أشار الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان، في حديث لصحيفة إيرانية، بعنوان "رسالتي إلى العالم الجديد"، الى أنه "في ظل الحرب والاضطرابات السياسية بالمنطقة، اظهر النظام السياسي في إيران استقراره، من خلال إجراء الانتخابات بطريقة تنافسية وسلمية ومنظّمة، ودحض مزاعم بعض خبراء الشؤون الايرانية في بعض الحكومات، مشدداً على أنّ هذا الاستقرار السياسي واسلوب اجراء الانتخابات الزاخر بالفخر يؤكد فطنة قائد الثورة الإسلامية آية الله الخامنئي، وتفاني الشعب الإيراني في الانتقال الديمقراطي للسلطة، حتى في الظروف الصعبة".
وأوضح بزشكيان أنّه "ترشّح لمنصب رئيس الجمهورية على أساس برنامج الإصلاح، وتعزيز الوحدة الوطنية، والتعامل البنّاء مع العالم"، مضيفاً أنّه "اكتسب ثقة المواطنين في صناديق الاقتراع، حتى تلك الفئة من الفتيات والشباب غير الراضين عن الوضع العام في البلاد."
ولفت الى أن "هذه الثقة قيمة جدا بالنسبة لي وانني عازم عبر ايجاد الاجماع، في الداخل وعلى المستوى الدولي، على تحقيق الوعود التي قطعتها لشعب بلادي خلال الحملة الانتخابية".
شدّد بزشكيان على أنّ "إدارته ستجعل في سلم اولوياتها الحفاظ على كرامة إيران الوطنية ومكانتها الدولية في كل الظروف"، مشيراً الى ان" سياسة ايران الخارجية تستند إلى مبادئ العزة والحكمة والمصلحة وان تخطيط وتنفيذ هذه السياسة ملقى على عاتق رئيس الجمهورية"، مؤكداً "نيته الاستفادة من كل السلطات الممنوحة لمنصبه بهدف تحقيق هذا الهدف الشامل".
وتابع "على هذا الأساس، تعتزم ادارتي انتهاج سياسةً تعتمد على اغتنام الفرص من خلال خلق التوازن في العلاقات مع كل البلدان، على نحو يتفق مع المصالح الوطنية الإيرانية، والتنمية الاقتصادية، ومتطلبات السلام والأمن الإقليمي والعالمي".
ورحب الرئيس الإيراني بـ"الجهود الصادقة الرامية إلى تخفيف حدة التوترات"، مؤكداً أنّ إيران تحت إدارته "سترد بالمثل على حسن النية".
وأردف أنّ "طهران ستضع تعزيز العلاقات مع جيراننا على رأس أولوياتها، وستعمل على إرساء أسس منطقة قوية، بدلاً من منطقة تسعى فيها دولة واحدة لفرض هيمنتها وسيطرتها على الدول الأخرى".
وأعرب عن "اعتقاده بأنّ الدول المجاورة والشقيقة ينبغي ألا تهدر مواردها الثمينة في منافسات استنزافية، أو سباقات تسلح، أو تقييد بعضها بعضاً بلا داع ، وبدلاً من ذلك ، يجب ان يكون هدفنا خلق بيئة تمكّن الدول من تخصيص مواردها لتحقيق التقدم والتنمية في المنطقة لصالح الجميع".
وتابع "سنبادر إلى التعاون مع تركيا والسعودية وسلطنة عُمان والعراق والبحرين وقطر والكويت والإمارات، والمنظمات الإقليمية، لتعميق العلاقات الاقتصادية، تعزيز العلاقات التجارية، زيادة الاستثمار المشترك، معالجة التحديات المشتركة، والمضي قدماً نحو إنشاء إطار إقليمي للحوار وبناء الثقة والتنمية".
واعتبر بزشكيان، ان "منطقتنا تعاني منذ فترة طويلة من الحرب والتوترات الطائفية والإرهاب والتطرف وتهريب المخدرات ونقص المياه وأزمة اللاجئين والدمار البيئي والتدخلات الأجنبية وأنّ الوقت قد حان لمعالجة التحديات المشتركة بين الدول في المنطقة لمستقبل افضل للأجيال القادمة"، موضحاً أنّ "التعاون من أجل التنمية والازدهار الإقليميين سيكون المبدأ التوجيهي لسياستنا الخارجية".
