لفت رئيس الحكومة ​نواف سلام​ إلى أنّه "يهمّنا ونتمنّى أن نحافظ على ثقة النّاس، وهي غالية ومرتبطة بعمل الحكومة وما يمكن أن نحقّقه للنّاس"، مبيّنًا أنّ "توقّعات النّاس كانت عالية جدًّا، لأنّ الوضع كان صعبًا جدًّا والنّاس عانت من مجموعة من الأزمات المتراكمة، ويهمّنا أن نكون على قدر ثقتها".

وأوضح، في حديث لقناة "الجديد"، أنّ "منذ بدء الأحداث في ​سوريا​، اتصلت بالوزراء المعنيّين مباشرةً وبقادة الأجهزة الأمنيّة. اليوم هناك نيران حولنا، ويهمّنا أن نحفظ ​لبنان​، ولا يمكن أن يتمّ ذلك إلّا إذا حافظنا على وحدتنا الوطنيّة، وكنّا واعين ألّا ننجرّ مجدّدًا إلى أي مغامرة أو فتنة داخليّة، وأن نحصّن أنفسنا من تداعيات أي متغيّرات".

وأكّد سلام أنّ "استقرار سوريا يعنينا جدًّا، ونحن نعرف معنى الاقتتال لأنّنا عشناه ودفعنا ثمنه سنوات طويلة. ونتيجة كل ما عانيناه، نتمنّى وأد الفتنة في سوريا وأن يعود الاستقرار بالكامل إليها"، مشدّدًا على "أهميّة وحدة سوريا واستقرارها بالنّسبة لاستقرار لبنان. لكن إذا لا سمح الله لم يعد الاستقرار إلى سوريا سريعًا وطالت الأزمة، فهذا يستدعي منّا تمسّكًا أكبر بوحدتنا الوطنيّة ووعينا لمخاطر أن تدخل الفتنة إلى لبنان، لا سيّما أنّنا دفعنا أثمانًا غاليةً للفتنة والاقتتال الدّاخلي، ومن هنا أهمية البيان الصّادر اليوم عن ​الجيش اللبناني​".

وركّز على "أنّني أراهن على الجيش وحكمة القادة السّياسيّين ووعي اللّبنانيّين. واليوم هناك أجواء مشحونة وأحداث فرديّة، لكنّها لا تزال تحت سقف مضبوط، وفي اليومين الماضيين سادت أجواء الحكمة والتعقّل". ورأى أنّ "سوريا تواجه مجموعةً من المشاكل، آخرها القصف الإسرائيلي على أراضيها، وهي مهدّدة بعودة لعبة الأمم إليها ما يهدّد وحدتها، لكنّني أعتقد أنّها أمام فرصة كبيرة وذاهبة إلى الاستقرار".

كما كشف أنّ "المبعوث الأميركي توم براك آت إلى لبنان الأسبوع المقبل، والورقة الّتي قدّمها هي مجموعة من الأفكار المتعلّقة بتنفيذ إعلان ترتيبات وقف الأعمال العدائيّة، الّذي تبنّته الحكومة السّابقة، وأكّدت حكومتنا التزام لبنان بها".

وشرح سلام أنّ "الورقة تقوم على فكرة أساسيّة، هي التّلازم بين عمليّتَي الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي اللّبنانيّة المحتلّة، وإتمام عمليّة بسط سلطة ​الدولة اللبنانية​ على كامل الأراضي اللّبنانيّة وحصر السّلاح بيد الدّولة، تمامًا كما ورد في إعلان التّرتيبات المتعلّقة بوقف العمليّات العدائيّة، الّذي يحدّد الجهات الحاملة الحصرية للسّلاح داخل لبنان، والّذي تبنّاها مجلس الوزراء السّابق".

وأشار إلى أنّ "ورقة برّاك تتضمّن أفكارًا متعلّقة بالمرحليّة، ونحن تناقشنا بها، وقدّمنا عن طريق رئيس الجمهوريّة جوزاف عون ملاحظات على هذه الورقة. نحن لا نعمل في غرف سوداء". وذكر "أنّني تداولت مع الرّئيس عون أمس بالملاحظات، كما تحدّث بها مع رئيس مجلس النّواب نبيه بري، ونحن على تواصل دائم، ولا يمكن الوصول إلى قرار نهائي حولها إلّا في مجلس الوزراء، الّذي هو المرجع الوحيد لأخذ القرار".

