عند الساعة السادسة من صباح يوم الثلاثاء كان ل​حزب الله​ في لبنان عملية عسكرية استثنائية تحمل الكثير من الرسائل للاسرائيلي، فما نشره كان "جنوناً" بكل ما للكلمة من معنى إذ شنّ الحزب هجوماً نارياً مركزاً ب​القذائف المدفعية​ والصواريخ الموجهة استهدف موقع راميا وحاميته وتجهيزاته وتموضعات جنوده، من مسافة قصيرة للغاية.

في الوقت الذي قرّر فيه الجيش ال​إسرائيل​ي تقليص قوّات "الفرق المتأهبة" المسلحة في البلدات القريبة من ​الحدود اللبنانية​، مع الإشارة الى ان هذه الفرق هي قوات حراسة صغيرة يقودها عسكري، مهمتها التعامل مع أيّ حدث أمني داخل المستوطنات الى حين وصول الجيش الاسرائيلي، نفّذ حزب الله عمليّة على موقع راميا أعادنا بالذاكرة الى زمن اقتحام المواقع الاسرائيليّة قبل التحرير عام 2000، وذلك من شأنه أن يرفع منسوب التوتّر بين المستوطنين في الشمال الاسرائيلي والحكومة الاسرائيلية.

أساس وجود فرق الحراسة هذه هو التعامل مع أيّ دخول عسكري لقوات حزب الله الى داخل المستوطنات، وهذا أساس الرعب الذي يعيشه المستوطنون الذين يطالبون بإبعاد قوات الرضوان عن الحدود لمنع تكرار ما حصل في غلاف غزّة في المستوطنات الشمالية، لذلك كان التزامن بين ​العملية العسكرية​ لحزب الله من مسافة تقارب الصفر وانسحاب فرق الحراسة أمراً أساسياً.

بالعودة الى العملية العسكرية، تُشير مصادر مطّلعة عبر "النشرة" الى أن قوّة حزب الله وصلت الى محيط موقع راميا باستخدام المنشآت العسكرية له على الحدود، بعد تيقن خلوّ السماء فوقهم من المسيّرات، باستخدام تقنيات تكنولوجيّة حديثة، وذلك يشكل رسالة جادّة بأنّه لا يزال ملتصقاً بالحدود بما يكذّب كل المسؤولين الاسرائيليين الذين تحدثوا عن نجاحهم بإبعاده عن الحدود وقتل نصف قادته، مشدّدة على أن العملية حصلت على بعد أقل من 500 متر عن الموقع.

رسائل هذه العمليّة كثيرة تقول المصادر، وهي تندرج ضمن المفاجآت التي وعد بها الحزب مؤخراً، وأبرز الرسائل إظهار قدرته على اقتحام المواقع بحال أراد، أو وجد بذلك مصلحة، وإظهار قدرته على التحرك على الحدود بشكل غير محدود، وتنفيذ عملية عسكرية يتخللها إطلاق قذائف هاون 60 وهاون 120 وقذائف آر بي جي، وهنا لا نتحدث عن قذيفة بل العديد منها، وصواريخ موجهة على الأرجح أنها من نوع "فاغوت"، مع الإشارة الى أنّ الفيديو المنشور حول العمليّة يُظهر التحضير والتموضع ومن ثم الإطلاق.

أراد الحزب توجيه رسالة للإسرائيليين مفادها أنه لا يزال على الحدود ويمتلك المنشآت اللازمة للعمل من مسافة صفر، وأنه قادر على تنفيذ ما وعد به سابقاً من دخول الى شمال اسرائيل، وأنه قادر أيضاً على تصوير كل عملياته في كل مكان ومن أكثر من زاوية، والأهم، أنه جاهز لمواجهة أيّ جنون اسرائيلي باجتياح برّي في الجنوب، وبالتالي هذا الأمر بحسب المصادر سيسهم بزيادة منسوب القلق والخوف لدى المستوطنين الذين يشاهدون بأمّ العين حجم النفاق الذي يمارسه المسؤولون الاسرائيليون عليهم، وحجم قدرات الحزب الّذي "يتفنن" باستخدام قدراته بحسب ما يناسب مصلحته.