في الأسابيع الماضية، طغى الحديث، في بعض الأوساط المحلية، عن ضرورة تلقف "فرصة" تلوح في الأفق، تكمن بالهدنة التي كان من المفترض أن تحصل في قطاع غزّة قبل بداية رمضان، على قاعدة أنّ الولايات المتحدة تضغط في سبيل ذلك، ولهذا أرسلت مستشار الرئيس لشؤون الطاقة عاموس هوكشتاين إلى بيروت، كي يمهد الطريق لشمول جبهة لبنان بهذه الهدنة.

بالنسبة إلى البعض، هذه الهدنة كان من الممكن أن تفتح الباب أمام البحث في الإستحقاق الرئاسي، خصوصاً أن الساحة اللبنانية تشهد مجموعة من التحركات التي تُطرح علامات إستفهام حول إمكانية نجاحها في تحقيق خرق ما، بدءًا مما تقوم به كتلة "الإعتدال"، وصولاً إلى النشاط الدائم لسفراء اللجنة الخماسيّة، إلى جانب الحراك القطري، الذي على ما يبدو يتجه لرفع وتيرته، مع العلم أنه مرتبط أيضاً بالملف الحدودي.

في هذا السياق، تؤكّد مصادر سياسية متابعة، عبر "النشرة"، أنّ الرهان على إبرام إتفاق هدنة في غزة لا يزال قائماً، خصوصاً أنّ الجهود الدوليّة والإقليميّة الهادفة إلى ذلك لم تتوقف، بالرغم من أنّ فرص أن تكون طويلة تراجعت، وبالتالي بات من المرجّح الذهاب إلى هدنة قصيرة أو إستمرار الواقع على ما هو عليه، مع إستبعاد أن تبادر إسرائيل إلى تكثيف عملياتها العسكرية، خصوصاً في القطاع، خلال هذه الفترة.

في الجانب اللبناني، تعتبر هذه المصادر أن هناك خفة في التعامل مع هذه المسألة، على الأقل من الناحية السياسية، حيث تشير إلى أن المؤشرات توحي بأن مسار الحرب لن يتوقف بشكل نهائي في وقت قريب، وإلا ما كانت الولايات المتحدة لتعلن العمل على إنشاء ميناء موقّت في القطاع لإرسال المساعدات عبره، وبالتالي فإن ربط الملف الرئاسي بالعسكري من الممكن أن يقود إلى المزيد من التعقيدات، ربما لن تنتهي قبل موعد الإنتخابات الأميركية.

بالنسبة إلى المصادر نفسها، الحلّ الأمثل لإنقاذ هذه الملفّ يتطلّب فصله عن الملفّ العسكري، ثم الإنتقال إلى البحث عن الحلول الممكنة بدل الإستمرار في لعبة الإنتظار، خصوصاً أن مواقف جميع الأفرقاء معروفة، وبالتالي المطلوب الذهاب إلى حوار يقود إلى نتائج حاسمة، أو الذهاب إلى خطوات عمليّة من خلال فتح أبواب المجلس النيابي للإنتخاب، أو الإستمرار في معادلة السجالات عن بعد، فهي تعني أن الجميع لا يريد الحل في الوقت الراهن.

في المقابل، تؤكد مصادر نيابية، عبر "النشرة"، صعوبة الوصول إلى خرق رئاسي حاليا، لكنها تلفت إلى أن هذا لا يجب أن يدفع إلى التقليل من أهمية التحركات القائمة، نظراً إلى أنها، على أقل تقدير، تمهد الأرضيّة للحل، عندما يحين موعد التسوية، التي تشدد على أنها لن تكون قبل نهاية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، في حال لم تحصل "معجزة" تقود إلى تمرير هذا الإستحقاق، لكنها تستبعد ذلك لعدة أسباب، أبرزها أن الطابع الأول للإهتمام الخارجي بالملفّ الداخلي اليوم مرتبط بالأوضاع الجنوبية.

في المحصّلة، تلفت المصادر نفسها إلى أنّ السجالات السّياسية الحالية لا تؤثر على هذه المعادلة، خصوصاً أن الجهات المقرّرة في هذا الملف، الداخلية منها أو الخارجية، لا تتوقف عندها، التي تأتي من باب تسجيل النقاط والكسب الشعبي فقط، وهي تدرك جيداً أن الظروف الحالية لا تسمح بإنجاز الإستحقاق الرئاسي، لكن في المقابل تحرص على عدم حصول أي تصعيد على المستوى العسكري.