وكرّر أنّ "الأفكار الّتي تقدّم بها براك هي لتنفيذ ترتيبات وقف الأعمال العدائيّة، وليست اتفاقًا جديدًا". وردًّا على قول الأمين العام لـ"حزب الله" الشّيخ ​نعيم قاسم​ إنّه "لا يوجد لدينا تسليم لإسرائيل، لن تستلم إسرائيل السّلاح منّا"، تساءل: "من قال أو طالب بتسليم السّلاح إلى إسرائيل؟ ليس المطلوب تسليم سلاح "حزب الله" لإسرائيل بل للدّولة اللّبنانيّة، وما يحصل من استهدافات لهذا السّلاح مؤسف. نحن نقول بحصريّة السّلاح بيد الدّولة اللّبنانيّة فقط، لا لإسرائيل ولا لأميركا ولا للشّياطين"، لافتًا إلى أنّ "أغلبيّة اللّبنانيّين واضحين جدًّا بطلب حصريّة السّلاح وحصريّة قرار الحرب والسّلم بالدّولة وحدها".

أمّا عمّا إذا كان هناك ربط خارجي بين حصريّة السّلاح وإعادة الإعمار، فأوضح سلام أنّ "تجربة الأشهر الماضية، أظهرت كم أنّ المساعدات الماليّة لإعادة الإعمار قليلة. فقد كنّا نراهن أن نحصل على أموال أكثر من الدّول المانحة، وشئنا أم أبينا هناك ربط غير مباشر بين الموضوعَين. كلفة إعادة الإعمار تقدّر بـ14 مليار دولار، لكن كلّ ما حصلنا عليه هو 250 مليون دولار من البنك الدّولي، 350 مليونًا من وكالات أمميّة، وهناك وعد فرنسي بـ75 مليون دولار، ومن العراق 20 مليونًا".

وأضاف: "الصّناديق والدّول المناحة تربط أي مساعدات بالإصلاحات، وبالاستقرار الّذي هو عنوان آخر لموضوع حصر السّلاح"، مؤكّدًا أنّ "هناك خوفًا من تصعيد إسرائيلي، ولكن في المقابل لدينا فرصة العمل الجاد على تنفيذ القرار 1701، والانخراط الإيجابي مع الأفكار الّتي قدّمها براك، لأنّها تؤدّي إلى انسحاب إسرائيلي كامل ووقف الأعمال العدائيّة. لكن لدينا ملاحظات على الورقة، ونعمل على تحسينها وإعادة التّوازن لبعض النّقاط فيها"، جازمًا أنّ "لا أحد سيتنازل عن الثّوابت اللّبنانيّة".

واعتبر أنّه "لولا سلاح المقاومة، لما تحرّر جنوب لبنان عام 2000، لكن بعد ذلك فوّتنا فرصةً كبيرةً لحصريّة السّلاح وتسليح الجيش اللّبناني. وفي السّنتين الأخيرتين، تبيّن أنّ السّلاح لم يردع إسرائيل لأنّها قامت بما قامت به"، متسائلًا: "كيف حمانا هذا السّلاح؟ لا حماية إلّا داخل الدّولة وبتعزيز القدرات العسكريّة للجيش والقوى المسلّحة، وهذا السّلاح يجب أن يكون تحت إمرة الدّولة".

وأعلن "أنّني مع السّلام كما ورد في مبادرة السّلام العربيّة المنبثقة عن قمّة بيروت عام 2002، وهي قائمة على فكرة الأرض مقابل السّلام. نحن بحاجة إلى سلام عادل وشامل، وهذا لا يعني التطبيع، لكنّ السّلام قد يفتح باب التطبيع".

من جهة ثانية، أشار سلام إلى "أنّني أتحدّى أن يكون قد جرى تعيين أي مسؤول من خارج آليّة التّعيينات الّتي أقرّها مجلس الوزراء، باستثناء الأسلاك الّتي لا تخضع لها".