واكد اننا "كدول تمتلك موارد كثيرة ومعتقدات مشتركة نابعة من تعاليم الاسلام السمحة يجب علينا نتحد وان نعتمد على قوة المنطق وليس منطق القوة".
وأكد أن "من خلال الاستفادة من طاقاتنا لايجاد المعيار ، يمكننا أن نؤدي دوراً حاسماً في النظام العالمي الناشئ بعد القطبية من خلال تعزيز السلام، وخلق بيئة هادئة مواتية للتنمية المستدامة، وتعزيز الحوار، وتبديد معاداة الإسلام".
وأردف "إيران مستعدة للقيام بنصيبها العادل في هذا الصدد، وأنا سأعمل على وقف المذبحة في غزة ومنع اتساع الحرب".
وبما يخصّ حرب الإبادة الإسرائيلية المتواصلة ضدّ قطاع غزة، أكد بزشكيان أنّ "إدارته ستحثّ، كإجراء أولي، الدول العربية المجاورة على التعاون والاستفادة من كل الوسائل السياسية والدبلوماسية، لإعطاء الأولوية لتحقيق وقف إطلاق نار دائم في القطاع، بهدف وقف المذبحة ومنع اتساع الصراع".
وشدّد على "وجوب العمل بعد ذلك لإنهاء الاحتلال المطوّل الذي دمّر حياة 4 أجيال من الفلسطينيين".
وفي هذا السياق، اكد على أنّ "جميع الدول ملزمة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الإبادة الجماعية، وليس مكافأتها من خلال تطبيع العلاقات مع مرتكبيها المجرمين".
والرئيس الإيراني أكّد أنّ كلاً "من روسيا والصين وقفتا إلى جانب طهران خلال الأوقات الصعبة"، معرباً عن "تقديره لهذه الصداقة".
وعن موسكو، أكد أنّ "روسيا حليف استراتيجي وجار مهم لإيران"، مؤكداً أنّ "إدارته ستظلّ ملتزمةً توسيع التعاون معها وتعزيزه".
وعن العلاقات بين إيران وأميركا اللاتينية، أكد بزشكيان أنّها "راسخة وسوف يتم الحفاظ عليها وتعميقها بشكل وثيق، بهدف تعزيز التنمية والحوار والتعاون في كل المجالات".
ولفت إلى وجود "إمكانات أكبر بكثير للتعاون بين إيران ودول أميركا اللاتينية، مقارنةً بما يتم تحقيقه حالياً، وأنا أتطلع للدخول في حوار بنّاء مع دول أوروبا".
وتابع "على الرغم من هذه الخطوات الخاطئة التي اتخذتها الدول الأوروبية، فانني اتطلّع إلى الدخول في حوار بنّاء مع دول أوروبا، بهدف وضع العلاقات على المسار الصحيح، استناداً إلى مبادئ الاحترام المتبادل والمساواة".
أما عن الولايات المتحدة، فشدّد الرئيس الإيراني على "ضرورة أن تعترف واشنطن بالواقع، وأن تفهم، مرةً واحدةً وإلى الأبد، أنّ إيران لا ولن تستجيب للضغوط".
واضاف "لقد دخلنا خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2015 بنوايا حسنة وأوفينا بجميع التزاماتنا بالكامل، لكن الولايات المتحدة -بسبب المشاحنات والانتقامات المتعلقة بسياساتها الداخلية- انسحبت بشكل غير قانوني من الاتفاق وبفرض عقوبات أحادية تتجاوز الحدود الإقليمية، كبدت الشعب الإيراني -خاصة خلال جائحة كورونا- خسائر ومعاناة وأضرارا لا حصر لها، وسببت خسائر لاقتصادنا بمئات المليارات من الدولارات".
وجدّد الرئيس الإيراني موقف طهران بشأن العقيدة الدفاعية، وقال "اريد التاكيد مرة اخرى أنّ العقيدة الدفاعية الايرانية لا تتضمّن الأسلحة النووية وادعو الولايات المتحدة للتعلّم من أخطاء الماضي واتخاذ سياسة جديدة وفقاً لذلك".