أشارت صحيفة "الأخبار" إلى أنّ "تكثيف الحراك الدبلوماسي الأوروبي في اتجاه لبنان، يعكس في جانب رئيسي منه، هواجس من تفجّر ملف النازحين السوريين هجرة غير نظامية إلى أوروبا. وفيما بلغ هذا الحراك ذروته مع زيارة رئيسة المفوّضيّة الأوروبية الألمانية أورسولا فون دور لاين لبيروت مطلع أيار الماضي، يرافقها الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليسدس، وإعلانها عن "رشوة" المليار يورو على أربع سنوات، تواصل الدول الأوروبية الواقعة بينَ مخاوفها من انفجار ملف النزوح وإصرارها على خنق سوريا بالعقوبات، محاولاتها لتقديم كل الإغراءات من أجل إجبار لبنان على البقاء حائط صد أوروبياً؛ أمام توجّه النازحين إلى القارة العجوز".
ولفتت إلى أنّ "رشوة المليار لم تكن الجزرة الوحيدة التي كشف عنها الأوروبيون، إذ يجري التسويق لـ"سياسة أوروبية جديدة" تجاه لبنان، تقوم على شراكة اقتصادية تؤدي الى إصلاحات وإعادة إطلاق للعلاقة وسياسة أكثر تفاعلية مع لبنان"، مبيّنةً أنّ "في هذا السياق، أتَت زيارة نائب رئيس المفوّضية الأوروبية مارغريتس سكيناس على رأس وفد إلى بيروت، الأسبوع الماضي، ولقاؤه رئيسَي مجلس النواب نبيه بري والحكومة نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبدالله بو حبيب والمدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري".
وذكرت الصّحيفة أنّه "سبقت هذه الزيارات أجواء تبلّغتها وزارة الخارجية من بعثة لبنان لدى الاتحاد الأوروبي، نقلاً عن مسؤولين كبار في المفوّضية، بأنها "ليست محصورة بموضوع اللاجئين وتقديم الأموال فقط، وأن الأوروبيين يبحثون في كيفية مساعدة لبنان في انتهاج السياسة الاقتصادية المطلوبة للخروج من الأزمة المستمرة منذ عام 2019"، وأن "الزيارات ستركّز على إرساء دعائم شراكة اقتصادية تؤدي إلى إصلاحات".
منصوري أبلغ المصارف إلغاء الهندسات المالية وكل الفوائد التي كانت تنتجها
على صعيد منفصل، كشفت مصادر مطّلعة لـ"الأخبار"، أن "الاجتماع الذي عُقد يوم الخميس الماضي بين حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، ومجلس إدارة جمعية المصارف، جاء في سياق أزمة السيولة التي تعاني منها المصارف والاستنزاف اللاحق بها بسبب تطبيق التعميمين 158 و166. فقد تبيّن أن عدداً كبيراً من المصارف ليست قادرة، لأكثر من بضعة أشهر، على مواصلة تسديد ما يتوجب للمودعين بموجب هذين التعميمين، بينما تتعرّض لضغط سيولة كبير ناتج من ارتفاع مصاريفها التشغيلية".
وبيّنت أنّ "بالتالي بدأت المصارف تستنزف السيولة التي يفترض أن تكوّنها بنسبة 3% من ودائعها، بموجب التعميم 154. هكذا تبدو خيارات المصارف صعبة؛ فإما إشهار الإفلاس، وإما على أصحاب المصارف ضخّ السيولة لا من أجل إعادة مصارفهم إلى الحياة، بل من أجل شراء المزيد من الوقت في انتظار توزيع للخسائر يقيهم شرّ الإفلاس".
وأوضحت المصادر أن "النقاش تطرّق في الاجتماع إلى أزمة السيولة، وقد عرض منصوري على المصارف إمدادها بسيولة بالليرة اللبنانية: "سأمنحكم بعضاً من السيولة بالليرة، إنما ستعرفون لاحقاً آلية توزيعها وحجمها، ويجب أن تعلموا أنني ألغيت كل العقود المتعلّقة بالهندسات المالية، ما يعني أن توظيفاتكم في هذه الهندسات لن تعود منتجة للفوائد".
وركّزت على أنّ "منصوري يعتقد أن مصرف لبنان هو سقف المصارف التي لن يكون بإمكانها أن تتجاوزه بأي طريقة من الطرق. وما يعزّز هذه النظرة أن المصارف غارقة في ضغوط السيولة "إلى أذنيها"، وأن الحلول المتاحة لها للبقاء هي الآن في يد مصرف لبنان، خلافاً للحلول التي "جُرّبت" خلال الفترة الماضية مع ميقاتي، والتي يبدو أنها لم تنتج سوى مزيد من السجال".
