أكّد البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، "أنّنا لا نستطيع أن نغمض أعيننا عن آلام شعبنا، ولا أن نجعل قلوبنا من حجر، ومن واجبنا أن نعطيه صوتًا من خلال صوتنا في العديد من القضايا"، مشيرًا إلى "أنّنا مدعوّون أن نحمل قضايا شعبنا إلى المجتمع والمسؤولين، وهي عديدة".

ولفت، خلال توجيهه رسالة الفصح لعام 2024، من الصّرح البطريركي في بكركي، إلى أنّ "المجلس النيابي بشخص رئيسه وأعضائه، يحرم عمدًا ومن دون مبرّر قانوني دولة لبنان من رئيس، مخالفًا الدستور في مقدّمته الّتي تعلن أنّ لبنان جمهوريّة ديمقراطيّة برلمانيّة، وفي طريقة انتخابه في المادّة 49، وفي فقدان المجلس صلاحيّته الاشتراعيّة، ليكون فقط هيئةً ناخبةً بحسب المادّة 75".

وشدّد الرّاعي، على أنّه "لا يوجد بكلّ أسف، أيّ سلطة تعيد المجلس إلى الانتظام وفقًا للدستور. وبالنّتيجة، مؤسّسات الدّولة مفكّكة، والشّعب يعاني ويفقد الثّقة بجميع حكامه"، متسائلًا: "أين الميثاق؟ وأين العنصر المسيحي الأساسي في تكوين الميثاق الوطني؟".

وركّز على أنّ "القطاع التربوي ما زال يعاند الأزمة الاقتصاديّة الّتي هزّت كيانه وأفلست مؤسّساته، وتضع إدارات المدارس أمام تحدّيين، هما تحسين ظروف العيش للأستاذة، وعدم قدرة جزء كبير من الأهل على دفع ما يتوجّب عليهم"، مبيّنًا "أنّنا نشهد كل يوم هجرةً مقلقةً للأساتذة من ذوي الكفاءة والخبرة إلى الخارج وإلى مهن أخرى، وهذا أمر خطير ينعكس سلباً على جودة التعليم في مدارسنا. لذلك على الدولة الإسراع بإقرار تشريعات جديدة تؤمّن الاستقرار للمعلّم، وتضمن له حقّه في تقاعد كريم".

كما تساءل "ما الفائدة والغاية من استمرار إقفال بعض الدوائر العقارية؟ ولماذا تمعن الدولة في قهر الموظفين لديها، ولا تتعامل بوضوح وجرأة وتجرّد مع قضاياهم؟"، معتبرًا أنّ "الدّولة لا تتعامل مع هذا الملف بموضوعيّة، فنطالب المعنيين بإنصاف الموظفين والنظر إليهم بعين الرحمة".

وأشار الرّاعي إلى "أنّنا نرى منذ 3 سنوات توقفاً شبه تام لخدمات الضمان الاجتماعي في الطبابة والاستشفاء، في ظل انهيار العملة، كما نرى تأخراً في دفع مستحقات مضمونين في مناطق معينة دون أخرى، وهذا الأمر غير مقبول ويصل الى 3 و4 سنوات إلى الوراء".

من جهة ثانية، وجّه تحيّة إلى "الجنوبيّين الصّامدين في بلداتهم وقراهم، تحت دوي القصف، وإلى كلّ الّذين فقدوا أحبّاء لهم، والّذين دُمّرت بيوتهم، والّذين تحوّلوا لاجئين إلى مناطق أخرى"، مؤكّدًا أنّ "جنوبنا يجب ألّا يتحوّل من أرض وشعب، إلى ورقة يستبيحها البعض على مذبح قضايا الآخرين، وفي قواميس حروب الآخرين".

وجزم أنّ "جنوب لبنان، بل كلّ لبنان هو لكلّ اللّبنانيّين الّذين يقرّرون سويًّا ومعًا مستقبل وطنهم وسلامه وأمنه، ومتى يُحارب ومِن أجل مَن"، داعيًا اللّبنانيّين إلى "كلمة سواء تعلن وقف الحرب فورًا ومن دون إبطاء، والالتزام بالقرارات الدّوليّة ذات الصّلة، ولا سيّما القرار 1701، وتحييد الجنوب عن آلامه من آلة القتل الإسرائيليّة، وإعلاء مفاهيم السّلام والقيامة".

إلى ذلك، شدّد الرّاعي على أنّ "النزوح السوري يملأ ارضنا بشكل مخيف، في حين أنّ أرض لبنان هي للبنانيين وأرض سوريا للسوريين"، مبيّنًا أنّ "المجتمع الأوروبي وسواه يكلمنا عن الدمج، فيما هو يقفل حدوده بوجههم، فأي عنصر إيجابي للدمج؟".

وأعلن "أنّنا نريد لبلدنا الحياد الإيجابي الناشط أو التحييد الفاعل، وهو من جوهر هويته وليس اختراعاً بل تجربة عشناها".