بدّل مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني مسار المعركة التي تشنّ ضده بتسليمه علماء الدين دار الفتوى. هذه الخطوة تعني تحميل علماء الدين مسؤولياتهم بالدفاع عن دار الإفتاء ومقام مفتي الجمهورية. لم تأت خطوة قباني من العدم وهي ليست عبثية. فالرسالة التي وجهها واضحة: لا يجب أن يتحكم العلمانيون في علماء الدين، لأن دور العلمانيين في المجلس الشرعي هو معاونة المفتي في الاهتمام بشؤون الطائفة، بحسب ما ينص عليه المرسوم رقم 18 الذي يدافع المفتي عنه.

حالياً، باتت دار الفتوى بإدارة أربعة علماء دين هم الشيخ هشام خليفة المدير العام للأوقاف الاسلامية، والشيخ أمين الكردي أمين الفتوى، والشيخ صلاح الدين فخري مدير الشؤون الادارية، والشيخ يوسف إدريس الأمين العام للمجلس الشرعي. توسيع المفتي لدائرة المعركة أحرج رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والنائب فؤاد السنيورة. فالمعركة الآن ليست محصورة بالمفتي فقط، بل أصبحت تطال أكثر من ألف عالم دين متضامنين مع المفتي. يشرح الشيخ خليفة خطوة المفتي قائلاً إنها موجهة إلى الذين «يتلاعبون بالقرارات. إن هذه الدار هي للعلماء، والعلماء هم من سيتولى حماية المراسيم (رقم 18) ومنع الاقتراب من مقام مفتي الجمهورية». يضيف خليفة أن «المعركة أخذت منحى جديداً، فالتهديد والكلام اللذان صدرا لا يليقان بعلماء الدين، فكيف يوجهونه الى مفتي الجمهورية».

يستغرب خليفة تصرفات أنصار تيار المستقبل في المجلس الشرعي، لأن «المسؤول عن الطائفة هو مفتي الجمهورية وأعضاء المجلس الشرعي يعاونونه، أي إن العلمانيين والمدنيين هم في خدمة الطائفة وعلماء الدين، وخطوة المفتي هذه أكدت المؤكد، وأن دار الإفتاء لعلماء الدين». وفي حديث مع «الأخبار»، يهاجم الشيخ خليفة أنصار تيار الحريري في المجلس، الذين يتعاملون مع «دار الإفتاء كمركز انتخابي أو مركز حزبي، ويحدثونك عن الديموقراطية وهم في المجلس منذ 7 سنوات ولا يريدون تسليم المجلس الشرعي». يتمنى خليفة على الرئيس نجيب ميقاتي «المعروف عنه أنه حكيم ويجيد تدوير الزوايا وهو الذي يعالج حالياً الكثير من القضايا العالقة في أكثر من موضوع، أن يعود الى موقفه الذي كان معروفاً عنه منذ شهرين، وألا ينجرف وراء الضغوطات المعنوية، على أمل أن تكون خطواته المقبلة لرأب الصدع».

من جهتها، تقول مصادر الرئيس عمر كرامي إن خطوة المفتي «لا معنى لها ولا تساهم في حل الأزمة». وتضيف: «المطلوب من المفتي إجراء إصلاحات داخل الدار، والرئيسان كرامي و(سليم) الحص أكدا على عدم المساس بمقام مفتي الجمهورية». وهل ستتخذ إجراءات ضد قباني لعدم دعوته المجلس الشرعي للاجتماع؟ تؤكد مصادر كرامي أن «خطوة عزل المفتي لم تعد مطروحة، ولن يعقد رؤساء الحكومة أي جلسة في الاسبوع المقبل للبحث في الخطوة التي أقدم عليها قباني»، مؤكدة أن «الاتصالات بين قباني وميقاتي لا تزال قائمة عبر وسطاء لإيجاد حل للأزمة التي تمر بها دار الإفتاء». أما مصادر رئيس الحكومة فتؤكد أنه «لن يعزل المفتي قباني». مؤكدة أن «تسليمه دار الإفتاء لعلماء الدين لا تعني شيئاً».

ويقول مقربون من مفتي الجمهورية أن تسليم علماء الدين لشؤون دار الإفتاء تأكيد على أن «المفتي كان يخوض المعركة عنهم، وهي الآن معركتهم أيضاً». تضيف المصادر «وقد جاءت الخطوة للتأكيد أن علماء الدين هم من يديرون شؤونهم وليس العلمانيون».