في أيامه الأخيرة سلامة بدّد 400 مليون دولار: خطّة من 3 نقاط يعدّها منصوري في إطار ثوابته
في السّياق، أفادت "الأخبار" بأنّ "حتى اللحظة، يبدو أن حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري، متمسّك بإدارة للمرحلة الانتقالية، فيها ثوابت واضحة بمعزل عن مدى تطابقها أو اختلافها مع السياسات النقدية السابقة. هذه الثوابت تقوم على فكرتين أساسيتين: استقرار سعر الصرف، منع إفلاس أي مصرف. في ما عدا ذلك، يناقش منصوري في كل القضايا المطروحة على الطاولة، ولا سيما في ما يتعلق بمشاريع معالجة أوضاع المصارف ومسألة توزيع الخسائر".
وأشارت إلى أنّ "في الثوابت، يرفض منصوري الإقرار بأن استقرار سعر الصرف اليوم، مماثل لسياسة تثبيت سعر الصرف التي اتُّبعت في أيام حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة. وبرهانه على ذلك، أنه أوقف تمويل الحكومة بشكل نهائي، بل بات يستعمل الأدوات الحكومية في مهمّة تأمين هذا الاستقرار، بدلاً من إغراق السوق بدولارات المودعين".
وذكر مطّلعون للصحيفة، أنّ "رياض سلامة أغرق السوق بنحو 400 مليون دولار من أموال المودعين في أيامه الأخيرة التي أمضاها في مصرف لبنان. فعندما صار معروفاً للجميع أن منصوري سيقوم بإيقاف عمليات "صيرفة"، كانت هناك مبالغ أودعها الزبائن لدى المصارف، من دون أن يكون لها تمويل بالفريش، ما دفع سلامة إلى تسديدها من السيولة بالعملة الأجنبية التي يملكها مصرف لبنان، أي "الاحتياطات بالعملة الأجنبية" التي يطلق عليها تسمية "أموال المودعين".
وأشارت "الأخبار"، إلى أنّ "ما سُرّب عن خطة يعمل عليها منصوري للتسوية مع المجموعة الأكبر من المصارف، يقوم على ثلاثة مسارات أساسية: شطب الفوائد الزائدة، إثبات شرعية مصدر الأموال، وتصنيف الودائع بين زبائن عاديين وزبائن مستثمرين".
إجتماع أمني قبل ايّام في سلطنة عمان خلُص الى استبعاد توسّع الحرب على لبنان
من جهة ثانية، شدّدت صحيفة "الديار" على أنّ "التهديدات الاسرائيلية اليومية للبنان بإعادته الى العصر الحجري لا تتوقف، اذ يتسابق المسؤولون الاسرائيليون على إطلاق هذه النغمة، التي تهدف الى إتساع الحرب والمواجهة العسكرية وإشعال لبنان بشكل غير مسبوق. هذه التهديدات ما زالت تتردّد منذ عملية "طوفان الاقصى" التي جرت في تشرين الاول الماضي، فيما الحقيقة والقرار الاخير يأتي على الأجنحة الاميركية".
وبيّنت أنّ "هذا ما حصل في سلطنة عمان، خلال اجتماع جمع مسؤولين اميركيين وايرانيين، خلصوا الى قرار استبعاد توسيع الحرب على لبنان، مما يعني انّ قرار الحرب او السلم يأتي دائماً بلهجة اميركية، وإلا تقف كل انواع المساعدات التي تحصل عليها "اسرائيل".
وأبدت مصادر سياسية مواكبة للتطورات على الساحة العسكرية، عبر "الديار"، تفاؤلها من "نتيجة ما جرى خلال اجتماع سلطنة عمان"، ورأت أنّ "القرار اتخذ بحكمة، لانّ لـ"حزب الله" ايضاً تهديداته، وسبق ان اعلنها بالفم الملآن عبر امينه العام السيّد حسن نصرالله، بأنّ اتساع الحرب ومحاولة ضرب بيروت وغيرها من المناطق اللبنانية، تعني الكثير من الاخطار في إتجاه إسرائيل، اذ سيبلغ القصف تل ابيب وغيرها، ما يؤكد أنّ التهديدات الاسرائيلية المتكرّرة لم تؤد الى شيء، ولم تضع اللبنانيين ضمن خانة المخاوف والهواجس؛ لا بل على العكس وضعت الاعداء ضمن هذا المشهد".
وطمأنت المصادر إلى انّ "تهديدات "حزب الله" فعلت فعلها، وبأنّ فرضية اتساع الحرب لم تكن إلا من باب بث القلق، فيما النتيجة جاءت معاكسة لانّ من هدّد هو الذي يعيش المخاوف". وعمّا يحكى من قبل بعض السياسيين بأنّ الحرب على لبنان آتية لا محالة، اعتبرت أنّ "التهويلات كثيرة والتأويلات أكثر، فيما الواقع سيبقى مشابهاً لما يجري اليوم على ارض الجنوب، اي رد المقاومة على أي اعتداء اسرائيلي وبنسبة اكبر"، موضحةً أنّ "الوضع سيبقى على ما هو عليه، في انتظار الحل الجدّي والتسوية، التي لن تكون على حساب لبنان مهما جرى".