اشار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، في عظته خلال قداس أحد الشعانين ببكركي، الى ان "اليوم هو عيد العائلة حول اطفالها، ونرى اطفالنا والدمعة في عيونهم والغصة في قلوبهم عندما نتكلم عن بهجة العيد، ونصلي الى المسيح كي يعزي قلوبهم ويرسل اليهم من يحمل محبته".

ولفت الى "اننا لا ننسى أطفال غزّة الخاضعين لعمليّات إبادة واضحة في المستشفيات، وطريق الهرب، ووقوفهم صفوفًا لإلتماس حصّة طعام، وفي الجوع وانتفاء الأدوية. كذلك القول عن الرجال والنساء والشباب، فيما العالم معتصم بالصمت خوفًا على المصالح. فيا لوصمة العار على جبين هذا الجيل من حكّام الدول! وتضاف كارثة العائلات والأطفال في حرب روسيا وأوكرانيا. وممّا يزيد ألـمًا المجزرة التي ارتكبها تنظيم داعش على ما يبدو بعناصر مسلّحة ومن وراءهم، مساء الجمعة، إذ اقتحموا صالة للموسيقى في ضواحي موسكو، وفتحوا النار على الحاضرين، ثمّ دبّ الحريق في الداخل، فكانت حصيلة القتلى بحسب إحصاءات اليوم 143 قتيلًا، وعدد كبير من الجرحى. فإنّا نتقدّم بالتعازي من عائلات القتلى والسلطات الروسيّة، ونرجو من السفارة الروسيّة في بيروت نقل تعازينا، وتأكيد قربنا منهم وصلاتنا، سائلين الله أن يتقبّل صلاتنا لراحة نفوس الضحايا وشفاء الجرحى وأن يضع حدًّا للحرب الهدّامة الدائرة بين روسيا وأوكرانيا بالسلام العادل والدائم".

وتابع الراعي "بدخول يسوع أورشليم، إستقبله الأطفال والجماهير هاتفين: "هوشعنا"، إنّها لفظة عبريّة معناها: "هلمّ يا ربّ وساعدنا". وهي مأخوذة من المزمور 118: 25 القائل: "إمنح الخلاص يا ربّ! إمنح النصر يا ربّ، إمنح". من لفظة هوشعنا إشتقّت كلمة "الشعانين". بالإضافة إلى المفهوم الروحيّ، نحن في لبنان نردّد مزمور الشعانين: "إمنحنا الخلاص والنصر يا ربّ" (مز 118: 25). نلتمس الخلاص من خطايانا المتزايدة، ولا توبة عليها، فتراكمت حتى أصبحنا نعيش في هيكليّة خطيئة ضدّ الله، وضدّ قدسيّة الذات، وضدّ الناس. نحن نعني الخطيئة الروحيّة، والخطيئة الأخلاقيّة، والخطيئة الإجتماعيّة، والخطيئة السياسيّة التي بلغت بالفساد إلى ذروته".

وختم الراعي: "إنّ زمن الصوم الكبير كان لنا جميعًا زمن رجوع إلى الله من كلّ القلب بروح التوبة والتقشّف، ورجوع إلى بعضنا البعض بروح المصالحة والتعاون، وإلى إخوتنا وأخواتنا الذين في حاجة لمدّ يد المساعدة الماديّة والروحيّة والمعنويّة إليهم. هذا هو الطريق الذي يؤدّي بنا إلى الإلتزام، كلٌّ من موقعه ومسؤوليّاته، ببناء وحدتنا الوطنيّة المجمّلة بتعدديتنا الثقافيّة والدينيّة. إذا عشنا الستة أسابيع من الصوم بروح الرجوع هذه، نستطيع أن نحتفل هذا المساء في جميع الكنائس والأديار برتبة الوصول إلى الميناء، أي سالمين من المخاطر التي زللناها بهذا الرجوع المثلّث. وهكذا نبدأ أسبوع الآلام، ونحن نضمّ آلامنا الجسديّة والروحيّة والمعنويّة إلى آلام المسيح الفادي، راجين منه أن يشركها في آلامه، ويمنحها قوّة فداء عن خطايانا وخطايا العالم، وأن يشركنا بمجد قيامته. نسألك، أيّها المسيح الملك، وقد هيّأت نفوسنا في هذا الصوم المشرف على نهايته، أن تشركنا في مجد قيامتك، وتجعلنا لها شهودًا إلى أقاصي الأرض، لك المجد والتسبيح مع الآب والروح القدس. آمين".

ثم اقيم زياح الشعانين في باحة الصرح الخارجية حيث حمل الاطفال الشموع واغصان الزيتون مرددين " هوشعنا في الأعالي مبارك الآتي باسم الرب "