منذ أسابيع، تطغى على الساحة السياسية معلومات متضاربة حول الإستحقاق الرئاسي، على وقع حالة الغموض القائمة، بسبب وجود العديد من التحركات الهادفة إلى تحريك هذا الملف، في مقابل تأكيدات بأن البحث الجدي لن يبدأ قبل نهاية العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، على قاعدة أن التسوية في لبنان ستكون جزءاً من أخرى على مستوى المنطقة.

في هذا السياق، تشير أوساط سياسية متابعة، عبر "النشرة"، إلى أن هناك رهاناً جدياً على إمكانية إنجاز الإستحقاق قبل إنتهاء الحرب، على قاعدة الفصل بين الملفين وحاجة لبنان إلى رئيس يواكب تطورات المنطقة، خصوصاً وأن المرحلة المقبلة قد تحمل معها تطورات كبيرة، وتؤكد الاوساط نفسها أن هناك على المستوى الخارجي من يدعم هذا التوجه، بدليل الحراك القائم من قبل سفراء اللجنة الخماسية.

وتكشف هذه الأوساط أن اعضاء اللجنة يراهنون على قوة دفع تقود إلى دعم الخيار الثالث، الأمر الذي يتطلب توفّر عاملين: الأول مرونة من قوى المعارضة في التعامل مع مبدأ الحوار أو التشاور ما قد يقود إلى "حشر" الفريق الآخر، الذي عليه ثانياً، الاقتناع بهذا المبدأ. وتلفت إلى أن الخماسية تعتبر أن مبادرة "الإعتدال الوطني" يمكن أن تمثّل نقطة البداية، ولهذا بادرت إلى دعمها وتسعى إلى توفير الظروف المناسبة لها.

بالنسبة إلى الأوساط نفسها، هناك رهان على ليونة قد يمارسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري، لكن ذلك لا يمكن أن يتم وفق معادلة التحدي، حيث أن سفراء الخماسية يعتبرون أنه البوابة الى "حزب الله"، وتشير إلى أن قوى المعارضة تواجه مشكلة، تكمن بأنها لا تملك المرشح الذي تستطيع أن تدفع به على طاولة الحوار. ولكن في المقابل، هناك من يرى أن هذه نقطة قوة، على اعتبار أن ليس للمعارضة مرشحاً تتمسك به، وبالتالي التزامها برفض ريس تيار "المردة" سليمان فرنجية سيقود إلى إظهار عدم جدوى الاستمرار بترشيحه.

في الجهة المقابلة، لدى مصادر نيابية من قوى الثامن من آذار قراءة مختلفة، حيث تلفت إلى أن حصر حراك الخماسية بالسفراء الموجودين في بيروت تأكيد على أن ليس هناك من تطور حاسم في الوقت الراهن، وتشير إلى أنه عندما تفرض القوى الخارجية على الفريق الآخر، الانخراط في الحوار أو التشاور، لا يملك القدرة على الرفض، وبالتالي طالما نراه متمسكاً بموقفه من دون اي تغيير، فهذا يعني أن ليس هناك من تطورات جديدة يمكن البناء عليها.

وتلفت هذه المصادر، عبر "النشرة"، إلى أن الحراك الرئاسي، بغض النظر عن كل ما يُقال، غير موجود على قائمة أولويات القوى الخارجية المؤثّرة في المرحلة الحالية، نظراً إلى أن هذه القوى تدرك، قبل غيرها، أن هذا الملف مرتبط بالتسوية التي ستكون عليها المنطقة، بعد إنتهاء العدوان على غزة وجنوب لبنان، وهي تتصرف على هذا الأساس، لكنها في المقابل لن تمنع أي جهة من التجاوب مع المبادرة المطروحة.

في المحصلة، تؤكد المصادر نفسها أنه من الأفضل أن يتم إنتخاب الرئيس اليوم قبل الغد، لكنها تشير إلى انه كان من المفترض الذهاب إلى حوار قبل الوصول إلى المرحلة الحالية، أما اليوم فإن المسألة باتت اكثر تعقيداً مما كانت عليه في الماضي، وتضيف: "عندما ترتفع المخاوف من الذهاب إلى حرب واسعة، لا يكون إهتمام القوى الخارجية بالملف الرئاسي، بدليل أن حضوره في زيارات الموفدين الدوليين، ثانوي، في مقابل التركيز على الأوضاع الجنوبية".