدل الإنتاجية وبدل النقل ورفع قيمة الساعة ماديًّا، حيث تفيد المعلومات بأن النقاش حول هذه المسائل يتقدم، ومن الممكن أن تظهر النتائج في وقت قريب، إذ من المتوقع أن يصار رفع أجر الساعة ودمجها مع الانتاجية لتصبح نحو 20 دولاراً.